عشية اجتماع لرعاة آستانا يعقد في منتجع سوتشي الخميس 14 شباط الجاري، سيجمع على ضفاف البحر الاسود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيريه التركي رجب طيب اردوغان والايراني حسن روحاني، ومن المتوقع ان يتطرق مطوّلا الى الوضع في “شمال سوريا” حيث تضغط أنقرة لإقامة منطقة لخفض التصعيد تكون تحت ادارتها. أعلن الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن أن الادعاءات بشأن توصل تركيا والولايات المتحدة إلى اتفاق حول المنطقة الآمنة في سوريا لا تعكس الحقيقة وأن المفاوضات في هذا الشأن ما زالت مستمرة، موضحا أن تركيا تتطلع إلى أن تكون بيدها السيطرة على المنطقة الآمنة المزمعة في سوريا.
غياب التفاهم أكده الثلثاء اردوغان شخصيا حيث قال انه لم ير بعد خطة مقبولة لإقامة منطقة آمنة في شمال شرقي سوريا بعد ثلاثة أسابيع من اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنشاء هذه المنطقة. وصعّد أردوغان في اجتماع مع الكتلة النيابية في حزبه “العدالة والتنمية”، نبرته محذرا من ان “إذا لم يتم إخراج “الإرهابيين” من منبج السورية خلال بضعة أسابيع، ستنتهي فترة انتظار تركيا”.
لكن وفي مقابل التعثر في وضع الاتفاق الاميركي – التركي حول منبج التابعة لحلب (والذي يضمن إخراج مسلحي تنظيم “وحدات حماية الشعب” الكردية من المنطقة وتوفير الأمن والاستقرار فيها)، موضع التنفيذ، اعلنت تركيا الاثنين التوصّل إلى تفاهم مع روسيا بخصوص خريطة الطريق حول المدينة. وقال قالن، في مؤتمر صحافي: “توصلنا إلى تفاهم مع روسيا بشأن خريطة الطريق المتعلقة بمنبج وفق الاتفاق المبرم بين أنقرة وواشنطن”. وشدد على أن “الإسراع بتنفيذ خريطة طريق منبج مهم جدا للعلاقات الثنائية مع واشنطن وأمن المنطقة ومسار الحل في سوريا”، مشيرا إلى أنه “كان من المفترض أن تنفذ خريطة طريق منبج منذ وقت طويل”، لافتا إلى أن “تكتيكات المماطلة لن تفيد أحدا”.
الا ان السؤال الذي يفرض نفسه، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، هو كيف سيتم تنفيذ هذا الاتفاق وكيف سيتم إخراج مقاتلي “قوات سوريا الديمقراطية” من جهة، ومقاتلي الفصائل المتطرفة، وأبرزها هيئة “تحرير الشام” التي تسيطر على إدلب، من جهة ثانية، من المنطقة؟
المصادر تتوقع ان تعود الكلمة قريبا للميدان، وأن تشهد ادلب مجددا مواجهات عسكرية، حيث يرجّح ان تقوم القوات التركية الموجودة في شمال سوريا بـ”تنظيف” هذا الجيب، وأن يُصار – تماما كما حصل في الجنوب السوري، حيث تم ايجاد منطقة مدى حيوي لاسرائيل بعمق 80 كلم داخل سوريا – الى خلق مدى حيوي لتركيا شمالا.
وإذ تشير الى ان العملية المذكورة كانت مدار بحث بين وفود عسكرية أمنية روسية وتركية في الايام الماضية، درست تداعياتها المحتملة وتفاصيلها، تقول المصادر انها ستحضر مجددا على طاولة سوتشي، وتلفت الى ان لا شيء محسوما بعد في خصوصها في انتظار الموقف الغربي عموما والاميركي والاوروبي خصوصا منها، حيث القلق على مصير الاكراد والخوف من موجات نزوح اضافية ومن تسرّب للارهابيين الموجودين في تلك المنطقة. الا انها تجزم بأن حسم الوضع في الشمال، سلميا او على الحامي، بات قريبا.