كتب السفير البريطاني كريس رامبلنغ في مدونته، تحت عنوان “احتفالات ومسؤوليات”، عن الاحتفالات في السفارة خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال: “حضرنا زفاف زميلة لنا ليلة السبت، حيث تألق العروسان، وكان الحفل صاخبا بالحياة اللبنانية.
كما أعطت جلالة الملكة في مطلع العام الجديد وسام الإمبراطورية البريطانية تقديرا للآنسة ليا بارودي من منظمة مارش March غير الحكومية، الملهمة في مجال صنع السلام وبعث الأمل وإيجاد الفرص في طرابلس وبيروت.
وابتهج الكثيرون منا عند ترشيح “كفرناحوم” لجائزة أوسكار، وهو فيلم استثنائي تناول مواضيع مثيرة للاهتمام. ألف مبروك نادين لبكي وحظا موفقا في 24 شباط.
وفي آخر ليلة من شهر كانون الثاني، احتفلنا من جديد: شكل لبنان حكومة جديدة، حكومة زاد التمثيل النسائي فيها عما سبق، ومنه أول وزيرة للداخلية، ليس في لبنان فحسب وإنما في العالم العربي ككل.
كانت الأشهر القليلة الماضية مقلقة للمواطنين اللبنانيين وأصدقائهم، لذا على الاحتفال اليوم أن يترافق بالمسؤولية. فبقدر ما كان الخميس الماضي مصدرا للانفراج والسرور، بقدر ما ستتطلب الطريق المثابرة والمهارة السياسية وستتطلب العمل بمسؤولية. إذ غرد رئيس الوزراء قائلا: “إلى العمل”، وهو محق.
الخطة الاقتصادية التي تم الاتفاق عليها في نيسان الماضي في باريس خلال مؤتمر “سيدر” ما زالت قائمة، والتزام رئيس الوزراء والوزراء السابقين كان ممتازا، بما في ذلك خلال المنتدى اللبناني-البريطاني للأعمال والاستثمار الذي أقيم في لندن. ولكن الالتزام منفردا لا يصلح الاقتصاد حيث يبقى في ظل هذا الوضع الدقيق موضوع الأمن والسيادة مطروحا. فكيف يمكن للبنان أن يحافظ على استقرار طويل الأمد في خضم الصراع الإقليمي؟
ستبقى المملكة المتحدة إلى جانب الشعب اللبناني خلال خوضه هذه المسارات داعمة ومدافعة. وسنستمر في دعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي لمساعدة دولتكم على الإمساك بأمنكم. وسوف نكثّف عملنا في قطاع التعليم ونستمر في الإصغاء إلى احتياجات المواطنين والاستجابة لها في أكثر من 220 بلدية (فقد بيّنت زيارتي مركز بعلبك الصحي الأسبوع الماضي مدى ما يمكن تحقيقه لمجرد وجود الفكرة والقليل من الإرادة). وسنعمل مع النائبات اللبنانيات، كما فعلنا الأسبوع الماضي في أدنبره ولندن.
سنزيد دعمنا في مجال التطوير الاقتصادي عبر تأمين حوالي 100 مليون دولار وتوفير المنح وإمكان الاستعانة بخبرتنا حيث تدعو الحاجة. فمن خلال عملنا مع شركائنا اللبنانيين سنكثف التجارة والاستثمار بين البلدين. كما أننا سنستمر وسنعزز التزامنا بموضوع اللاجئين في لبنان، وذلك من خلال تخفيف العبء (الضخم) الحالي.
ولكن في نهاية المطاف، فإن اللبنانيين، وليس الدول المانحة، هم الذين سيحددون النجاح. لا يمكن لأصدقائكم تمرير القوانين أو الموافقة على الإنفاق أو معالجة الفساد أو القيام بالتعيينات. لا يمكننا أن نمثلكم في الخارج. تريد المملكة المتحدة نجاح لبنان، وتريده أن يصبح أكثر ثراء واستقرارا وسيادة وأمنا. ولكن لا يمكننا أن نقرر عنكم كيفية القيام بذلك.
من ناحيتنا، فقد اتخذت المملكة المتحدة قرارنا الخاص بالخروج من الاتحاد الأوروبي. ونستذكر خلال تنفيذ هذا التصويت صعوبة التوصل إلى توافق والتحدي الذي تطرحه المساومات، إذ غالبا ما تكون أهم القرارات التي تواجه بلدا ومواطنيه هي الأكثر صعوبة، ولكن من واجب الحكومات أن تتوصل الى كيفية القيام بذلك. لذا لن تتنازل الحكومة البريطانية الحالية عن تلك المسؤولية، ولا ينبغي لها ان ترغب في ذلك. وحدها الحكومات تحكم.
تتخذ المملكة المتحدة اليوم خيارات سياسية صعبة بخصوص مستقبلها وشكلها الاقتصادي كما هو حال لبنان. ولن تكون أي من هاتين العمليتين بهذه السهولة، لكن كلتيهما ضروري. ونحن القادرين فقط على تقرير مستقبلنا.
وبينما يتصارع كلانا في اتخاذ هذه الخيارات الحاسمة، ولكن الأساسية، ستظل المملكة المتحدة إلى جانب لبنان، تقوّي علاقتنا في مجالات الأمن وتوفير الخدمات والاقتصاد والتجارة وعلاقة شعبينا. سننفق في العام 2019 أكثر مما أنفقنا في لبنان خلال العام 2018. وسوف نساعدكم في صناعة المستقبل الأفضل والأكثر إشراقا الذي تستحقونه”.