Site icon IMLebanon

بعد مئة يوم…كلام آخر

لم يكن المجتمع الدولي يقف متفرجا إزاء المماطلة والتسويف والمماحكات التي طبعت مفاوضات تأليف الحكومة على مدى الشهور التسعة الفائتة. وليس أدل إلى ذلك إلا المواقف العالية النبرة التي أدلى بها مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل من بيروت تحديدا، واضعا الحكومة الوليدة أمام أول تحدياتها: مواجهة السياسة الأميركية الصارمة للرئيس دونالد ترامب القائمة أولا على وضع حد لنفوذ إيران وأذرعها، وبينها “حزب الله” بطبيعة الحال، في المنطقة. بدورها، تابعت روسيا ودوائر القرار فيها المسار التشكيلي، ممارسة ضغوطا في سبيل دفع مراسيم تشكيل الحكومة إلى الولادة في أقرب الآجال، على وقع قرع طبول التسويات والحروب سواء بسواء في المنطقة، على ما تكشف أوساط سياسية عليمة عبر “المركزية”.

على أي حال، فإن أحدا لا يشك في أن بلوغ التأليف محطته الختامية السعيدة ترك ارتياحا شعبيا بعد أكثر من 250 يوما من الضغوط والتهويلات بالانهيارات السياسية والاقتصادية، في ظل دخول العقوبات الأميركية المشددة حيز التنفيذ.

وفي هذا السياق، تنبّه مصادر سياسية مراقبة، عبر “المركزية”، إلى أن التفاؤل الذي ضخه نجاح الحريري في تأليف حكومته الثالثة بعد طول انتظار ليس إلا ارتياحا شعبيا لا تتيحه أي معطيات ذات طابع سياسي. بدليل أن كثيرا من المراقبين لا يخفون خشيتهم من أن تنفجر التناقضات الكبيرة بين مكونات الحكومة الجديدة، والتي ظهّرتها إلى العلن العقد الكثيرة التي عطلت التأليف مرارا وتكرارا، خلافات حادة على طاولة مجلس الوزراء، تسدد ضربة قاضية إلى انتاجية الحكومة.

غير أن المصادر تلفت إلى أن الرئيس الحريري حاول امتصاص هذه المخاوف بتأكيده، من على منبر قصر بعبدا تحديدا، أن الحكومة هي حكومة العمل، منبّهةً إلى أن من موقعه كرئيس حكومة أعدت العدة لمؤتمر “سيدر” وعملت مع الشركاء الدوليين على تكريس دور لبنان على الساحة الدولية، وتأمين احتياجاته وهو الذي يقف على الخطوط الأمامية في المواجهة مع الارهاب، يعرف الرئيس الحريري قوة التحديات الماثلة أمام الحكومة الجديدة، ويبدو مصمما على رفعها في محاولة لاستعادة “ثقة الناس بها”.

إلا أن المصادر المذكورة آنفًا اعتبرت أن مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية، ولاسيما منها مكافحة الفساد والاستفادة من أموال “سيدر” المخصصة لتمويل تحديث البنى التحتية، خصوصا في غياب وزارتي الدولة لشؤون مكافحة الفساد والتخطيط عن التوليفة الجديدة. غير أنه، ومن منطلق الايجابية التي رفع لواءها الحريري، تفضل إعطاء الحكومة فترة سماح تمتد على مئة يوم، وبعدها كلام آخر.