كتب انطوان غطاس صعب في صحيفة “اللواء”:
يظهر بوضوح أن معظم العُقَد التي كانت تقف بوجه تشكيل الحكومة العتيدة قد زالت نتيجة الاتصالات المكثفة الأخيرة، وبعدما كان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري حاسماً في مواقفه عندما قال: سيكون لي موقف حاسم. هذه العبارة لم تأت من فراغ بل المحيطون به والحلفاء والأصدقاء الذين كانوا على بينة مما كان سيقدم عليه الحريري نظراً لما واجهه من مطبات وحملات وعقدة من هنا وأخرى من هناك ولما آلت إليه أوضاع البلد من إفلاس سياسي ومالي وحالة اقتصادية بالغة الخطورة، فذلك ما دفعه إلى دق ناقوس الخطر، في حين ثمة معلومات بأن زيارته الأخيرة إلى باريس كان لها دورها الهام ليس عبر اللقاءات التي عقدها مع كل من وزير الخارجية جبران باسيل أو رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، وإنما يشار إلى أن موقف سياسي حازم كان سبق توجه الحريري إلى باريس يشير إلى أن فرنسا ممتعضة مما يحصل في لبنان، وأن أموال «سيدر» في خطر محملاً اللبنانيين مسؤولية ما يجري في ظل الفراغ الحكومي، وبالتالي هذه الإشارة كانت كفيلة بقرع جرس الإنذار لكل الطبقة السياسية. وثمة أجواء بأن الحريري وخلال تواجده في فرنسا كانت له اتصالات بعيدة عن الأضواء حول كل ما يتعلق بمؤتمر «سيدر» والشأن الحكومي والوضع العام في البلد، وهذه العناوين ساهمت إلى حد كبير في إشاعة أجواء التفاؤل بعدما باتت كل الأطراف محشورة ولا يمكن لهذا الطرف أن يحمّل المسؤولية للآخر. بالاضافة الى دور مصري في دفع الافرقاء وتشجيعهم على تقديم التنازلات.
من هذا المنطلق فإن ولادة الحكومة باتت شبه محسومة وبالتالي الحذر يبقى قائماً نظراً للتجارب السابقة وخوفاً من أمر ما كبير أو اختراع بعض لعقدة قد لا تكون مطروحة سابقاً إنما هناك إجماع من المعنيين، بأن الحكومة ستعلن في أي توقيت بعدما حلّت كل العُقَد والتي كانت قائمة في الآونة الأخيرة من توزير أحد أعضاء سنّة الثامن من آذار إلى مسألة توزير الحقائب، وتضيف المعلومات إلى أن لقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري بفيصل كرامي كان بتمنيات من رئيس المجلس الذي قال لكرامي لم يعد باستطاعتنا تحمّل الكثير وعليكم كلقاء تشاوري أن تدخلوا في تسوية لأن الأمور لم تعد تحتمل والبلد على شفير الهاوية اقتصادياً ومالياً وجميعنا يتحمّل المسؤولية، وعلى هذا الأساس جاء اجتماع اللقاء التشاوري مع مساعد الأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل الذي بدوره أقنع أعضاء اللقاء التشاوري بأن يشاركوا في هذه التسوية لأن المرحلة تتطلب ذلك وعليه حلّت هذه العقدة بعد مخاض عسير ومواقف وبيانات ولقاءات ومناورات سياسية بقيت قائمة إلى حين جرى إقناعهم وهذا ما حصل في الساعات الماضية.
ويبقى أن الرتوش الأخيرة على توزيع الحقائب قد حلّت ما يكشف عنه أحد الوزراء الذي يحسم بأنه لا توجد هناك أي عقدة لا من قريب ولا من بعيد وأنه جمع أغراضه في الوزارة التي يشغلها وسيتوجه إلى منزله ولن يعود إلى الوزارة وهذا ما سمعه من مرجعيته السياسية ما يعني أن الحكومة باتت على قاب قوسين من إعلانها، في حين عُلم أن الوزير جبران باسيل تخلى عن الثلث الضامن أو المعطل. وبالمقابل كانت هناك إشادة واضحة من قبل أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بأداء الوزير جبران باسيل في مؤتمر القمة الاقتصادية الذي عقد في بيروت وذلك بمثابة إطراء لباسيل ودوره الذي يعتبر قريباً جداً من المقاومة ما دفعه إلى عقد سلسلة لقاءات مع الرئيس المكلف فكان تسهيل الولادة الحكومية المرتقبة
من جهة ثانية، أشار قيادي رفيع المستوى في حزب الله لـ«اللواء» الى أن الأجواء ايجابية، ويبدو أن التشكيل في الساعات القليلة المقبلة من دون أن يعطي موعداً محدداً، لكنه أشار الى جملة اعتبارات دفعت المعنيين الى التسريع في عملية التشكيل، وأبرزها الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية المتردية، وصولاً الى ضرورة تحصين الجبهة الداخلية في وجه أي اعتداء إسرائيلي. وكشفت القيادي في حزب الله أن بعض التفاصيل ما زالت تخضع للمعالجة، ومنها من سيكون ممثل اللقاء، وتموضعه، في حين أن توزيع الحقائب بات في خواتيمه.