IMLebanon

تفاهمات “إكسترا-مؤسساتية” تقوّي أطرافًا وتشرّع “الشواذ” ولا تبني وطنًا

استوقفت مواقف رئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية جبران باسيل، خلال احياء طرفي تفاهم مار مخايل، “التيار” و”حزب الله”، ذكرى توقيع الوثيقة بينهما في 6 شباط 2006، وتحديدا قوله ان “لولا “حزب الله” لما كان العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، و”حزب الله” يجب أن يقر أنه لولا “التيار” لم يكن ليصمد بوجه ‏إسرائيل أو الارهاب ومحاولات العزل‎”، مصادر سياسية قريبة من فريق 14 آذار رأت، عبر “المركزية”، أن شبْكَ الفريق البرتقالي يديه بيديّ “حزب الله” أعطى الأخير، في الواقع، أكثر بكثير من القدرة على مواجهة التهديدات الخارجية له، حيث قدّم له غطاء شرعيا مسيحيا وازنا لسلاحه، سامحا له تاليا باستخدام فائض قوته بسهولة في اللعبة السياسية الداخلية. أما عرقلة عملية انتخاب رئيس الجمهورية لعامين، الى حين ضمان وصول شخصية محددة الى قصر بعبدا، فليست الا من نتائج فائض القوة هذا.

الضاحية تدرك جيدا أهمية “الخدمة” التي أسدتها اليها الرابية آنذاك – في وقت كان الحزب في موقع المُحاصَر والضعيف، غداة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وانسحاب الجيش السوري من لبنان، وقد ساهمت في فك عزلته وضخ جرعة اوكسيجين قوية في عروقه – ومن هنا، يبدي الحزب حرصا كبيرا على إبقاء هذا التحالف متينا وحيا نظرا الى منافعه الجمّة له ولسلاحه، وقد بات الحضن “المسيحي” و”الشرعي” الذي يمثّله بالنسبة اليه عون بعد ان صار في سدة الرئاسة، بمفاعيل مضاعفة اليوم في ظل التقلبات التي بدّلت المشهد الاقليمي والدولي وبات معها الحزب وإيران في دائرة الاستهداف.

وسط هذا المشهد، تقول المصادر ان التفاهمات “الإكسترا – مؤسساتية”، والتي تتعارض في مضمونها مع منطق الدستور والنصوص القانونية، لا يمكن ان تساهم في قيام الدولة الفعلية القوية. فانتشار السلاح في يد جماعات لا تملك صفة “الشرعية”، لأي مسوّغات كانت، يقوّض هيبة الدولة ويزرع الفوضى الامنية والسياسية في البلاد. وأي اتفاقات تضع، بالمباشر او بالمواربة، “خيمة” فوق رأس هذا الواقع الشاذ، من الضروري ان تتم اعادة النظر فيها من جديد و”دوزنتها” بما يتلاءم ومقتضيات أصول قيام الدول، خاصةً اليوم، في ظل “العهد القوي”.

فـ”مركزية” قرار الدفاع عن لبنان، وقرار الحرب والسلم، مطلوبة بقوة وأمر لا بد من التوصل اليه في نهاية المطاف، ربما عبر طاولة حوار وطني تضع استراتيجية دفاعية للبنان. كما ان ضبط السلاح المنتشر خارج إطار الاجهزة الأمنية والعسكرية الشرعية، أكان في يد “حزب الله” أو في يد الفصائل الفلسطينية وداخل المخيمات، خطوة جوهرية في مشوار بناء الدولة.

وبحسب المصادر، مسار ضبط السلاح سينتج عنه إنهاء الجزر الامنية والمربعات المقفلة المحرّم على الأجهزة الدخول اليها، والتي تحوّلت قلاعا للمجرمين والقتلة وعصابات الخطف والمطلوبين للعدالة ولتجار المخدرات والممنوعات، يتحصنون فيها مرتاحين الى ان يد الشرعية لن تطالهم داخلها، ولو استدعى ذلك مواجهات عسكرية بالصواريخ مع عناصرها!

الطريق واضح اذا كان الهدف بناء الدولة. أما اي اتفاقات يستفيد منها طرف او اكثر على حساب الدولة، فتذهب في الاتجاه المعاكس، تختم المصادر.