IMLebanon

“الضرورات تبيح المحظورات”… الحريري يفعّل حكومته منعاً للانهيار

على قدر التعقيدات المحيطة بواقع التشكيل الحكومي، تتضارب المعلومات في ما خص الخيار الذي سيلجأ اليه الرئيس المكلف سعد الحريري لإحداث الصدمة الكفيلة بإخراج البلاد من “ستاتيكو” الجمود القاتل بفعل ترنح ازمة التشكيل منذ ما يقارب التسعة اشهر وتداعياتها البالغة السلبية على المستويات كافة. فالغموض الذي يغلف به قراره فيما لو لم تفلح مشاورات ربع الساعة الاخير في إحداث الخرق المطلوب في جدار التأزم، يفتح الباب على سيل من التكهنات التي تعبق بها التحليلات السياسية والاعلامية، من الاعتذار الى الاعتكاف الى تفعيل حكومة “استعادة الثقة” لتصريف الاعمال او حتى قلب الطاولة على الجميع ومصارحة اللبنانيين مباشرة بحقيقة ما يجري وتسمية المسؤولين عن العرقلة وعما وصلت اليه احوال لبنان.

حتى اللحظة، يمكن القول ان المؤشرات لا تنبئ باتجاه الامور نحو التأليف نهاية الاسبوع، ومناخات التفاؤل التي يحاول البعض تعميمها لا تستند الى معطيات جدية، كما تقول مصادر سياسية مطّلعة على اجواء الاتصالات الدائرة في الافق الحكومي لـ”المركزية”، فلا رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل قرر التراجع عن مطلب الثلث المعطل ولا الحريري في وارد التنازل من حصته الحكومية ولا “اللقاء التشاوري” في معرض القبول بوزير “يُسمى عليه” ويصوت لمصلحة رئيس الجمهورية ميشال عون ثم ان احدا لم يشاوره حتى الساعة، و”حزب الله” خلفه الى ما لا نهاية، فمن اي خرم ابرة سيمر جَمل الحل؟ ثمة احتمال وحيد يمكن للمرء ان يركن اليه اذا ما سلم ان للتفاؤل اساسا، تراجع احد الافرقاء السياسيين المشار اليهم في ربع الساعة الاخير امام حجم الخطر الذي قد يتأتى جراء الخطوة الممكن ان يلجأ اليها الحريري، خصوصا في حال كانت الاعتذار ورفض التكليف مجددا. لكن هل ثمة من يقدم هذا الاعتبار على مصالحه الشخصية، خصوصا انه لم يقدمه امام كل المخاطر المحيطة بالبلاد سياسيا وامنيا واقتصاديا؟

فالوضع والحال هذه، تضيف المصادر، امام انعدام الأمل بالحل من جهة وجدية وحزم الرئيس المكلف في اتخاذ القرار واتخاذ الخيار نهاية الاسبوع، فإما يعتذر ويعاد تكليفه، وخطوة من هذا النوع دونها محاذير واسعة وتداعيات لا يستهان بحجمها بعدما عاين اللبنانيون مرارة العقد وصعوبة نسج مخارج حلها منذ ايار الماضي، وإما يعتذر ويرفض التكليف مجددا وهنا المصيبة الاكبر في ظل اجواء التشنج والاحتقان السائدة في البلد، والا وهو الخيار الاكثر ترجيحا بحسب المصادر، يوقف مشاورات التأليف وينتقل الى السراي الحكومي فيفعّل حكومته من خلال اجتماعات وزارية يومية تتخذ ما يلزم من اجراءات وتعالج الملحّ من ملفات، فيلجأ الى جلسات حكومية عند الضرورة وبرلمانية بالتنسيق مع الرئيس نبيه بري حينما تقتضي الحاجة.

فالرئيس المكلف لم يعد في وارد القبول بالواقع الراهن، لاسيما بعدما بلغته نصائح عربية ودولية بوجوب المبادرة الى “شيء ما” اثر اخفاق مبادرة رئيس الجمهورية التي اعتقد البعض انها ستخرج الحكومة الى النور الا انه تبين انها بقيت في الشكل ولم تلامس الجوهر لجهة التنازل عن الوزير السني من حصته لمصلحة “اللقاء التشاوري”، كما ان “حزب الله”، الذي اطل امينه العام السبت الماضي ليعيد تأكيد متانة التحالف مع “التيار الوطني الحر”، لم يفعّل كما العادة “مَونته” على حليفه لفك العقدة وتعبيد درب التأليف، لأن على الارجح، بحسب المصادر، يناسبه الفراغ الحكومي لاعتبارات تتصل بما يدور على الساحتين الاقليمية والدولية من تطورات.

فلم يعد امام الحريري والحال هذه سوى الإقدام على خطوة تمنع انهيار الدولة على قاعدة “الضرورات تبيح المحظورات”، مدعوما داخليا وخارجيا. فالمجتمع الدولي الحريص على لبنان سيقدم ما يلزم في هذا السبيل، بحسب ما سمع الحريري في خلال مروحة اتصالاته التي اجراها بالأصدقاء العرب والغربيين، والقرار قاب قوسين، اذا لم تحصل المعجزة الحكومية خلال ايام.