كتبت إيلده الغصين في “الاخبار”:
انهيار التربة على دفعات خلال الأسابيع الماضية في جبل حامات، أو جبل رأس الشقعة كما يعرفه الشماليّون، راكم الصخور والأتربة على المسلك الغربي (طرابلس باتجاه بيروت) من أوتوستراد شكا – البترون. الخطر على الطريق لا يزال قائماً والانهيارات لم تتوقّف، والأسباب عدة، منها المتعلّق بطبيعة الجبل وكمية المتساقطات، ومنها ما كان بالإمكان تفاديه. أما إيجاد الحلول الجذرية فيتطلّب وقتاً طويلاً بحسب المعنيّين، لذا تقرّر إقفال المسلك الغربي نهائياً قرب نقطة الانهيار مع إبقاء السير سالكاً على المسلك الشرقي (باتجاه الشمال) مع تحويلة قصيرة عند نقطة الانهيار.
مصادر وزارة الأشغال أوضحت لـ«الأخبار» أن «الخبراء أفادوا بأن التربة في المنطقة من النوع الذي يتضاعف حجمه كلما تعرّضت للأمطار، وقد طلب أحد المكاتب الاستشارية مهلة 90 يوماً لتقديم دراسة بشأن كيفية معالجة الانهيار لأن المشكلة دقيقة وحساسة». لذلك، قررت الوزارة «البدء بإزالة الردميات تدريجاً بعد ترك التربة تجف، والبدء بالمرحلة الثانية عبر تدعيم الحائط الجانبي (طوله 130 متراً) وفتح المسلك الشرقي بالاتجاهين، ثم درس الحلول الجذرية وفقاً للأصول». وعليه، «لا موعد حاسماً لفتح الطريق، والأمر متروك للمعالجة الميدانيّة».
ولكن ألم يكن ممكناً تفادي الانهيار أو الحدّ منه عبر تدعيم جدران الدعم المخصّصة لجبل حامات على أوتوستراد شكا وصيانتها بشكل مستمرّ ورفع الردميات المتراكمة خلفها؟ تردّ وزارة الأشغال العامة بأن «تلك الجدران قائمة منذ عشرات السنوات ولم يظهر عليها أي تشققات أو ضعف. لكن قوة العاصفة وكمية الأمطار المتساقطة وعوامل أخرى أدّت إلى انهيار التربة من أعالي الجبل وانهيار جدران الدعم معها».
«طبيعة التربة ونفاذ المياه وتجمّعها في طبقات جبل رأس الشقعة يشكّلان العامل الأساسي الذي يجعل الجبل قابلاً للانهيار، وبالتالي قطع الطريق نهائياً» بحسب رئيس التجمع اللبناني لحماية البيئة المهندس رفعت سابا، مشدداً على «ضرورة دراسة مجاري المياه وتسرّباتها إلى الطبقات الداخليّة للجبل». إذ إن طبقة الجبل السطحيّة «شبه كلسيّة (حُواريّة) تتسرّب إليها المياه بشكل كبير. وتشوبه شلقات على جهاته كافة تعود لعشرات السنين، بفعل تعرّضه لزحلات متتالية».
إلى تقصير الوزارات المتعاقبة والتغيرات الجيولوجية، تضاف أسباب عدة لانهيار الجبل، منها الحرائق التي قضت على ما بقي عليه من أشجار، البناء فوقه وحفر الجور الصحيّة الذي زاد من نفاذ المياه إلى داخله وتشبّع التربة بها، الأشغال المحيطة في سدّ المسيلحة، وأعمال التفجير في شركات الترابة القريبة… أما الأملاك الخاصة حول النفق (منها تملكه إحدى شركات الترابة) فربما تشكّل عائقاً آخر لأي أشغال لاحقة.
محافظ الشمال رمزي نهرا طالب، في اتصال مع «الأخبار»، بـ«فتح ورشة طوارئ اليوم قبل الغد»، لأن انتظار جفاف التربة «حجة واهية، وقد ننتظر حتى حزيران ليجفّ الجبل، خصوصاً أن هطول المطر قد لا يتوقّف».
إقفال المسلك الغربي، أدى إلى تحويل الطريق من الشمال إلى بيروت إلى داخل قرى شكا وحامات وسلعاتا وكوبّا وصولاً إلى البترون، مما يسبب زحمة سير خانقة في أيام نهاية الأسبوع. إعادة العمل بالمسلك الشرقي بالاتجاهين، قبل يومين، لم يحل دون عبور الطرق الداخلية عبر القرى، «والخطر الكبير الذي تشكّله السيارات التي تمرّ بسرعة جنونية داخل البلدات عبر طريق طرابلس – بيروت القديم، خصوصاً أن الطريق لا يتحمّل هذا القدر من السيارات»، بحسب رئيس بلدية سلعاتا جورج سلّوم.