قفز الكتائبيون فوق أثمان المعارضة الشعبية والسياسية ليخوضوا الانتخابات النيابية وحيدين في مواجهة من يعتبرونهم “أحزاب السلطة”. وإذا كانت صناديق أيار انتهت إلى غير ما راهن عليه رئيس الحزب النائب سامي الجميل وحزبه، فإنهم لم يتوانوا عن الانكباب على دراسة الأسباب والنتائج والظروف التي أدت إلى تقلص عدد أعضاء الكتلة الكتائبية في مجلس النواب في خلوات مغلقة عقدها المكتب السياسي الكتائبي في أيار الفائت.
وفي الموازاة، وفي ترجمة واضحة لإعلان النائب الجميل في مؤتمر اقتصادي عقده الحزب في أيلول الفائت، أن في المرحلة المقبلة سيكون الاهتمام منصبّا على الشأن الحزبي الداخلي لترتيب البيت الكتائبي وضخ بعض التجديد والتغيير في أحد أعرق الأحزاب السياسية في لبنان، تستعد “الكتائب” لمؤتمرها العام الذي يقام في 15 و16 و17 شباط المقبل، في “البيال” في فرن الشباك.
إلا أن التموضع المعارض والانصراف إلى الشؤون الحزبية البحتة لا يعنيان أن الحزب ما عاد في دائرة الرصد السياسي والإعلامي، بدليل الكلام الكثير عن استقالات وسجالات و”معارضات” تعصف برياحها في أروقة المكتب السياسي. وفي أحدث حلقات هذا المسلسل، وبعد شهرين على الزوبعة السياسية والإعلامية التي أثارها عضو كتلة “الكتائب” النائب نديم الجميل الذي انسحب من اجتماع للمكتب السياسي (المنعقد في 26 تشرين الثاني 2018) احتجاجا على ما اعتبره “تحالفا نسجته قيادة “الكتائب” مع الحزب “السوري القومي الاجتماعي” في انتخابات نقابة الصيادلة”، معطوفةً على “النداء” الذي وجهه نائب بيروت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لـ”إنقاذ الحزب من الانهيار” على حد قوله، سرت في الساعات الأخيرة معلومات بأن تسعة من أعضاء قسم شكا الكتائبي قدموا استقالاتهم من الحزب. غير أن مصادر كتائبية عليمة نفت، عبر “المركزية”، هذه المعلومات، لافتةً إلى أن شخصين فقط كانا قدما استقالتيهما من القسم قبل ما يقارب العام، أي في خلال فترة الاستعدادات للانتخابات النيابية.
على أي حال، فإن الحزب يمضي بلا هوادة في إعداد العدة للمؤتمر العام الذي يعقد كل أربع سنوات لوضع أوضاع الحزب المالية والإدارية وخياراته السياسية على مشرحة البحث، تمهيدا لوضع النقاط على الحروف. وهنا مكمن أهمية الأخبار الكثيرة التي ضخت أخيرا في الأجواء الاعلامية حول استقالات واعتراضات تعلو أصواتها في أروقة حزب “الكتائب”. إلا أن مقربين من النائب سامي الجميل يؤكدون، عبر “المركزية”، أن هذه الأخبار لا علاقة لها بالمؤتمر العام، بل تهدف إلى التشويش على الحزب.
وفي تأكيد لتغريدهم خارج سرب الشائعات التي تستهدفهم، يستعد أعضاء المكتب السياسي الكتائبي لاجتماعهم الأسبوعي عصرا في البيت المركزي في الصيفي. غير أن أهمية الجلسة المسائية تكمن في أنها ستشهد إعلان ملء الشواغر التي أحدثتها الاستقالة الثلاثية التي قدمها كل من أسعد عميرة وشادي معربس (مرشح كتائبي سابق إلى الانتخابات النيابية في عكار) وعبدالله ريشا في 6 كانون الأول 2018، من باب الاعتراض على ما أسموه “غياب محاسبة المسؤولين عن النتائج التي انتهى إليها استحقاق أيار”. وعلمت “المركزية”، في هذا الإطار، ان الأمور انتهت إلى فوز النواب السابقين ايلي ماروني وفادي الهبر بالتزكية في المكتب السياسي، بعد انسحاب المرشح بيار مطران من المنافسة، ليكتمل بذلك عقد المكتب قبيل المؤتمر.
وفي السياق نفسه، كشفت مصادر كتائبية، لـ”المركزية”، أن الحزب كرس عطلة نهاية الأسبوع لانتخاب المندوبين على مستوى مجلس الشورى ورؤساء الأقاليم والمناطق والمجالس والندوات والمصالح المتخصصة، الذين سيشاركون في المؤتمر العام للحزب، وقد بلغ عددهم 402 عضوا تناط بهم مهمة انتخاب القيادة الحزبية الجديدة. وفي وقت يتوقع كثيرون أن تكون عودة النائب سامي الجميل إلى “الكرسي الرئاسي” الحزبي “سلسة”، خصوصا في غياب منافس له – حتى اللحظة على الأقل، علما أن باب الترشيحات يفتح الثلثاء، على أن يقفل قبل خمسة أيام من موعد المؤتمر – بفعل ما يسميها الكتائبيون “المحبة الكبيرة” التي يحظى بها نائب المتن في أوساط الحزب، سيكرس المؤتمر يومه الأول لجلسة علنية يقدم خلالها رئيس الحزب ما يمكن تسميتها “جردة سياسية”. وفي هذا السياق، علمت “المركزية” أن هذه الورقة ستحمل بين طياتها ما يسميه المقربون من الجميل “طرحا سياسيا عميقا ومتقدما للبنان الغد”.
وفي اليوم الثاني، يلقي الأمين العام للحزب نزار نجاريان كلمة يعرض فيها التقرير الإداري، على أن تدق ساعة الاستحقاق الانتخابي على مستوى القيادة في اليوم الأخير.