عاش نادي الحكمة في السنوات القليلة الماضية اصعب فتراته على الإطلاق. كدنا نعتقد انّه يلفظ أنفاسه الاخيرة قبل الموت. كلام كثير سمعناه، احدهم قال “مش مشكلة ما يكون في كرة السلة بالحكمة، في كرة القدم”. احدهم ايضاً قال “سأدفن نادي الحكمة”. كلام كثير قيل هنا وهناك. البعض بدأ ربما مراسم الدفن ظناً انّ نادي الحكمة انتهى. لكن هؤلاء ربما، أساءوا الظن، بمن هو جمهور الحكمة. ظنوا على الارجح انّ هذا الجمهور مسيّر او يحتاج الى قائد يسيرون وراءه. لكنهم لم يعرفوا انّ هذا الجمهور قادر في لحظة مفصلية ودقيقة على تغيير مسار بأكمله. هذا الجمهور الذي تداعى بالآلاف عبر مواقع التواصل الإجتماعي. نظّم نفسه بنفسه. ربما هناك من شجّعوا افرادا على القيام بتحركاتهم. لكن لا احد يمكنه إقناعنا انّ الآلاف نزلت الى ساحة ساسين بدفع من طرف او ذاك. هذا الجمهور لم ينتظر إشارة بل تصرّف بكل عنفوان ووفاء للنادي الاحب على قلبه. فتأكدنا انّ البعض أخطأ كثيراً بما قاله. لا يا سادة، كرة السلة لا تُدفن في نادي الحكمة. والحكمة لن يُدفن طالما انّ هناك جمهوراً وفياً وقف خلف ناديه في السرّاء والضرّاء.
ثورة الوفاء، كما اصطلح على تسميتها، هي الحقيقة الساطعة والتي ستبقى خالدة في وجدان الرياضة اللبنانية، وكرة السلة اللبنانية على وجه الخصوص. صحيح لم يمرّ سوى ايام قليلة على إنتخاب لجنة إدارية جديدة، وصحيح ايضا وايضا انّ غزير كانت مسرحاً لإشكال بشع قام به بعض المشجعين المتهورين لكنّ هناك حقيقة واحدة دامغة: نادي الحكمة استعاد اخيراً هيبته بإدارة راشدة برئاسة اكثر الاشخاص اهلية بمنصبه إيلي يحشوشي، وبرفقته شخصيات لها وزنها، والحقيقة الثانية انّ الصورة التي لن يستطيع احد تغييرها عن جمهور نادي الحكمة ستبقى برمزية ما قام هذا الجمهور وفاء لناديه.
لا شك انّ ورشة عمل كبيرة وكبيرة جداً تنتظر الإدارة الحالية، ورشة عمل تكاد تكون من الاكبر على الإطلاق لأي ناد رياضي. فالنادي في موت سريري منذ عقد ونيّف من الزمن والإدارة الجديدة تستلم النادي وهو مفرغ من أي شيئ سوى امر واحد وهو جمهوره. عدا ذلك، فثمة حاجة للسير على خطين متوازيين: الاول آني يتعلّق بوضع فريقي السلة والقدم وتطويرهما وصولاً الى المنافسة على الالقاب تحديدا في كرة السلة، والثاني يتعلق بالامد البعيد عبر بناء ارضية صالحة تشبه اي ناد رياضي يحترم نفسه من لجان فاعلة الى اكاديميات وإعلام قويّ يعكس وينقل صورة النادي الصحيحة …
فألف تحية الى جمهور الحكمة الذي اصبح رمزا للوفاء، لم يتعب ولم يملّ، رغم كل ما مرّ عليه من صعوبات. واليوم يعود نادي الحكمة ليزهّر أملا واحلاما، صحيح انّها مبكرة، لكنها محقة مع إدارة واعدة وجمهور لا يتزحزح عن حبّه الاول والاخير…