IMLebanon

تعددت الأسباب والنتيجة واحدة: ولادة حكومية قيصرية!

بلغ قطار التأليف الحكومي محطته السعيدة قبل أيام، بعد انتظار طويل مطبوع بالمماحكات والتسويف والحسابات السياسية القريبة والبعيدة المدى. تعددت الأسباب والنتيجة واحدة: الحكومة ولدت محمّلة بالكثير من الآمال، خصوصا في مجال الانطلاق الفعلي لمسار الإصلاحات المنتظرة لمد الاقتصاد الوطني بجرعة حياة تقيه السقوط المدوي. وإذا كان منسوب المخاوف ذات الطابع الاقتصادي قد بلغ مستويات في غاية الخطورة في الأيام الأخيرة قبل إتمام ولادة الحكومة، وأدى إلى الاستعجال في التشكيل لامتصاص النقمة الشعبية، فإن مصادر ديبلوماسية كشفت، عبر “المركزية”، أن الروس دخلوا مباشرة على خط الاتصالات مع إيران لحضها على تسهيل مهمة الرئيس سعد الحريري.

وفي السياق نفسه، كشفت المصادر أيضا أن الدخول الروسي على خط المفاوضات أتى معطوفا على تنسيق ثلاثي بين باريس وواشنطن والفاتيكان، تفسّره المخاوف التي تبديها عواصم القرار إزاء احتمالات انهيار لبنان على المستوى المالي، باعتبارها معضلةً لن تجد لها الدول “الكبرى” حلا فيما هي غارقة حتى العظم في وحول الأزمة السورية، والجهود المبذولة في سبيل ايجاد الحلول المناسبة لها، مشيرةً إلى أن أهمية هذه الخطوات تكمن أولا في توقيتها حيث أنها تتزامن مع انعقاد مؤتمر وارسو بعد عشرة أيام. ففي تأكيد لمضي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في سياسته الهادفة إلى تقليم الأظافر الإيرانية في الاقليم، وإن كان ذلك يعني التوصل إلى اتفاق جديد حول السلاح النووي بين طهران ومجموعة 5+1.

ومن هذا المنطلق، تؤكد المصادر أن “حزب الله” يعي الخطر الذي يتهدده جراء ما قد ينتهي إليه هذا المؤتمر (الذي فضّل لبنان الغياب عنه التزاما بسياسة النأي بالنفس)، لذلك فإنه قد يكون بادر إلى إعطاء كلمة سر تسهيل مرور الحكومة. ولا يخفى على أحد أن في ذلك محاولة من الضاحية لتأمين غطاء شعبي ورسمي ومؤسساتي يقيه شر العزم الدولي على خوض المواجهة المفتوحة مع الجمهورية الإسلامية.

على أن المصادر نفسها أكدت أن الجو الدولي المشحون ليس العامل الوحيد الذي دفع بالحكومة إلى غرفة الولادة على نحو مباغت. ذلك أن بعض الأسباب الداخلية لعبت دورها أيضا، وليس أقلها امتعاض الحريري من المضي في استهداف موقع رئاسة الحكومة، واتهامه شخصيا بالإضرار به، في انتقاد مبطن لدخول رئيس “التيار الوطني الحر”، كما اللواء عباس إبراهيم، في مرحلة معينة من المخاض الحكومي، على خط التشكيل، وهو ما اعتبره صقور الطائفة السنية، لاسيما رؤساء الحكومات السابقون، قفزا فوق صلاحيات الرئيس المكلف، ما حدا بالحريري إلى “الضرب بيد من حديد”، وتحديد مهلة أسبوع لحسم الموضوع الحكومي سلبا أو إيجابا.

لكن العامل المحلي الأهم، على ما اعتبرت المصادر، يكمن في إدراك رئيس “التيار الوطني الحر”، في ختام عملية سياسية طويلة مطبوعة بالحسابات والرسائل المشفرة، أن الثلث المعطل سيبقى حلما بعيد المنال، علما أن هذا المطلب ألحق أضرارا جسيمة بعلاقات “التيار” مع حلفائه وخصومه على السواء، بدليل الفتور الذي حل بالعلاقة مع “حزب الله”، معطوفا على الإجهاز المركّز على تفاهم معراب المبرم مع “القوات اللبنانية”. أضرار كان عهد وسم بالقوة باكرا، وحمل صاحبه شعار “بي الكل”، في غنى عنها، كيف وهي التي عطلت التشكيل طويلا واستنزفت جزءا لا يستهان به من الولاية الرئاسية، دافعةً بعض الدائرين في فلك بعبدا إلى الكلام عن استهداف متعمد لـ”الرئيس القوي”.