تطورات مفصلية دخلت على الملف السوري أخيرا، الابرز منها كان قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب “المُفاجئ” في 19 كانون الاول الفائت بسحب قواته، محددا مهلة ستة اشهر لاكتمال ذلك. وفتح هذا الانسحاب التدريجي الباب على مصراعيه امام جملة تساؤلات تؤسس للتسوية المُنتظرة: هل ستخرج إيران وحلفاؤها من سوريا، وفي طليعتهم “حزب الله”؟ وبأي شروط؟
وإلى السورية، دخلت تطورات الى ازمات عدة في المنطقة، منها اليمن التي تُشكّل ساحة صراع بين قوات التحالف الدولية التي تقودها السعودية مدعومةً من الولايات المتحدة من جهة وإيران والحوثيين ومن يدور في فلك محورهما في الجهة المقابلة، حيث بدأ الطرفان المتنازعان الحكومة الشرعية والحوثيون مشوار تحقيق السلام بمفاوضات في السويد تخرقها بين الحين والاخر اعمال عسكرية.
وسيكون للبنان “طرطوشة” من اي خرق في جدار هاتين الازمتين، باعتبار ان مكوّنا اساسيا فيه، هو “حزب الله”، يتواجد مقاتلوه في ميادينهما. فهل نضجت عودته الى لبنان؟
اوساط سياسية سيادية اعتبرت، عبر “المركزية”، ان “عودة مقاتلي “حزب الله” الى لبنان من الساحات العربية التي يقاتلون فيها تحت عنوان “محاربة الارهاب والتطرف” باتت حتمية، وبدأت الضاحية تعد العدة لترتيب هذه العودة بالشكل والمضمون، لجهة تبرير العودة بعدما انتفت الغاية”.
وأشارت الى ان “الحزب في صدد الاعداد للخطوات التحضيرية لهذه العودة التي تبدأ بسحب مقاتليه من مناطق ينتشرون فيها من اليمن حتى سوريا مرورا بالعراق، وذلك ضمن صفقة تفاهم دولية شاركت في اعدادها دول غربية وعربية عنوانها الاساسي سحب المقاتلين الاجانب من سوريا كخطوة اساسية لإرساء التسوية السياسية”.
اما عن الثمن السياسي الذي يريد “حزب الله” كسبه لبنانيا بعد إنجاز خطة العودة، باعتبار ان ما قبل الذهاب الى سوريا لن يكون كما بعد العودة، خصوصا ان الحزب يُفاخر بأن انخراطه في القتال الى جانب القوات السورية ضد المجموعات الارهابية ساهم الى حدّ كبير في قلب الموازين العسكرية لمصلحة النظام السوري، تُذكّر الاوساط بتجربة “القوات اللبنانية” عام 1990 عندما كانت لا تزال تملك السلاح، اذ “فشلت” في فرض شروطها على الدولة في مقابل انخراطها في مؤسساتها الدستورية ما انعكس سلبا عليها وكانت النتيجة اعتقال رئيسها سمير جعجع وسحب ترخيص العلم والخبر من الحزب وحظر نشاطه السياسي.
ورأت الاوساط ان “حزب الله” “لن يُكرر خطأ “القوات” وسيسعى الى تحصيل ما امكن من مكاسب تأتي على حساب الصيغة التي كرّسها اتّفاق الطائف، لأنه يدرك تماما ان خروجه من الساحات العربية ليس سوى مقدّمة لتسوية دولية-اقليمية تلحظ في مضمونها “تجريد” الاذرع العسكرية لإيران من سلاحها غير الشرعي وتثبيت دعائم المؤسسات الامنية الشرعية”.
وفي السياق، كشفت الأوساط ان “الحزب أعدّ دراسة قانونية حول تعديلات دستورية يحاول ان يعرضها ويفرضها كمكسب سياسي لما قدّمه لبنانيا وإقليميا، بعدما تبين ان النظام السياسي القائم متعثّر، وليس ادلّ الى ذلك وفق “حزب الله” من استمرار تعثّر تشكيل الحكومة منذ تسعة اشهر مرشّحة للتمديد”.
ومع ان الحزب اعلن على لسان امينه العام السيد حسن نصرالله في اكثر من اطلالة تمسّكه باتّفاق الطائف والمناصفة، نافيا ما يروّج عن اعداده لمؤتمر تأسيسي يُكرّس المثالثة في الحكم، الا ان ورشة التعديلات للطائف بدأت في كواليس “حزب الله”، لأن تعاظم دور الطائفة الشيعية وحجم قوتها لم يعودا يتناسبان مع آلية اتّفاق الطائف، تختم الاوساط.