في الثامنة مساء السبت، يطل أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله عبر قناة “الميادين” في “حوار العام” مع الإعلامي غسان بن جدو. إطلالة استبقتها المحطة بحملة دعائية ترويجية واسعة عبر شاشتها ركزت على ان الامين العام سيخرج عن صمته ويجول في ملفات كثيرة من عملية “درع الشمال” الى الازمة السورية ومخاض تسويتها السياسية وملف تشكيل الحكومة المتعثر. هذه الاطلالة يفترض ان تطمئن محور المقاومة والممانعة وانصاره الى صحة السيد بعدما تناولته موجة واسعة من الشائعات تحدثت عن خضوعه لعلاج اوجب غيابه عن الواجهة السياسية، جنح بعضها في التكهنات الى حد الحديث عن وفاته.
لا شك ان ظهور نصرالله السبت فيه من الاهمية ما لا يجوز التغاضي عنه، فهو حكما سيستقطب الانظار والاهتمامات المحلية والخارجية لاعتبارات تتصل شكلا بالزمان والمكان، ومضمونا بالمواقف المتوقع ان يحددها من سلسلة الاستحقاقات الساخنة في لبنان والاقليم، بحيث يكون لها وقعها وابعادها في السيناريو الجاري العمل على نسجه لبنانيا على مستوى تشكيل الحكومة العالقة في شباك الارتباطات الخارجية منذ تسعة اشهر، واقليميا مع التطورات الميدانية السورية و”الاطلالات” العسكرية الاسرائيلية المتكررة عليها.
وفي انتظار “حوار العام” وجديد “حزب الله”، تعتبر اوساط سياسية مراقبة، عبر “المركزية”، ان نصرالله يطل في لحظة سياسية بالغة الدقة بالنسبة الى محور الممانعة المحاصر على ما يبدو برزمة العقوبات الاقتصادية واشتداد الخناق المالي عليه ومؤتمر وارسو في 13 و14 شباط المقبل الذي يتوقع ان يخرج بمقررات غير متساهلة مع ايران وممارساتها في الدول العربية، والحزب لن يكون بعيدا منها، على رغم خلو عناوينه الاساسية من اي اشارة الى حزب الله او ايران، الا ان اللهجة الاميركية اوحت بأكثر من ذلك، وهو ما دفع لبنان الى عدم المشاركة في المؤتمر، بحسب ما علمت “المركزية” من مصادر دبلوماسية عليمة، التزاما بسياسة النأي بالنفس ولمشاركة اسرائيل، المفترض ان تعمم على المستويات كافة.
والاهم من كل ما تقدم، تضيف الاوساط، ما يدور على ساحة التسويات السياسية في اطار مشروع السلام الجاري العمل على تنفيذه في المنطقة برمتها، وابرز مؤشراته ما تردد من معلومات عن ان وزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي زار السيد نصرالله في الضاحية وطمأنه الى ان لا نيات عدوانية إسرائيلية تجاه الحزب، وأن السلطنة التي تعمل على خط الوساطة بين تل أبيب وطهران قطعت شوطا كبيرا على مستوى التفاهم بين الطرفين، واستتباعا الحديث عن ان طهران سلمت تل أبيب خرائط الانفاق التي دمرتها إسرائيل من دون اي اعتراض من “حزب الله” نتيجة التسوية المشار اليها، ذلك ان وضع الحزب، اذا ما صحت المعلومات، لن يكون على قدر من الارتياح، لكن الامين العام الذي يتقن فن الخطابة وتحويل الاهتمامات الشعبية الى حيث يتناسب ومصالحه، بما يمتلك من حنكة وذكاء و”كاريزما”، قادر حتما على تركيز البوصلة في الاتجاه الذي يشيح الانظار عما يدور على حلبة الصفقات الاقليمية.
وتعتبر الاوساط ان غياب اي رد عملي على الغارات الاسرائيلية المتكررة على سوريا التي استهدفت مواقع لـ”فيلق القدس” الإيراني في دمشق من جانب ايران و”حزب الله”، والاكتفاء بتوجيه اللوم الى روسيا واتهامها بالتواطؤ مع إسرائيل، من خلال تعطيل منظومة الدفاع الصاروخي “إس 300” تزامنا مع كل هجوم إسرائيلي على سوريا، كما قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني حشمت بيشه، يكاد يقرن الشك باليقين في شأن الصفقة الدولية لتسوية ازمات المنطقة المترافقة مع معلومات عن لقاءات امنية استخباراتية اميركية – ايرانية تعقد في سلطنة عمان وتحقق تقدما ملموسا، فهل تظلل التطورات المشار اليها اطلالة نصرالله فتأتي “ناعمة” ترطبها المستجدات وتشكل اشارة للافراج عن حكومة لبنان، ام تصعيدية لتغطية السموات بالقبوات، الى حين تدق ساعة الحسم والقرار الكبير.