كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:
لائحة الحبوب التي وصفها العلماء بالـ«Superfoods» هي طويلة، ولعلّ أوّل ما تُفكّرون فيه هو الكينوا أو الفريكة. لكن هل سبق لكم أن سمعتم بالقُطيفة (Amaranth) واطّلعتم على قيمتها الغذائية وفوائدها الصحّية الواعدة؟
صُنِّفت القُطيفة بالـ«Pseudocereal»، أي انها ليست فعلياً نوعاً من الحبوب كالقمح والشوفان، ولكنها تملك مغذيات مُشابهة وتُستخدم بطُرق مماثلة. فهل يمكن أن تكون أفضل من الحبوب الأخرى الشائعة الاستهلاك؟
لمعرفة كل الحقائق عن القُطيفة، أجرت «الجمهورية» حديثاً خاصّاً مع اختصاصية التغذية ناتالي جابرايان، التي أشارت إلى أنّ «هذا النوع من الحبوب المغذّية يتميّز بغناه بالبروتينات، والألياف، والمغذيات الأساسية كالمنغانيز والماغنيزيوم والفوسفور والحديد، ومضادات الأكسدة. إنّ كوبا واحدا (246 غ) من القُطيفة يؤمّن 28,1 غ من البروتينات مقارنةً بالكمية ذاتها من الشوفان التي تحتوي 26.3 غ، والأرزّ 13,1 غ. كذلك فإنّ كوباً واحداً من القُطيفة يزوّد الجسم بنحو 15 ملغ من الحديد و18 ملغ من الألياف مقارنةً بالأرزّ الذي يحتوي فقط على 1,5 ملغ من الحديد بـ2,4 ملغ من الألياف».
ولفتت إلى أنه «في الأنظمة الغذائية النباتية، يُعتبر المحتوى البروتيني لكلّ من التُرمس وفول الصويا الأقرب إلى البروتينات الحيوانية، والآن يجب إضافة القُطيفة إليهما. وخلُصت الأبحاث التي أُجريت في البيرو إلى أنّ دقيق القُطيفة أو حبوبها أو رقائقها هي مصدر ممتاز للبروتينات والدهون الجيّدة. والخبر السارّ أنّ بروتيناتها سهلة الهضم، ويمكن استهلاكها كطبق بمفرده لأنها تجمع أهمّ المغذيات وبالتالي لا حاجة إلى إضافة مكوّنات أخرى».
وتابعت قائلةً إنّ «القُطيفة تُعتبر مصدراً مهمّاً للحامض الأميني الأساسي «Lysine»، وقيمتها الغذائية تُشبه تلك الخاصّة بالحليب والجبنة ولكنّ هضمها يكون أسهل لانتمائها إلى العائلة النباتية. وما يُميّزها أنها من بين الحبوب الوحيدة التي تحتوي على الفيتامين C. أمّا الخبر الذي سيُعجب مرضى السيلياك والأشخاص الذين يشكون من الحساسية على الغلوتين، فهو أنّ القُطيفة خالية طبيعياً من هذا النوع من البروتينات المتوافر في العديد من الحبوب الشائعة مثل القمح، والشعير، والجاودار».
وبالنسبة إلى انعكاساتها على الصحّة، كشفت جابرايان أهمّ المنافع التي يمكن استمدادها جراء استهلاك القُطيفة بانتظام:
توفير مضادات الأكسدة الحامية من الأمراض
إنّ مضادات الأكسدة عبارة عن مُركّبات تساعد على العمل ضدّ الجذور الحرّة التي تُلحق الضرر بالخلايا وتساهم في نمو الأمراض المُزمنة. الخبر الجيّد أنّ القُطيفة مصدر جيّد لمضادات الأكسدة المُعزِّزة للصحّة. إنها تحديداً مليئة بحامض «Vanillic»، وحامض «Gallic» اللذان يَقيان من المشكلات الصحّية كأمراض القلب والكبد والسرطان.
