هل ثمة علاقة بين عودة النشاط على خط تأليف الحكومة والتخفيض الائتماني للبنان الذي اعتمدته مؤسسة «موديز» من B3 سلبي إلى CAA1 ومن ثم تعديله إلى مستقر، في أعقاب التفاؤل الذي اشاعه الرئيس نبيه برّي بعد لقائه الرئيس المكلف سعد الحريري، فضلاً عن تلبد الأجواء الساخنة في المنطقة مع اتساع المواجهة الأميركية الإيرانية، واستئناف قوات الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب اعمال تدشيم الجدار الفاصل على الحدود بالاسلاك الشائكة، مع إقامة دشم مسلحة، بما يستوجب تحصين الساحة الداخلية وتدعيمها بحكومة وفاق وطني لا تُكرّس جنوح لبنان نحو محور من المحاور المتنازعة في المنطقة؟
وبالتالي، هل يمكن القول ان نافذة أمل حقيقية فتحت هذه المرة باتجاه السماح بولادة الحكومة قبل ان تدخل شهرها التاسع غداً؟ وهل اقتنع المعطلون والمعنيون بالتأليف، ان الحاجة باتت ماسة لحكومة لبنانية بمعزل عن الصراع الحاصل في المنطقة، وعدم الافساح في المجال لشياطين التفاصيل والحقائب والتمثيل لأن تعطل عملية التشكيل مثلما دأبوا على مدى الأشهر الثمانية الماضية؟
لا أحد يملك جواباً، ربما باستثناء أهل الحل والربط، وما عدا واقعة تصنيف «موديز»، خصوصاً وأن اللبنانيين ملوا من تكرار إطلاق المواعيد، ولم يعودوا يصدقون، حتى يصبح «الفول في المكيول» على حدّ تعبير رئيس المجلس، وحتى يلمسوا باليد مرسوم التشكيل مع الصورة التذكارية للحكومة العتيدة.
ومع ذلك لا يمكن نكران ان حركة ناشطة على خط تأليف الحكومة، سجلت منذ ارفضاض القمة الاقتصادية في بيروت، وكان البارز فيها، أمس زيارة الرئيس الحريري إلى عين التينة، غداة لقائه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، وقبله رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الذي تحدثت معلومات عن احتمال زيارة أخرى له إلى «بيت الوسط» مستقبلاً.
ولئن حرص الرئيس الحريري على البقاء بعيداً من الأضواء، وخرج من عين التينة من باب آخر، لتفادي لقاء الصحافيين، كان لافتاً للانتباه تقصد الرئيس برّي إشاعة أجواء تفاؤلية، مؤكداً ان الحريري بصدد تكثيف مساعيه، ويأمل بأنه في خلال أسبوع قد تبصر الحكومة النور، وربما أقل من أسبوع، إلا أن رئيس المجلس رفض الإفصاح عن الطروحات الجديدة للحكومة، لكنه أكّد ان صيغة حكومة من 32 وزيراً لم تعد مطروحة، وليس هي التي يجري البحث حولها.
ووصف برّي علاقته بالرئيس ميشال عون وبالوزير باسيل بأنها «كتير منيحة»، وكذلك لا مشكلة على الإطلاق بينه وبين الحريري ككتلي «التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة».
ورداً على سؤال حول اقتراح النائب جميل السيّد بدعوة المجلس إلى عقد جلسة لسحب التكليف من الرئيس الحريري، قال بري: «اعرف واجباتي واعرف مصلحة البلد، وتركيبة البلد، ومكونات البلد، وماذا يحتاج البلد، وأكثر ما يحتاجه هو حكومة، خصوصا وان الاعتداءات الإسرائيلية على اشدها ليس في سوريا فقط وإنما على لبنان أيضاً لأن سماء لبنان تستعمل دائماً، وبالتالي أي تطوّر في وضعنا الحالي، حيث لا حكومة ولا من يفرحون، ولا من يحزنون، تشكّل خطرا على مصير البلد».
اضاف: «آن الآوان لأن يرتفع الجميع عن وسواساتهم الداخلية ونزاعاتهم الشخصية».
ونفى برّي ان يكون قد تحدث مع الحريري في موضوع تفعيل حكومة تصريف الأعمال، لكنه استدرك بأنه إذا لم يحصل وعد قاطع بتأليف الحكومة، فإنه سيطلب انعقاد مجلس الوزراء للسير في موضوع الموازنة، إضافة إلى إمكانية عقد جلسات تشريعية».
اما أوساط عين التينة، فقد رفضت بدورها الكشف عمّا دار من حديث بشأن الحكومة، بين الرئيسين برّي والحريري في لقائهما الذي لم يستغرق أكثر من نصف ساعة، لكنها أكدت ان رئيس المجلس لمس جدية من الرئيس المكلف لإنجاز عملية تشكيل الحكومة، وانه وعده بأن ولادة الحكومة ربما تكون في أقل من أسبوع.
وبشأن ما قيل بأن الرئيس برّي نجح بنزع فتيل خطير من مقررات القمة العربية الاقتصادية يقضي بتوطين النازحين السوريين، أوضحت مصادر عين التينة بأن البيان الختامي للقمة بشأن النازحين عرض على الرئيس برّي قبل اذاعته، فاقترح شطب عبارة: “العودة أو التعويض على النازحين”، فتم التجاوب معه، وصور البيان بالشكل الذي تلاه الوزير باسيل.
في المقابل، التزمت أوساط “بيت الوسط” الصمت حيال المداولات التي جرت في لقاء عين التينة، باستثناء معلومات تحدثت عن حل يتم العمل على انضاجه لا يشمل توسيع الحكومة ولا يعطي الثلث المعطل لأي فريق، والتفاهم على شخصية لتمثيل نواب سُنة 8 آذار لا تستفز أحداً.
وأوضحت المعلومات ان صيغة حكومة من 32 وزيراً لم تعد واردة وليست مطروحة، وكذلك موضوع التعديل في الحقائب، مشيرة إلى ان النقطة التي ما زالت عالقة تتركز اساسا على الصيغة التي يجب التفاهم عليها حول “تموضع” الوزير الذي سيمثل نواب سُنة 8 آذار، الذين يجمعهم “اللقاء التشاوري”، من دون مشاركة مع أحد، أو بمنى أوضح طبيعة العلاقة التي ستكون بين هذا الوزير وبين “التيار الوطني الحر”، طالما انه سيتم توزيره من حصة رئيس الجمهورية، وبالتالي فإن هذه العلاقة يفترض ان تكون علاقة تعاون من دون ان يحضر اجتماعات نواب التيار.
وفي هذا السياق، قالت مصادر “اللقاء التشاوري” لـ”اللواء”: “بأن لا مشكلة لدينا بالتنسيق مع الرئيس عون في مجلس الوزراء حول كل الأمور إذا تمّ اختيار وزير من حصة اللقاء ويلتزم قراراته”.