كتبت آمال خليل في صحيفة “الأخبار”:
أتمّ كل من الرهبانية المارونية وفهد وهند الحريري الثلاثاء الفائت في العاصمة الفرنسية، عقد بيع مجمّع كفرفالوس الجامعي. وعليه، ابتداءً من نهاية شهر شباط المقبل، ستنتقل ملكية المجمّع والعقار الذي يقوم فوقه، من ورثة الرئيس رفيق الحريري إلى الرهبانية والمؤسسة المارونية للانتشار وعدد من المتموّلين من أبناء جزين. الصفقة جاءت نتيجة أشهر طويلة من المفاوضات بين الجانبين، أعقبت تجاذباً حاداً كان يأخذ طابعاً مناطقياً وطائفياً كلما عرض أحد من غير المسيحيين شراء العقار.
نهاية السبعينيات من القرن الماضي، شرع الحريري الأب بتشييد المجمّع في كفرفالوس عند الحد الفاصل بين صيدا و جزين. تزامن تشييد الجامعة والمستشفى مع الحرب الأهلية وما تخللها لاحقاً من تهجير للمسيحيين في شرقي صيدا، دفع البعض إلى ربطه بما راج حينها عن نيات طائفية للحريري في المنطقة. وبرغم أن الاجتياح الإسرائيلي عطّل إنجاز المجمّع وافتتاحه عام 1982، إلا أن «الوسواس» بقي مادة يستخدمها بعض السياسيين في جزين، للتحريض الطائفي. انتهت الحرب الأهلية، وتبوأ الحريري رئاسة الحكومة، لكن المجمّع بقي مهجوراً. بعد اغتياله، آلت ملكيته إلى عدد من أبنائه، من بينهم فهد وهند. في الأعوام الأخيرة، تلقى الأبناء عروضاً عدة لشراء العقار (من ضمنه المجمّع) الذي تبلغ مساحته مليوناً و600 ألف متر. وكلما شاع الحديث عن موافقتهم على بيع العقار لرجال أعمال من غير المسيحيين، كانت عاصفة غضب تسطع سياسياً، تؤدي إلى إلغاء الصفقة. خلال الانتخابات النيابية الأخيرة، وإثر انفصال عقد التحالف بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، تحول عقار الحريري إلى مادة انتخابية. البعض استخدمها لتخويف الجزينيين، فيما استخدمتها النائبة بهية الحريري لاستمالتهم عبر التعهد بتأهيل المجمّع وتشغيله. شد الحبال عززه شراء الرئيس سعد الحريري ورجل الأعمال علاء الخواجة من فهد الحريري، للعقار المجاور للمجمّع الذي كان قد اشتراه الحريري الأب في السبعينيات. علماً بأن الرئيس الحريري قايض مع شقيقه فهد حصته في عقار المجمّع بحصته في العقار الثاني. النية الظاهرة لإنشاء مشروع زراعي في العقار، وشكوك الجزينيين في تحويله إلى كسارة ومقلع، عززا الحزازيات بين الحريري والمنطقة. حينها، دخل على الخط عدد من أبناء المنطقة، ولا سيما من المنضوين تحت المؤسسة المارونية للانتشار، عارضين شراء العقارين بإشراف من البطريرك بشارة الراعي. مصادر مواكبة للملف قالت إن «المفاوضات مع فهد وشقيقته هند لشراء عقار المجمّع أفضت إلى نتيجة، إلا أن الرئيس سعد الحريري رفض بيع العقار الثاني».
مصادر متابعة للقضية أوضحت لـ«الأخبار» أن «الراعي كلف راعي أبرشية صيدا ودير القمر للموارنة المطران مارون العمار التفاوض مع الشقيقين فهد وهند، إلى جانب رئيس المؤسسة شارل الحاج ونائبه فادي رومانوس وآخرين، منهم سمير عون، الذين كانوا ينسقون مع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي تواصل مع الرئيس الحريري بهذا الشأن. الرهبانية والحاج ورومانوس وعون وآخرون ممن دفعوا ثمن العقار، بموجب بنود الصفقة باتوا يتقاسمون حصص ملكية المجمّع والعقار. في حديث لـ«الأخبار»، قال النائب زياد أسود الذي أسهم في الملف، إن المجمّع «سيُعاد تأهيله وتشغيله لخدمة أبناء المنطقة تعليمياً وصحياً بهدف تثبيتهم في قراهم وتمتين علاقة جزين بصيدا».
لكن ماذا عن عقار كفرفالوس 2؟ في اتصال مع «الأخبار»، أوضح رئيس بلدية كفرفالوس بول الشماعي، أن العقارين منفصلان في الخرائط وفي الملكية. ولفت إلى أن شركة «تلال البلوط» أنجزت دراسة الأثر البيئي للمشروع الزراعي. اتحاد بلديات جزين يقوم حالياً بدراسة الأثر البيئي لمقارنتها بنتائج دراسة أصحاب العقار للتأكد من أنه قابل للزراعة. الشماعي أشار إلى أن البلدية تعمل على تصنيف العقار زراعياً لضمان عدم التلاعب بوجهة الاستثمار.