في مقابلته التلفزيونية الاخيرة، أشار الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إلى أن الإسرائيليين تأخروا في اكتشاف الأنفاق الحدودية، وسخر من كون المخابرات والأجهزة الأمنية الإسرائيلية لم تكتشف وجودها داخل أرضها خلال 13 عاما. واعتبر أن “ما يواصل الإسرائيليون القيام به من إجراءات على الحدود مع لبنان يعكس خشيةً من عملية في عمق الجليل”، مشيرا إلى أن أي عملية محتملة هناك ستكون فقط إذا تعرض لبنان لأي اعتداء. وأوضح أن “الحزب” اختار عدم التعليق على قضية الأنفاق وقرر انتهاج سياسة “الغموض البنّاء”. وإذ لم يؤكد أو ينفي حفر الحزب هذه الأنفاق، وما إن كانت هناك أخرى لم تُكتشف بعد، لفت نصرالله إلى أن بعض الأنفاق موجود منذ ما قبل العام 2006 وصدور القرار الدولي 1701، مضيفا: “بالحد الأدنى أحد الأنفاق التي تم اكتشافها في الأسابيع القليلة الماضية يعود عمره إلى 13 أو 14 عاما”.
في قراءة لمواقف نصرالله هذه، تشير مصادر سياسية مراقبة، لـ”المركزية”، الى انه اراد القول إن اي مواجهة مستقبلية بين اسرائيل و”حزب الله” ستنتقل ميدانيا الى “قلب” الاراضي الاسرائيلية، ولن تكون شبيهة بأية معارك حصلت من قبل. ومن خلال كلامه، انما يسعى الى دفع تل ابيب الى “التفكير مرّتين” قبل اطلاق اي حرب ضد الحزب، يكثر الحديث عنها اليوم في الاوساط السياسية والعسكرية الاسرائيلية.
وإذ تحذّر من ان توغّل “الحزب” الى الجليل والى داخل اسرائيل سيفتح الباب على ضربات اسرائيلية تشمل كل الاراضي اللبنانية، ولا تفرّق بين مناطق ثقل “الحزب” وسواها من المناطق، تعتبر المصادر ان عملية “درع الشمال” التي قال نصرالله إنها فشلت قد تكون في الواقع قطعت الطريق في شكل شبه تام أمام مخطط “الحزب” لاقتحام الاراضي المحتلة كسلاح “مباغت” قوي كان يمكن ان يلجأ اليه من ضمن معركة يُبادر اليها هو، أو للرد على اي هجوم اسرائيلي محتمل قد يتعرّض له.
ومع انها تشير الى ان في جعبة “الحزب” أدوات كثيرة أخرى للمواجهة لا تتجاهلها تل ابيب لدى درسها اي خطوات ضد “حزب الله” (وهي ربما ما يثنيها حتى الساعة عن تنفيذ تهديداتها بضرب الحزب) – وقد قال علي شمخاني، أمين مجلس الأمن القومي الإيراني إن “الصواريخ عالية الدقة باتت في أيدي المقاومة في لبنان وغزة للرد على أية حماقة ترتكبها إسرائيل” – تلفت المصادر الى ان وجود الأنفاق يؤكد مرة جديدة ان ثمة تنسيقا عسكريا بين عناصر محور المقاومة في المنطقة المنتشرين في الاراضي الفلسطينية وفي سوريا والعراق ولبنان منذ سنوات، وذلك يعني ان المواجهة المقبلة بين اسرائيل وهؤلاء ستشارك فيها القوى “الممانِعة” كلّها.
أما في الشق اللبناني من الصورة، فمواقف نصرالله تثبت ان لـ”حزب الله” دولة خاصة تضاهي الدولة اللبنانية قوة. وهي تؤكد ايضا ان “الحزب” يضع استراتيجية خاصة لمحاربة اسرائيل، بمعزل عن الموقف اللبناني من هذه القضية. ومع انه اشار الى استعداده للبحث في استراتيجية دفاعية من ضمن حوار يدعو اليه رئيس الجمهورية، الا انه أرفق كلامه هذا برفض تسليم سلاحه، على اعتبار انه عنصر قوّة لمساندة الجيش اللبناني في اي مواجهة محتملة. وتعتبر المصادر ان هذا الموقف يُسقط مسبقا أهداف الحوار المنتظر بـ”شغف” دوليا وأمميا. فالمجتمع الدولي أبلغ لبنان مرارا ان الحاجة ملحة الى تنفيذه القرارين 1559 و1701 وبحث استراتيجية دفاعية تفضي الى وضع السلاح المنتشر في يد قوى لبنانية في عهدة القوى الشرعية حصرا. ومع ان الحزب يدرك تماما هذا الواقع ويعرف ان المطلوب ليس “الحوار للحوار”، تقول المصادر انه لا يبدو في وارد تقديم “هدية” الاستراتيجية الى حليفه الرئيس ميشال عون، بعد ان حرم منها ايضا سلفه الرئيس ميشال سليمان.