Site icon IMLebanon

واشنطن في انتظار المواجهة الروسية – الإيرانية

كتب حسين عبد الحسين في صحيفة “الراي” الكويتية:

إذا كان الانطباع السائد لدى القوى المعنية في منطقة الشرق الاوسط بأن نفوذ الولايات المتحدة في انحسار، فهذا يعني أن بعض هذه القوى تتسابق لسد الفراغ الذي ستتركه اميركا. لكن سد الفراع لا يعني بالضرورة تقاسم نفوذ، بل يعني سباقاً حامي الوطيس للتفرد بالزعامة، وهو سباق يدفع المعنيين بالسياسة الخارجية الاميركية للاعتقاد بأن صراعا – سرياً وعلنياً – قد بدأ فعليا بين القوتين اللتين تتسابقان لخلافة الزعامة الاميركية في الشرق الاوسط، أي روسيا وايران.

أما اللاعب الثالث في السباق الشرق اوسطي، فإسرائيل، التي تتمتع بإمكانيات عسكرية وديبلوماسية واسعة، بما في ذلك شبه احتكار لما تبقى من الانخراط الاميركي في المنطقة. وما يعقّد الصورة اكثر ان ايران أعلنت اسرائيل عدوتها اللدودة، وهو ما أفسح المجال امام روسيا للتعاون مع الاسرائيليين ضد ايران.

والتعاون الاسرائيلي – الروسي هو ثمرة مبادرات ديبلوماسية اسرائيلية متكررة، حسب المصادر الاميركية، أفضت الى موافقة تل ابيب على بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم، شريطة ان يكون بقاؤه جزءا من السيطرة الروسية التامة والحصرية على سورية، أي ان بقاء الأسد في الحكم في دمشق يشترط النهاية الشاملة لأي وجود ايراني في سورية، عسكري أو ديبلوماسي، أو حتى ثقافي.

وتتابع المصادر ان الأسد، الخائر القوى بسبب سبع سنوات انهكت قواته وقلّصت عديدها الى ادنى مستوياتها، لم يكن يتمنى ترتيب من هذا النوع. صحيح ان مصلحة الأسد تقضي بوجود تناقضات بين موسكو وطهران، يمكنه الافادة منها وتعزيز موقعه، إلا أن العداء التام بين حليفيه يفرض على الأسد الاختيار، والاختيار هو بمثابة مراهنة على طرف دون آخر، مع عواقب امكانية المراهنة على الطرف الخاسر.

وحتى الماضي القريب، كان الاعتقاد السائد ان روسيا دعمت الأسد عبر حقها للنقض (فيتو) في مجلس الأمن، وعن طريق تقديم قوة نارية له بفضل مقاتلاتها. أما على الأرض، فكانت ايران هي اللاعب الاكبر، خصوصا بفضل مقاتلي «حزب الله» المنضبط وصاحب الخبرات القتالية العالية. لكن حتى في الايام التي كان الروس والايرانيون يقاتلون كتفا الى كتف في دعم الأسد، ظهرت تباينات بين اهدافهما، فتركت المقاتلات الروسية المقاتلين الموالين لايران والأسد بلا غطاء جوي احيانا، في معارك حاسمة، ما أوقع خسائر كبيرة في صفوف الايرانيين، وما اثبت للايرانيين ان الروس لا امان لهم.

وبسبب ضعف روسيا على الأرض، فهي راحت تعمل على استمالة مقاتلين من داخل جيش الأسد، وفي صفوف العشائر السورية واللبنانية. جهود موسكو هذه اثمرت تأسيس «قوات النمر» بقيادة ضابط من الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الأسد اسمه سهيل الحسن، ولقبه «النمر»، وهي قوات تبدو غالبا غطاء محليا لقوات مرتزقة روسية تنتشر في سورية باسم «الشرطة العسكرية».

هدد وجود النمر زعامة الأسد في الطائفة العلوية وفي سورية عموما، يقول مسؤولون اميركيون، فاقتربت «الفرقة الرابعة»، التي تعمل بإمرة شقيق الأسد ماهر، اكثر فأكثر من الايرانيين و«حزب الله»، وأفضى التنسيق بينهما الى دعم الأسد جهود الايرانيين في اقامة قواعد صواريخ تهدد اسرائيل، وهو ما دفع المقاتلات الاسرائيلية الى الاغارة مراراً على هذه الاهداف التابعة لايران والأسد داخل سورية. وتنقل المصادر الاميركية، عن نظيرتها الاسرائيلية، انه خلال العام الماضي وحده، استهدفت اسرائيل ألفي هدف تابع لايران و«حزب الله» في محيط دمشق ومناطق جنوب سورية.

كذلك، تنقل المصادر الاميركية، عن نظيرتها الاسرائيلية، والاخيرة نقلاً عن مسؤولين روس، ان «العمل جار» على طرد المقاتلين المؤيدين لايران في سورية، وانه في هذا السياق، اندلعت معارك، ولا تزال، في سهل الغاب ومناطق شمال محافظة حماة الغربي، بين قوات ماهر الأسد و«قوات النمر»، وان القوتين استخدمتا اسلحة ثقيلة، وان «قوات النمر» تفوقت، وانها «لو لم تتفوق، لما ترددت موسكو في تقديم دعم ناري جوي لقوات النمر ضد قوات الأسد».

ومن علامات الافتراق بين الروس والايرانيين، حسب المصادر، رفض روسيا «اقفال» المجال الجوي السوري امام المقاتلات الاسرائيلية، وهو ما دفع المسؤولين الايرانيين الى التساؤل علناً حول صمت منظومة «اس – 300» الروسية التي سلمتها موسكو للأسد اثناء الغارات الاسرائيلية.

«يمكن ان موسكو موافقة ضمنيا على الغارات الاسرائيلية ضد اهداف ايرانية في سورية»، تقول المصادر، وتختم «او ان روسيا تعرف انه يمكن للمقاتلات الاسرائيلية تدمير اس – 300، وهو ما يتسبب باحراج لمبيعات الاسلحة الروسية، لذا، تختار روسيا الطرف الاقوى، اي اسرائيل، كحليفة لها في سورية، بدلا من ايران». أما الأسد، «فخياراته محدودة، ومعظمها مر».