طغت المواقف التي أعلنها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، في حواره المتلفز مع قناة «الميادين»، على كل الاهتمامات في عطلة نهاية الاسبوع، واجمع كثير من المراقبين على التأكيد انّها رسمت خريطة طريق حول طبيعة المرحلة المقبلة لبنانياً واقليمياً ودولياً، لما تضمنته من معلومات ملفتة، ومقاربات للقضايا المطروحة.
فهي في شقّها اللبناني تميّزت بالهدوء والاعتدال والدعوة الى التوافق حول تأليف الحكومة، وكذلك حيال النهوض بالدولة ومكافحة الفساد.
أما في شقّها الاقليمي والدولي، فعكست انّ الوضع على حدود لبنان الجنوبية وفي سوريا والمنطقة مفتوح على احتمالات شتى. إذ انّ السيد نصرالله لم يُسقط احتمالات اندلاع حرب أو حروب، وفي الوقت نفسه استبعدها، معتبراً أنّ محور «المقاومة والممانعة» قد انتصر وسيبني على الشيء مقتضاه في أي تطورات يمكن ان تشهدها المنطقة.
كان اللافت في كلام السيد نصرالله، الايجابية التي توجّه بها الى الرئيس المكلّف سعد الحريري، و«الجهود الجدّية» المبذولة الآن على خط التأليف، وكذلك تشديده على ضرورة تأليف الحكومة، آملاً ان تُسفر هذه الجهود عن اتفاق على التشكيلة الوزارية التي قال إنّ ما يعوق ولادتها موضوعا تمثيل «اللقاء التشاوري» السنّي، وتبديل بعض الحقائب. لكن نصرالله اعتصم بالحذر من دون أن يجزم بحصول هذا الاتفاق، مستعيناً على ذلك بالدعاء.
صمود «التفاهم»
على صعيد آخر، لفتت المواقف التي خاطب السيد نصرالله بها مباشرة رئيس الجمهورية ميشال عون والوزير جبران باسيل موجّهاً رسائل ايجابية اليهما، ومؤكّداً صمود تفاهم «مار مخايل» على رغم كل شيء».
وجاءت هذه المواقف بمثابة جرعة ضرورية بدا أنّ الطرفين في حاجة اليها، خصوصاً بعد شريط التوترات على خط بعبدا-الضاحية، وتمثّلت آخر جولاته في الأزمة الجدّية التي أحدثها الخلاف على تمثيل نواب «اللقاء التشاوري» ودخول «جيوش إلكترونية» على الخط واشتعال منصّات التواصل الاجتماعي بتعليقات «الفتنة» و«التمنين المتبادل» بمواقف سابقة.
وتلقفت مصادر في «التيار الوطني الحر» مواقف نصرالله بايجابية أكبر، من خلال التأكيد أنّ في كافة مراحل «التصادم» في الرؤى حول بعض الملفات الداخلية مع «حزب الله» إن كان حول التمديد سابقاً لمجلس النواب، أو التمديد لقائد الجيش السابق العماد جان قهوجي وصولاً الى قانون الانتخاب وتشكيل الحكومة حالياً، فإن «تفاهم مار مخايل» لم يوضع ولو للحظة واحدة على الطاولة للنقاش أو «إعادة النظر».
واشارت هذه المصادر، الى أنّه «على رغم من المناخات التي كانت توحي أحياناً بالصدام المباشر، فإن خطوط التواصل لم تنقطع يوماً بين الرئيس عون والسيد حسن نصرالله»، مشيرة الى «أنّ «الثناء» الواضح الذي أبداه السيد نصرالله حول مواقف عون وباسيل في القمة العربية، وتذكيره بفحوى تسريبات «ويكليكس» والمواقف في «حرب تموز»، لا يعكس سوى القرار الثابت على أعلى مستوى من جانب الرئاسة الأولى، بأن عونّ قبل بعبدا وبعدها هو ميشال عون ولم يتغيّر، والتزاماته ليست موسمية».
وقالت المصادر في هذا السياق انّ «ما ينتظره «التيار الوطني الحر» بعد تشكيل الحكومة هو مزيد من التنسيق والتعاون مع جميع الأفرقاء، وخصوصاً «حزب الله»، لأننا نعتبره أحد شركائنا الأساسيين في معركة، سبق للسيد نصرلله أن أكّد أنّه سيخوضها بالمباشر بعد تشكيل الحكومة وهي محاربة الفساد».