رسمتْ أوساط مطلعة في بيروت عبر صحيفة “الراي” الكويتية علاماتِ استفهام كبرى حول تأثيرات انفلات خلاف الحريري – جنبلاط خصوصاً، ووصوله الى مرحلة «انكسار الجرّة» على مجمل الواقع اللبناني انطلاقاً من «العين الخارجية» عليه.
وبحسب هذه الأوساط فإنه إذا كان «خروج الجمر الى فوق الرماد» في علاقة جنبلاط – التيار الحر «يقاس» بتداعياته على التضامن الحكومي وسير العمل في مجلس الوزراء بالدرجة الأولى، إلا أن عدم تدارُك «الصِدام» بين الحريري والزعيم الدرزي له أبعاد ذات تأثير مباشر على «التوازنات السياسية» في الحكومة والتي تشكّل نقطة الارتكاز في كيفية مقاربة المجتمعيْن العربي والدولي للوضع اللبناني برمّته وتعاطيهما مع الحكومة التي تبقى «قيد الاختبار» أيضاً من بوابة ما سيتضمّنه بيانها الوزاري خصوصاً في ما يتعلق بالنأي بالنفس عن أزمات المنطقة ومسألة سلاح «حزب الله» والتعاطي مع العنوان السوري.
وتذكّر هذه الأوساط بأن المجتمع الدولي، قبل مؤتمر «سيدر» وبعده لم يتوانَ عن ربْط استمرار «مظلة الدعم» للبنان وتسهيل صرْف مخصصات المؤتمر من مساعدات وقروض بتفادي أي انزلاقاتٍ للوضع اللبناني نحو «الحضن الإيراني» بالكامل، وسط تركيزٍ على اعتبار «وزن» كل من الرئيس الحريري وحزب «القوات اللبنانية» ومعهما جنبلاط في الحكومة الجديدة معياراً لمدى «تَوازُنها» ببُعده الاقليمي والداخلي.
ومن هنا فإن الأوساط نفسها ترى أن ضرر «المعركة» بين الحريري وجنبلاط، ولا سيما بحال بلوغِها «حرق المراكب»، سيوجّه رسالة بالغة السلبية للخارج حيال انهيار «حلقة التوازن» مع المحور الذي يشكّل «حزب الله» قاطرته في الحكومة (يملك أكثرية 18 وزيراً)، في حين ما زال المجتمع العربي خصوصاً «يراقب» قبل اتخاذ قرارٍ برفْد «بلاد الأرز» بدعمٍ نوعي.
ولم تقلّل الأوساط نفسها من «حيثيات» الاندفاعة الجنبلاطية والتي تتعلق بالدرجة الاولى باستشعاره محاولاتٍ لمحاصرته أولاً داخل بيئته الدرزية عبر تجميع خصومه ثم اختيار باسيل لـصالح الغريب (من فريق النائب طلال ارسلان) في وزارة شؤون النازحين بما وفّر «طريقاً رسمية» درزية مع دمشق من خارج موقف جنبلاط الرافض إعادة النازحين الى «المحرقة»، ناهيك عن توزير باسيل أيضاً غسان عطاالله (الكاثوليكي من بلدة بطمة الملاصقة للمختارة) في حقيبة المهجّرين وما يشكّله ذلك من إشارة بالغة الدلالات قد تكون لها انعكاسات انتخابية في «العمق المسيحي» للزعيم الدرزي، الى جانب إقالة المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان (محسوب على الحريري) خمسة ضباط (أحدهم درزي قريب من جنبلاط) على خلفية ملفات فساد وإعطائه الإذن لملاحقتهم.
وعزت مصادر سياسية متابعة لصحيفة “الجريدة” الكويتية، أسباب توتر العلاقة بين الحريري، وليد جنبلاط بعد ساعات على تشكيل الحكومة إلى التالي:
1- خلفية ملابسات تأليف الحكومة وما رافقها من مداولات، خصوصاً محاولة الحريري الضعظ على جنبلاط للتخلي عن وزارة الصناعة من أجل اسنادها إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو ما اعتبره الزعيم الدرزي استهدافا مباشراً له، بعدما قدم تنازلات حكومية افضت إلى تخليه عن المقعد الدرزي الثالث في الحكومة لرئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال إرسلان.
2- كسر الاتفاق الذي كان سارياً بين الحريري وجنبلاط على عدم ملاحقة العقيد وائل ملاعب (محسوب على جنبلاط)، المتّهم من قوى الأمن بالفساد، من قبل المدير العام لقوى الأمن الداخلي عماد عثمان ومنح القضاء حق ملاحقته، ما دفع جنبلاط إلى الاعتقاد بأن الحركة جزء من حملة لتحجيمه.
3- تعيين صالح الغريب، الذي سماه أرسلان وزير دولة لشؤون النازحين، إلى جانب ابن بلدة دير القمر الشوفية غسان عطالله وزيرا للمهجرين، دون ابلاغ الحريري لجنبلاط خلال العشاء الأخير بينهما، قبل ساعات من ولادة الحكومة، وهو ما اعتبره الزعيم الدرزي محاولة لتطويقه ورسالة قوية له.