كتبت ماري الأشقر في “الجمهورية”:
بكاءُ الطفل المتواصل يحوّل ليلَ الأم نهاراً ونهارَها ليلاً، فتلجأ مرغمةً الى الأدوية المنوِّمة بحثاً عن بعض من الراحة لها ولطفلها.
«للأدوية المنوِّمة بعض المحاذير» على حدّ قول الدكتور انطوان بطرس قمير إختصاصي في الصحة النفسية والعصبية، في حين لا يتردّد بعضُهم في وصفها فما هي حقيقة هذه الأدوية؟
سؤال طرحته «الجمهورية» على د. قيمر فقال: «أنا لا احبّذ نظرية تنويم الطفل بطريقة اصطناعية. وافضّل البحث عن السبب الذي يعيق نومه واعمل على معالجته. مشكلات النوم عند الطفل تظهر بعد عمر الخمسة اشهر إثر شعوره بالكآبة نتيجة بُعده عن أمه فيستيقظ اكثر من مرة خلال الليل بحثاً عن حضنها، لذا علينا فهم الطفل قدر المستطاع حتى ولو كان صغيراً، وبقدر ما نوفّر له الأمان يتجاوب مع أمه ويستجيب لرغبتها بالنوم».
مخاطر أدوية النوم
لماذا؟ وما هي مخاطرها على صحة الطفل الجسدية؟
لفت الدكتور قمير لـ «الجمهورية» الى أنّ الخطورة الأبرز التي تنتج عن الدواء المنوِّم تكمن في الإخلال بجهازه التنفّسي حيث إنّ الطفل ما بين اليوم الاول والسنة من العمر لا يكون جهازُه التنفّسي مكتملاً بعد، وبمجرد إعطائه دواءً منوِّماً يُخشى أن يؤثر على رئتيه وحركة تنفّسه.
الى ذلك تلعب العادة دوراً كبيراً في مخاطر الدواء المنوِّم بمعنى إن تكرّر إعطاءُ الدواء للطفل يتحوّل الى عادة بالنسبة الى الأم فهي ترى فيه حلّاً لمشكلة ارق ابنها وبالتالي ارقها، وكذلك بالنسبة الى الطفل نفسه الذي يجد في الدواء وسيلة سهلة للغطّ في نوم عميق.
وذهنياً هل يمكن الحديث عن مضاعفات في هذا الإطار؟
يضيف د. قمير أنّ كل طفل يُعطى دواءً منوِّماً يصاب بحالة من الخمول والكسل وعدم القدرة على التركيز والتعاطي مع الآخرين باعتبار أنّ كل مرحلة من عمر الطفل تشهد تطوّراً ذهنياً معيناً.
فالطفل عندما يكون في حالة الخمول نتيجة تناوله دواءً منوِّماً فإنه يجد نفسه غير قادر على القيام بكل هذه الحركات. غير أنّ هذه المضاعفات هي مرحَلية وتنتهي مفاعيلها بمجرد خروج الدواء من جسم الطفل.
أما ماذا عن وجود أدوية مخفّفة يمكن اعتمادُها؟
ثمّة أدوية يمكن اللجوء اليها عند الضرورة القصوى تحتوي في تركيبتها على عناصر منوِّمة كدواء الحساسية مثلاً واخرى اقلّ وطأة من غيرها وذات تأثير فعّال، كما انّ هناك دواءً منوِّماً كلياً يلجأ اليه الاطباء عند حاجة الطفل لصورة «سكانر» او لصورة الرنين المغناطيسي وهو من مسؤولية الطبيب والام.
ما هي نسبة الاطفال الذين يتأثرون سلباً بالمنوِّم؟
– يشير د. قمير: نسبتهم لا تتعدّى الـ 5 في المئة ولكن هذه النسبة على قلتها تقع على عاتق الطبيب المعالج لأنّ النتائج لا تخلو من خطورة كبرى أقلّه على مستوى الجهاز التنفسي.
هل ينبغي على الأم إلزام طفلها بساعات معيّنة من النوم باعتبار أنّ النوم عادل للغذاء؟
– وتابع د. قمير «النوم بالنسبة الى الطفل عامل مهم جداً ففي خلاله تفرز الهرمونات التي تساعد على نموّه خصوصاً نموّ العظام (من حيث الطول) ونموّ العضلات فتقوى بنيته الجسدية منذ الصغر. من جهة ثانية يساهم النوم في تنمية القدرات الذهنية والعقلية لدى الطفل، والدليل على ذلك أنّ الطفل الذي يتمتع خلال الليل بنوم وطويل يستقيظ صباحاً هادئاً ومبتسماً.
في دراسة اجريت حديثاً حول موضوع النوم عند الطفل يستعيد الطفل ما تعلمه او شاهده في يومه حين يبلغ الطفل عمر السنة، من الطبيعي ان ينام 13 ساعة يومياً ومن ضمنها بعض الساعات عند الظهيرة.
الطفل الذي يعتاد على النوم من خلال بعض العادات الجيدة على سبيل المثال حمام دافئ تدليك تناول الحليب، قراءة قصة، وغيرها من العادات، للاستسلام لنوم عميق وهانئ.