كتبت كارول سلوم في صحيفة “اللواء”:
لم يكن عنوان «حكومة العمل» الذي اختير في أول انطلاقة جلسات مجلس الوزراء عبثيا، فمن «أول دخولو شمعة على طولو» إن جاز القول، العمل ثم العمل لتفويت ما ضاع. هذا ما عكسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري. تأنق الوزراء الجدد الذين يدخلون للمرة الاولى جنة الحكم في حين بدا الوزراء القدامى معتادين على هذه المحطة في محطاتهم السياسية، اتخذوا إماكنهم في قاعة مجلس الوزراء في قصر بعبدا بعدما التقطت لهم، مع الرئيسين عون والحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري الصورة التذكارية، ببذاتهم السوداء وفقا للبروتوكول اصطفوا من الأقدم إلى الأجدد. 4 وزيرات للمرة الاولى في تاريخ الحكومات اللبنانية يحضرن. سياسيا تلاقى الرؤساء على قرار انجاز البيان الوزاري اسرع من السرعة.
كان التوافق على الجدية وعدم نقل أي تباين سياسي إلى مجلس الوزراء الذي يضع امامه ملفات تعد أولوية بعد نيل الحكومة الثقة. تكرر الكلام عن السعي إلى انجاز ما يجب انجازه. وفي مدة لم تتجاوز النصف ساعة شكلت لجنة صوغ البيان الوزاري وتعارف الوزراء وتبادلوا التحيات وسط ابتسامة ارتسمت على الوجوه. فهذه جلسة بروتوكولية لا مجال فيها لأي نقاش في ملف معين والنيات لا يحكم عليها الا بالعمل.
وزعت مسودة لبيان الحكومة السابقة للبناء عليه او للتنقيح والإضافة.
انبرى الوزراء إلى تسجيل الملاحظات، فكانت الوزيرة الدكتورة في الإعلام مي شدياق اول من بادرت إلى وضع الصحافيين في اجواء الجلسة، فيما بدا زملاؤها حذرين. اما الذين اعتادوا على الإعلاميين فأظهروا مرونة أكثر. الحكومة التي تجتمع بعد صوغ البيان الذي يتوقع الا يشهد خلافات اختارت الخميس لعقد جلساتها كل أسبوع.
في مجلس الوزراء, قال الرئيس عون بشكل مباشر: «طمنوا العرافين والمبصرين إنو الليرة ما رح تنخفض قيمتها لأن ثلاثة ارباع الازمة كانت نفسية. نحن أكيدون اننا سنصل إلى الحل قبل الأزمة، وهذه مواضيع يجب ألا يتحدث بها إلا أصحاب الاختصاص. الحمد لله طلعنا منها والدليل صعود الاسواق المالية، وتمنى للوزراء اقامة سعيدة وطويلة في مجلس الوزراء. اما الرئيس الحريري فأبدى حرصه على مناقشة الخلافات السياسية في الغرف المغلقة».
وقال عون: (بحسب ما أعلن وزير الإعلام جمال الجراح بعد انتهاء الجلسة)، «نحن اليوم في حكومة وحدة وطنية يجب ان تبقى متضامنة لتحقيق مشاريع عدة لها الاولوية والاهمية مثل الكهرباء المهمة جدا للمواطنين، والموازنة ايضا. وكي نباشر العمل سريعا لا بد من اقرار البيان الوزاري بسرعة لأن الوقت يفرض علينا ان نعمل بسرعة لنعوّض ما فات».
واضاف: «أمامنا تحديات كثيرة، وأريدكم ان تطمئنوا بأن المرحلة المقبلة ستكون افضل بكثير من المرحلة السابقة، لا سيما في ما خص الوضع المالي الذي يجب ان نكون متنبهين عن الحديث عنه، وأن يتولى ذلك اهل الاختصاص».
وخلص الرئيس الى الدعوة للعمل بجدية واحترام الوقت، مؤكدا «ان اللبنانيين ينتظرون منا الكثير».
ثم تحدث الرئيس الحريري فرحب بالوزراء، وقال: «ان الوقت الآن هو وقت العمل. امامنا تحديات كثيرة علينا مواجهتها. نحن حكومة وحدة وطنية من عدة افرقاء سياسيين، والتضامن الحكومي هو الاساس. الخلافات السياسية تكلّف الدولة، والتضامن هو الطريقة الوحيدة لمواجهة التحديات».
واضاف: «هناك قرارات صعبة في كل المجالات يجب ان نتخذها، لا سيما تطوير القوانين والحد من الهدر والفساد، كذلك امامنا تحديات اقليمية صعبة ويجب ان نواجهها متحدين. ان هدفنا هو مصلحة المواطن اللبناني وخلافاتنا يجب ان تبقى خارج مجلس الوزراء، لا سيما واننا امام ملفات مهمة مثل الكهرباء والموازنة والمياه والطرق والصناعة والزراعة والعمل، والقوى الامنية، وقوى الامن..».. وخلص الى القول: «اتمنى التعاون الكبير لأنه بتعاوننا ننهض بالبلاد، وامامنا فرصة كبيرة لتحقيق ذلك».
وعلى الأثر، شكّل مجلس الوزراء لجنة لصياغة البيان الوزاري برئاسة الرئيس الحريري، وعضوية الوزراء: اكرم شهيب، علي حسن خليل، محمد فنيش، سليم جريصاتي، جمال الجراح، يوسف فنيانوس، منصور بطيش، مي شدياق، وصالح الغريب. وستعقد اللجنة اول اجتماع لها يوم الاثنين المقبل في السراي الحكومي.
حوار
ثم دار حوار بين وزير الاعلام والصحافيين، فسئل عن مسودة البيان الوزاري وعمّا اذا كان هناك اتفاق بين الوزراء على الفقرة المتعلقة بموضوع العلاقة مع سوريا، فاجاب: «هذه مسودة البيان السابق سيتم النقاش فيها في الجلسة الاولى للجنة، وذلك للاستعانة بهذه المسودة لاصدار البيان الوزاري».
وسئل عما اذا كانت هناك من امكانية لاصدار البيان الوزاري خلال اسبوع، فأجاب: «طبيعي، ويجب ان يصدر خلال اسبوع، ونذهب الى المجلس النيابي لنيل الثقة بالحكومة وبدء العمل فورا».
وعن معادلة «الشعب والجيش والمقاومة»، وعمّا اذا كانت ستُدرج في البيان وكيفية ذلك، اجاب: «هذا الامر متروك للجنة لبحثه واتخاذ القرار في شأنه». واضاف: «هناك بيان وزاري سابق اخذنا مسودته وأحيل الى اللجنة المختصة التي ستعقد اجتماعاتها وتتناقش في الموضوع، لمعرفة افضل ما يكون، ويصدر بعدها البيان عن اللجنة».
وقال رداً على سؤال: «لا اعتقد أن هناك خلافات جوهرية حول البيان الوزاري، لأن روحيته أهدافها معروفة».
وعما اذا كان البيان سيعتمد عبارة «النأي بالنفس»، اجاب: «عندما اتخذت الحكومة مبدأ النأي بالنفس، كان الامر مصلحة لبنانية عليا تقتضي النأي بانفسنا عن مشاكل المنطقة وعن النيران المشتعلة فيها. الآن هناك حكومة جديدة، واعتقد، من دون ان استبق قرارات اللجنة الوزارية، ان مصلحة لبنان الدائمة هي ان يكون بمنأى عن الحرائق الموجودة في المنطقة، ونمنع امتدادها الى الداخل اللبناني لأن وضعنا لا يحتمل جلب مشاكل الآخرين الى لبنان».