اما وقد ولدت الحكومة في الشهر التاسع بعد مخاض عسير من مماحكات وشروط و”فيتوات” اطاحت تفاهمات بين قوى سياسية، بدأت حسابات الربح والخسارة كما يجري عادةً بعد إنجاز كل استحقاق لأهداف حزبية مرتبطة بتسويق ثمار النجاح عند المناصرين، وسياسية لها علاقة بتسجيل النقاط في مرمى الخصوم.
غير ان “حزب الله” الذي اجمعت معظم القراءات والتحاليل على انه الرابح الاكبر حكوميا، لأن ما طالب به منذ انطلاقة مشوار المفاوضات لجهة احترام نتائج الانتخابات وتمثيل “اللقاء التشاوري” تحقق، يرفض قياس الانجاز الحكومي بميزان الربح والخسارة، وتعتبر مصادره، عبر “المركزية”، ان “الجميع خرج رابحا”، الا انها استغربت في المقابل “كيف ان البعض يُسجّل لنفسه انتصارا حكوميا في وقت عطّل البلد لأكثر من تسعة اشهر من اجل وزير”، وشددت على ان “قوّة اي فريق سياسي لا تُقاس بوزير بالزائد او وزير بالناقص وانما بصدقه وكيفية تعاطيه مع القضايا المطروحة”.
واسفت “لأننا اضعنا على البلد فرصة تشكيل الحكومة منذ اليوم الاول على تكليف الرئيس سعد الحريري، علما ان صيغة الثلاث عشرات طُرحت في البداية”، لافتةً الى ان “المسألة ليست من يصرخ أولا بل من يضع مصلحة البلد اولوية”.
وتوجّهت مصادر الحزب الى من برأيها “يمنون” النفس بأنهم قدّموا تنازلات في سبيل تسهيل ولادة الحكومة، قائلةً: “هذا البلد للجميع واللبنانيون قالوا كلمتهم في الانتخابات فلماذا “تمنينهم” بالتنازلات”؟
وفي وقت يُعاني الاقتصاد والاعباء تزداد على مالية الدولة بسبب ارتفاع العجز في الموازنة، استغربت مصادر “حزب الله” “كيف تم إدخال نحو مئتي موظّف الى مؤسسة “اوجيرو” رغم كل الكلام عن العجز وضرورة وقف الهدر والتوظيف العشوائي في القطاع العام”.
وفي هذا المجال، جزمت المصادر بـ”أننا سنتصدّى داخل مجلس الوزراء لأي ملف نشتمّ منه روائح سمسرات وصفقات وهدر للمال العام، ولن نرحم أحدا، سواء أكان حليفا ام خصما سياسيا. سنقول كلمتنا ونقاتل للدفاع عنها ومن لم يعجبه ذلك فهو حرّ”، مشيرةً الى “اننا شكّلنا سابقا لجنة مشتركة مع الحلفاء للتنسيق قبل طرح اي قضية على طاولة مجلس الوزراء، وعملها سيستمر مع الحكومة الجديدة وفي مجلس النواب ايضاً من اجل تنظيم اي اختلاف في وجهات النظر اذا وُجد تجاه الملفات المطروحة”.
وبعد إنجاز مهمة تشكيل الحكومة، تتجه الانظار الى البيان الوزاري الذي يُحدد عمل الحكومة تجاه قضايا أساسية، لعل اهمها العلاقة مع سوريا والمقاومة ضدّ اسرائيل.
وتقول مصادر “حزب الله” انه “لن يكون بعيدا من بيان الحكومة المُستقيلة، ولا يجوز ان يأخذ وقتا طويلا بعدما استغرق تشكيل الحكومة اكثر من ثمانية اشهر”، مشيرةً الى ان “قاموس اللغة العربية فضفاض وفيه الكثير من المفردات التي يُمكن استخدامها لإخراج البيان الوزاري وفق صيغة تُرضي الجميع”.
اما في شأن مسألة العلاقة مع سوريا، فذكّرت المصادر بأن “أكثر من 10 وزراء زاروا دمشق والتمثيل الدبلوماسي لا يزال قائما، فعن اي نأي بالنفس يتحدّثون؟”. ولفتت الى ان “التطورات في سوريا انقلبت لمصلحة النظام وما العودة العربية التدريجية الى دمشق انّ من خلال إعادة فتح سفارات او رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الا الدليل الى ضرورة التأقلم مع الوضع القائم انطلاقا من المصلحة اللبنانية، خصوصا ان سوريا تعد الرئة التي نتنفّس منها اقتصاديا”.