كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: لم يكن ينقص الواقع اللبناني «المكبّل» بالتعقيدات الإقليمية – الدولية إلا دخولُ العلاقات الفرنسية – الإيرانية على خط «التوتر» مع تلويح باريس بالالتحاق بـ«مركب» العقوبات على طهران ربْطاً بنشاطاتها الباليستية و«زعزعتها الاستقرار في الشرق الأوسط»، وصولاً الى تحذير وزير خارجيتها جان ايف لودريان من أن موقف بلاده «سيكون حازماً جداً بما خص شحن أسلحة ايرانية الى الجناح العسكري لحزب الله».
وتَعاطَتْ أوساطٌ سياسية مطّلعة في بيروت مع هذه «الاندفاعة الفرنسية»، التي تؤشّر لإمكان أن تجد إيران نفسها «بين فكّي كماشة» أميركي – أوروبي، على أنها «مؤشرٌ سلبي» إضافي يعزّز الاقتناع بأنّ «كلمة السرّ» الاقليمية للإفراج عن الحكومة الجديدة في لبنان باتت مرشّحةً لمزيدٍ من التأخير، لافتةَ الى أن اقتراب أوروبا من الانتقالِ الى مرحلةِ التشدّد مع إيران يضيّق أي هامش – إذا كان أصلاً موجوداً – لجعْل الملف الحكومي من ضمن «رسائل حسن النية» التي يمكن توجيهها بملاقاة الاستراتيجية التي تُرسم لإحكام الطوق على طهران والتي يشكّل مؤتمر وارسو الشهر المقبل محطةً بارزة على طريق إرسائها.
ولاحظتْ هذه الأوساط أن «الهبّة الساخنة» على خط علاقة باريس – طهران تزامنتْ مع تأكيد لودريان، في موازاة تصويبه المباشَر على «حزب الله»، ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة وإنهاء ما وصفه «الوضع السوريالي» الذي وضع الأفرقاء اللبنانيون أنفسهم فيه، محذراً من أنه «بسبب هذا المأزق السياسي لا نستطيع الوفاء بكل الالتزامات التي قطعناها للبنان، بما في ذلك المالية»، في إشارة الى مقررات مؤتمر «سيدر 1» لمساعدة «بلاد الأرز» على النهوض الاقتصادي.
وبحسب الأوساط نفسها، فإن «التدافُع الخشن» الذي يلوح في أفق علاقة فرنسا وإيران، يشي بأن «حزب الله» (ومن خلفه إيران) الذي «يحتجز» الحكومة الجديدة منذ ثمانية أشهر ونيف ويوقف ولادتها منذ نحو شهرين، عند عقدةِ تمثيل النواب السنّة الستة الموالين له بشكل يقطع الطريق على إمساك فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالثلث المعطّل، يرجّح ان يزداد تصلُّبه في الفترة المقبلة في سياق سياسة «تجميع الأوراق» في المنطقة استعداداً لمرحلة «المواجهة الأقسى».
وتعتبر هذه الأوساط انه في موازاة «السياق الاستراتيجي» لملف الحكومة، فإن «حزب الله» لن يجد نفسه معنياً، في غمرة «الرسائل السلبية» من باريس، بتقديم ولادة الحكومة «هدية» للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي كان ربط زيارته لبيروت الشهر المقبل بتشكيل الحكومة، ناهيك عن أن الحزب قد لا يرى مصلحة في ترْك «سيدر 1»، الذي تُعتبر فرنسا «عرّابته» يسلك طريقه نحو التنفيذ، قبل ان يتضح مسار «عربة» المواجهة معه ومع إيران على امتداد المنطقة.
ومن هنا تشير الأوساط عيْنها الى أنه يَصعب تصوُّر تحقيق اختراق في المدى المنظور بعملية تأليف الحكومة، رغم كلام الرئيس المكلف سعد الحريري عن «أسبوع الحسم» (الاسبوع المقبل) وضغط الرئيس عون لاستيلاد الحكومة قبل نهاية الشهر.
وفي حين شخصت الأنظار أمس على لقاءات باريس التي يعقدها الحريري على هامش زيارته العائلية، ولا سيما مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، فإن مجموعة إشارات «محلية» برزت وعكست تبدُّد مناخ التفاؤل الحذر الذي كان ساد في الأيام الماضية حيال إمكان إيجاد حلّ لعقدة السنّة الموالين لـ«حزب الله» بالتوازي مع «تبادُل» بعض الحقائب بين المكوّنات السياسية.
ومن هذه الإشارات، تلميحُ مصادر «التيار الحر» (حزب عون) الى أنه ما لم يُحسم الملف الحكومي «هذا الأسبوع لن يبقى التيار ورئيسه صامتيْن بعد الآن»، والكلام عن ان باسيل «مصرّ على طرح الافكار التي تراعي مطالب جميع الفرقاء على قاعدة احترام التمثيل والتنازلات المتبادلة»، مع اعتبار «تدوير بعض الحقائب» في سياق إحداث توازن في تمثيل الكتل الكبرى. علماً ان هذه المسألة تصطدم بتصلب أفرقاء معنيين في التنازل عن حقائب سبق ان «حجزوها» ومن شأن المساس بها تهديد مجمل «بازل التشكيلة» بالانهيار.
وفيما كان الترقّب يسود إطلالة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ليل أمس على شاشة «الميادين» باعتبار أنها ستؤشر الى طبيعة المرحلة المقبلة، كان بارزاً موقفُ لزعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط سأل فيه عبر «تويتر» «هل تشكيل الحكومة في لبنان مرتبط بإنجاز حكومة العراق، ام باتفاق اضنة ام أصبحنا في مسار واحد مع أزمة فنزويلا مرورا باليمن؟ وهل الاطالة بإنجاز الحكومة لإضعاف لبنان اقتصاديا وانهاكه من أجل تعميم اليأس والفقر والهجرة؟».