IMLebanon

تفادي خسائر حوادث السير ممكن

كتيت ساسيليا دومط في صحيفة “الجمهورية”:

ودّعت جارتنا ابنتها على الباب، بعد أن وضعتا معاً برنامج العشاء، وهي لم تدرك أنّ تلك الصبية الناجحة، إبنة الـ30 عاماً لن تعود ثانية… فقد اصطدمت بها حافلة ركّاب، لم يستطع سائقُها السيطرة عليها بسبب تسرّب الزيت من شاحنة على الطريق. فكانت هذه الفتاة ضحيّة عوامل خارجية، لكنّ المسؤولية تقع في معظم المرّات على عاتق السائق. ما هي أسباب حوادث السير؟ هل نستطيع تفاديها؟ وما هو دور السائق؟

تحتاج حوادث السير لـ3 عناصر على الأقل وهي، السائق ووسيلة النقل والطريق أو المنطقة الجغرافية المحدّدة. أمّا الدور الأكبر عند وقوع اصطدام مروري فيلعبه السائق الذي يتأثّر بعوامل نفسية كثيرة، تدفعه إلى فقدان السيطرة على المركبة.

ويختلف الأفراد الذين يجلسون خلف المقود عن بعضهم البعض على الصعيد الإجتماعي والشخصي والنفسي، أمّا الأمر الأكثر تأثيراً على سلامتهم وسلامة الآخرين أثناء القيادة فهو الوضع النفسي، فقد يكون السائق شخصاً هادئاً ومتّزناً، واعياً لنتائج التسرّع أثناء تسلّمه زمام سيارته وأهمية سيطرته عليها.

كما قد يكون عنيفاً، يستعمل قيادة السيارة كـ”فشّة خلق”، فهو غير قادر على السيطرة على نفسه وضبط إنفعاله الذي قد يكون سببه خيبة معيّنة أو إنفصال أو ضغوطات حياتية واجتماعية.

كما قد يؤدّي تناول دواء معيّن إلى فقدان التوازن أو الدوار أو عدم وضوح الرؤية. وما زال السيناريو الذي حدث مع فؤاد (40 عاماً) يتكرّر بشكل روتيني ومؤسف… فبعد سهرة ممتعة شرب خلالها الكحول فقد القدرة على التركيز والسيطرة على السيارة، في طريق عودته إلى منزله، واصطدم بفاصل الأوتوستراد الإسمنتي، ما أدّى للأسف إلى تضرّر عاموده الفقري، فأصبح عليه إمضاء بقية حياته على الكرسي المتحرّك.

أمّا ريتا (25 عاماً) التي كانت تعاني من مشكلات ونزاعات في المنزل، فكانت قيادتها للسيارة جنونية تعبيراً عن الإنزعاج والنقمة والغضب، ولطالما رجتها أمها الإنتباه لكن دون جدوى، وذات يوم، لم تسعفها فرامل السيارة فتدهورت في وادٍ عميق، ما أدّى إلى أضرار في دماغها، أعاقت قدرتها على النطق.

 

كيف نتجنّب وقوع حوادث السير؟

بدايةً، علينا أن نعي جميعاً أنّ قيادة السيارة تحتاج إلى التحلّي بالمسؤولية والنضوج، لذلك هناك سنّ قانونية للبدء بالقيادة والحصول على رخصة؛ فلا يشبه أمر التعاطي مع السيارات موضوع التسلّي بالألعاب في سن الطفولة والمراهقة. عندما يغضب الطفل من رفيقه يرمي لعبته أرضاً، وقد يكسرها، لكن ذلك لا يجوز عندما يقود الشاب سيارته.

وتلعب الوسيلة دوراً مهمّاً في حوادث السير، فعندما تعلم أنّ سيارتك مصابة بعطل، من الأجدى لك أن تستعيض عنها إمّا بالطلب من أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء إيصالك، كما لا بأس بالتنقل بسيارة أجرة، وإلّا فإلى تأجيل الموعد أو إلغائه حرصاً على سلامتك.

أمّا الطريق التي نسلكها والمنطقة الجغرافية التي نمرّ بها، فذات أهمية أيضاً، فمن غير السليم أن نرفع مستوى السرعة على طريق ضيّق نسلكه للمرة الأولى، ومن غير المنطقي رمي المسؤولية على الأشياء والأماكن؛ فالمنطق والوعي لدينا يُملي علينا إمكانية القيام بأمر وإهمال آخر؛ فلو توقفت رندلى عن قيادة سيارتها في المنطقة الجبلية، عند شبه فقدان الرؤية بسبب الضباب لما فقدها مَن يحبّها إلى الأبد.

فكثيرة هي الخسائر التي قد تنتج عن الحوادث المرورية وأهمّها فقدان حياة مَن تعرّضوا لها، كما قد ينعكس على المصابين خسائر وإعاقات جسدية غير محدودة ومنها الإعاقة الكاملة وفقدان الأطراف والحواس. أمّا الخسائر المادية فيمكن تعويضها أمام الخسائر البشرية والصحية.

 

ومن المفضّل أن لا تقودوا سياراتكم في الحالات التالية:

  • تناول علاج دوائي معيّن يحذّر معه من قيادة السيارة
  • تحت سيطرة الكحول
  • تعاطي المخدرات
  • التأخّر في الوصول إلى مكان معين في وقت محدّد
  • الإنفعال والغضب بسبب المشكلات والضغوطات الحياتية
  • الفرح الشديد
  • الشرود الذهني وعدم التركيز
  • التلهّي بوسائل التواصل الإجتماعي

إنّ السبب الأساسي لحوادث المرور في يد السائق، طبعاً مع عدم نكران وجود أسباب أخرى، لكنّها تبقى نادرة. فلو تعاطينا جميعاً مع السيارة بمسؤولية ومنطق، ولو تحلّينا بالنضوج الفكري والنفسي لوفّرنا الألم والخسارة على أنفسنا وعائلاتنا والأشخاص الذين يحبوننا.