IMLebanon

في خلفيات حملة جنبلاط على الحريري: استهداف وقلب الطاولة!

بمعزل عن الأسباب الحقيقية الكامنة خلف التصعيد الجنبلاطي في وجه أركان السلطة والذي يستهدف في شكل خاص ركني سيبة العهد الثلاثية، “المستقبل” والتيار “الوطني الحر” بشخصي رئيسيهما سعد الحريري وجبران باسيل، والتي يتردد أنها تعود إلى صفقات أبرمت في باريس وأقصي جنبلاط عنها، استوقفت المراقبين السياسيين شراسة الحملة التي وجه بوصلتها نحو “سيد السراي” العائد إليها منذ يومين، موحياً بفتح جبهة مواجهة داخل البيت الحكومي قبل أن تقلع عجلاته، والمفترض أن يشكل واحة هدوء ووئام بين أعضائه ليتسنى له مواجهة الاستحقاقات الداهمة بالسرعة القصوى فلا يتحول حلبة مصارعة بين القوى السياسية على غرار ما انتهت إليه حكومة “استعادة الثقة”.

فما قاله رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط في حق الحريري والرد الذي صدر من مكتب رئيس الحكومة مباشرة عليه طرح علامات استفهام واسعة عن مصلحة الزعيم الدرزي في التصويب نحو الحريري لا سيما أنه كان يتناول وإياه العشاء في أحد مطاعم العاصمة منذ أيام قليلة، وانتشرت صورتهما على مواقع التواصل الاجتماعي، فما الجديد الطارئ الذي قلب العلاقة بين الرجلين رأساً على عقب ودفعها في اتجاه التشنج، علما أن الظاهر إلى العلن لا يوحي بخلاف عميق ولا يستأهل هذا الجو من التوتر والاحتقانز

وتقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”: “لو كان الخلاف على رفض تبديل الحقائب الاشتراكية كما تردد، لكان أمكن جنبلاط إبلاغ رفضه هذا بكل بساطة إلى حليف الأمس في المشروع السياسي، تحت طائلة الانتقال إلى ضفة المعارضة مثلا، إلا أن تطور الخلاف إلى درجة ملاحقة العقيد الدرزي في قوى الأمن الداخلي وائل ملاعب المحسوب على جنبلاط على خلفية اقترافه أعمالا مخلة بالقانون، علما أنه ليس الوحيد الملاحق في سياق حملة يقودها المدير العام اللواء عماد عثمان لتنقية المؤسسة من المخالفات، واعتبار جنبلاط أنها رسالة “مستقبلية” إليه خصوصا في ظل غض الطرف عن مواقف الوزير السابق وئام وهاب “الفاقعة” في حق عثمان ومدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، إلى جانب عدم توقيف المتهم بارتكاب جريمة الشويفات أمين السوقي، أثبتت أن المسألة “قلوب مليانة” لا مجرد تباين في وجهات النظر حول الملف الحكومي.

وتعرب المصادر عن اعتقادها أن “جنبلاط بات يستشعر خطر محاولات سلبه زعامة الجبل وكسر الأحادية الدرزية، وهو سيناريو يحبكه من وجهة نظر جنبلاط، النظام السوري، عن طريق تقوية منافسيه الدرزيين النائب طلال أرسلان ووهاب ومحاصرته في الوقت نفسه من جانب التيار “الوطني الحر” الذي اختار رئيسه وزيرا للمهجرين من عقر داره في المختارة هو غسان عطا الله، كل ذلك من دون أن يحرك الرئيس الحريري ساكنا لجهة منع استهداف جنبلاط من مثلث باسيل أرسلان وهاب، لا بل اتجاهه من وجهة النظر الجنبلاطية إلى توثيق التفاهم مع باسيل وعقد صفقات اقتصادية بينهما في أكثر من ملف، الأمر الذي حمل الزعيم الدرزي على قلب الطاولة خشية أن تنقلب على رأسه قبل الأخرين فيخسر الزعامة الدرزية، وهو حاول بذلك استدراج الرئيس الحريري إلى جانبه، لكن ردة الفعل على ما تعتقد المصادر سيكون وقعها سلبيا على جنبلاط نفسه”.

في مطلق الأحوال، تتوقع المصادر أن “تكون الحكومة أولى ضحايا المواجهات السياسية التي يبدو فتحها بعض القوى السياسية المشاركة فيها باكرا، قبل أن تتولى المعارضة المهمة، مرجحة والحال هذه، أن ينشأ تحالف معارض داخل البيت الحكومي بين أكثر من طرف خصوصا في بعض الملفات الموروثة، وفي مقدمها الكهرباء وبواخرها التي تشير المعلومات إلى أن الأطراف نفسها التي خاضت الحملة في مواجهة استقدامها ستمضي في المسار نفسه، فهل تحمل الحكومة الجديدة عناصر انفجارها من داخلها؟