خفض الالتهاب
توصلت دراسات عديدة إلى أنّ القُطيفة تملك خصائص مضادة للالتهاب، وبالتالي فهي تحمي من الأمراض المُزمنة كالسرطان والسكري ومشكلات المناعة الذاتية. كذلك فهي مفيدة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون الحساسية والعجز عن هضم مواد معيّنة.
تقليص مستويات الكولسترول
تتميّز القُطيفة بقدرتها على خفض مستويات الكولسترول العالية. ولقد بيّنت إحدى الدراسات التي نُشرت في «International Journal for Vitamin and Nutrition Research» أنّ هذه الحبوب قد خفّضت معدل الكولسترول السيّئ (LDL) بنسبة 15 إلى 22 في المئة، ومجموع الكولسترول بنسبة 30 في المئة تقريباً، في مقابل ارتفاع النوع الجيّد (HDL).
خسارة الوزن
القُطيفة غنيّة بالبروتينات والألياف، وهي المغذيات التي تساعد على دعم الجهود المبذولة لخسارة الوزن. بيّنت إحدى الدراسات أنّ الفطور المليء بالبروتينات قد خفّض مستويات هورمون «Ghrelin» الذي يحفّز الجوع.
وفي بحث آخر شمل 19 شخصاً، رُبط النظام الغذائي الغنيّ بالبروتينات بتقليص الشهيّة والسعرات الحرارية المستهلكة. فضلاً عن أنّ الألياف المتوافرة في القُطيفة تُبطئ عملية الهضم وتساعد على توفير الشبع لوقت أطول.
فبحسب دراسة شملت 252 امرأة لنحو 20 شهراً، تبيّن أنّ زيادة استهلاك الألياف ارتبط بخفض احتمال ارتفاع الوزن وتراكم دهون الجسم. ولتحقيق أفضل نتيجة مُمكنة، لا بدّ من الحرص على مزج القُطيفة مع نظام غذائي صحّي ونمط حياة مُفعم بالحيوية.
وأوضحت أنه «على رغم كل هذه الفوائد الصحّية المذكورة، لا بدّ من إجراء دراسات إضافية لتحديد طريقة تأثير القُطيفة في البشر بما أنّ النتائج التي تمّ التوصل إليها حتى الآن اقتصرت على الحيوانات».
كيف يمكن استخدامها؟
أفادت خبيرة التغذية أنّ «القُطيفة سهلة التحضير ويمكن استعمالها في أطباق عديدة مختلفة. وقبل طبخها، من الجيّد نقعها في المياه بهدف برعمتها من يوم إلى 3 أيام، بما أنّ هذه الآلية تُسهّل قدرة الجسم على هضمها وامتصاص المغذيات منها».
وأضافت: «أمّا فيما يخصّ أصول طبخها، فلا بدّ من لفت الانتباه إلى أنّ القُطيفة تتطلّب الكثير من المياه، بحيث أنّ كل كوب منها يحتاج إلى 6 أكواب ماء. تُترك المقادير حتى تغلي، ثمّ يتمّ خفض الحرارة وطبخها على نار هادئة لنحو 20 دقيقة حتى تمتصّ المياه. وبعد ذلك يمكن الاستمتاع بهذه الحبوب المغذية إن من خلال إضافتها إلى الـ«Smoothies» لتعزيز مُحتوى الألياف والبروتينات، أو استخدامها في الأطباق بدل المعكرونة والأرزّ والكُسكس، أو مزجها في الشوربة لزيادة سماكتها، أو تحضيرها على شكل رقائق صباحية ومزجها مع الفاكهة والمكسرات والقرفة».
وخِتاماً، علّقت جابرايان قائلةً إنه «لا شكّ في أنّ القُطيفة هي من الحبوب المغذية جداً والتي تملك منافع صحّية عديدة واعدة، لذلك من المهمّ بدء إدخالها إلى النظام الغذائي وتناولها بمختلف الأشكال تفادياً للملل منها. ويبقى الأفضل التنويع في مختلف أنواع الحبوب الجيّدة لتزويد الجسم بكافة الخصائص الغذائية والصحّية».