كتبت فاتن الحاج في “الاخبار”:
تفاوتت ردات فعل القوى الطلابية في الجامعة اللبنانية حيال إعلان عودة انتخابات المجالس الطالبية، في آذار المقبل، بين من تمسك بالخطوة وضغط لتبصر النور، ومن تلقف الخبر بحماسة وبدأ يستعد للاستحقاق وكأنه سينظم غداً، وبين من يتريث لمعرفة على أي أساس ستجري الانتخابات ووفق أي قانون، من دون أن يخفي البعض الخشية من «تطيير» الاستحقاق في ربع الساعة الأخير
قبل نحو شهر من الموعد «المأمول» لعودة الانتخابات الطلابية «المغيّبة» عن كليات الجامعة اللبنانية منذ أكثر من 10 سنوات، أكّد رئيس الجامعة، فؤاد أيوب، نيته إجراء الاستحقاق في آذار المقبل. الإعلان أتى بعد إثارة الملف خلال زيارة بروتوكولية قام بها أيوب على رأس وفد من مجلس الجامعة، منذ أيام، إلى بكركي. رئيس الجامعة أكد لـ«الأخبار» أن «النية جدية للغاية، وقد أنهيت شخصياً كل مستلزمات التحضير للملف الذي سيكون بنداً على جدول أعمال مجلس الجامعة في وقت قريب، تمهيداً لتحديد المواعيد النهائية، والدعوة الى انتخاب مجالس الفروع وفق نظام النسبية الذي يوفر مناخاً ديموقراطياً ينتخب فيه الطلاب من يمثلهم بجدارة».
وكان انتخابات العام الجامعي 2007 – 2008 المرة الأخيرة التي اختار فيها طلاب الجامعة ممثليهم في المجالس الطلابية. بعدها، أرجئت الانتخابات مرات عدة ولذرائع مختلفة، فيما لا تزال المجالس المنتهية الصلاحية تمارس، منذ ذلك الحين، مهمة تمثيل الطلاب. وحتى «الصيغة» التسووية التي توصلت إليها الأحزاب المسيطرة على المجالس الطلابية عام 2012، وقضت بوضع نظام يعتمد النسبية (وصفت بالمشوّهة)، لم تسلم هي الأخرى من الإجهاض، تارة بحجة «المشاكل الأمنية»، وطوراً بسبب الخلاف على الهوية المذهبية لرئاسة الاتحاد الوطني للطلاب الذي يفترض أن يشكّل مباشرة بعد الانتخابات ليتسنى للطلاب المشاركة في القرار الجامعي ويكون لهم صوت في مجلس الجامعة عبر مندوبين اثنين. وبالمناسبة، ثمة من يقول إن مجلس الجامعة، بتركيبته الحالية، غير قانوني لغياب ممثليْ الطلاب، وبالتالي يجب أن لا تتعدى مهماته تصريف الأعمال.
في العام الجامعي الماضي، أعلن رئيس الجامعة نيته إجراء الانتخابات واصطدم أيضاً بعرقلة الملف للأسباب إياها. ولا شيء هذا العام يمنع، بحسب مصادر طلابية، من أن يتكرر التأجيل مجدداً طالما أنّ المسببات لم تنتف، وأنّ القوى ستترقب مرة أخرى الجواب على سؤال أساسي: وفق أي قانون وأي آلية ستجري الانتخابات؟
التعبئة التربوية في حزب الله كانت السباقة لتهنئة الطلاب بـ «خطوة الرئيس التي تستلزم تعاضداً من مجلس الجامعة لتحقيق هذا المطلب المحق». وأوضح المسؤول التربوي المركزي، يوسف مرعي، لـ«الأخبار» أن الحزب «من القوى التي ضغطت لإرساء هذا الحق، ومعلوماتنا أن خطوة الرئيس جدية، ويبقى توفير السبل القانونية الضرورية لضمان وصول العملية إلى خواتيمها».
بعض القوى الطلابية اليسارية تلقفت الخطوة بحماسة مماثلة، ومنها اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني، عضو الاتحاد بشار بحسون قال «إننا ننتظر هذا اليوم منذ 10 سنوات»، مؤكداً «أننا سنعمل لإحداث خرق لا لتسجيل موقف فحسب». وكشف أن هناك اتجاهاً لخوض المعركة باسم الحراك الطلابي (أطلق منذ أسابيع في موازاة الحراك الشعبي) الذي يضم مجموعة من القوى والأندية الطلابية والمنظمات الشبابية لدعم ترشيح مستقلين في كل الكليات لاسيما في مجمع الحدث الجامعي حيث ستكون «أم المعارك». سيطرح الحراك، بحسب بحسون، خطاباً مطلبياً جامعاً قوامه مصالح الطلاب لا سيما الحقوق الأكاديمية والمبنى الجامعي وقضايا النقل والبطاقة الطلابية والسكن الطلابي. وفيما أشار إلى «أننا منفتحون للعمل مع كل هذه القوى لتحقيق البرنامج المطلبي»، لفت إلى «أننا سنجري اتصالات لتركيب تحالفات لا سيما مع الأندية الطلابية المستقلة في الجامعة». بحسون قال إن «المعركة ليست تفصيلية، وإن كنا نتمنى أن تجري على أساس نظام نسبي حقيقي وليس وفق النظام الحالي الذي يعتمد السنة الدراسية وحدة انتخابية بدلاً من أن تكون الكلية وحدة انتخابية، ففاعلية النسبية تنخفض كلما انخفض عدد الطلاب، ومع ذلك ورغم كل الثغر في هذا القانون، فإنّه يكسر الأحادية الحزبية التي سيطرت على مجالس فروع الطلاب بسبب القانون الأكثري».
طلاب حركة أمل رحبوا أيضاً بالخطوة، وأكد مسؤول الشباب والرياضة في الحركة، علي ياسين، أن «الانتخابات هي المحطة الأساسية التي تعيد الحياة الطلابية الديموقراطية إلى الجامعة اللبنانية أسوة بالجامعات الخاصة الأخرى والتنافس لخدمة الطلاب». لكن ثمة من يقول إنكم من القوى التي عرقلت في السابق إجراء هذه الانتخابات لكون النظام النسبي المعتمد يودي إلى تراجع كبير في حجمكم التمثيلي؟ أجاب: «بالعكس كنا من القوى الطلابية الأساسية التي وقعت على القانون ونرى أنّ النسبية هي الصيغة التي تحفظ حقوق الجميع، ولن نقف عند مقعد بالناقص أو بالزائد، وإن كنا نعتقد أنّ حجمنا لن يتراجع». واستدرك أن «موقفنا سيكون واضحاً لجهة رفض التحاصص المذهبي على مستوى الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية».
مسؤول المكتب التربوي في التيار الوطني الحر، روك مهنا، بدا الأكثر تريثاً. بالنسبة إليه، «إعلان النية الجدية بإجراء الانتخابات لا يكفي وحده، وسننتظر لنرى وفق أي آلية وأي قانون ستجري، وهل سيتشكل الاتحاد الوطني الذي يمثل مندوبوه الطلاب في مجلس الجامعة فعلاً؟». مهنا يوافق على اعتماد النظام النسبي على مستوى انتخاب المندوبين في الكليات، لكنه يرفض تطبيقه في عضوية الهيئة الطلابية التي يجب أن تنتخب على أساس النظام الأكثري، عازياً الأمر إلى أن انتخاب هيئة تضم أعضاء مختلطين وغير متجانسين، يؤثر على فاعلية العمل الطلابي، «فلينتخب طلاب متجانسون، وليصوَب الآخرون من خارج الهيئة».
الاستعدادات لاستعادة المناخ الطلابي النقابي في الجامعة لا تزال في أسبوعها الأول ولم تتضح بعد صورة التحالفات التي ستجري على أساسها الانتخابات. ورغم أن خيار عدم «التطيير» ليس مضموناً ولم يستبعد بالكامل، فإنّ بعض القوى أقرت أنها ستعمل حتى اللحظة الأخيرة لإنجاح العملية واستعادة هذا الحق البديهي. أما الطلاب فيراهنون على ممثلين يحمون حقوقهم ومطالبهم الأكاديمية والاجتماعية وبرامج تلامس همومهم الخاصة وإخراج مؤسستهم من الفساد والمحاصصات السياسية والمذهبية.
«نسبية منقوصة»
عندما وقعت الأحزاب الأساسية القانون النسبي الذي تجري على أساسه الانتخابات الطلابية، قيل إنّ هذا المبدأ يتحقق بشكل فعلي في الكليات التي يتخطى عدد طلاب السنة الدراسية فيها 650 طالباً بالحد الأدنى، وأنّ النظام لا يراعي الكليات التي يقل عدد طلاب السنة الدراسية فيها عن هذا الرقم، فإذا كانت السنة الدراسية تضم 350 طالباً تنال، بحسب النظام الجديد 5 مندوبين، وبالتالي على اللائحة أن تحصل على 20% على الأقل من أصوات المقترعين لتنال مقعداً واحداً.