Site icon IMLebanon

أيّها الثلث المعطل، ماذا فعلت بنا؟

كتب ريمون ميشال هنود في صحيفة “اللواء”:

لقد ظنّ التيار الوطني الحر أنه بمنحه شرعية برلمانية كبرى لسلاح المقاومة، ليس قادرًا فقط على جعل العماد ميشال عون يتبوأ سدة الرئاسة الأولى فحسب، بل إعتقد انه قادرٌ على تعديل اتفاق الطائف، واعادة نسبة كبيرة من ما يسميها بالصلاحيات الكبرى التي خسرها الرئيس الماروني عقب ابرام تلك الاتفاقية عام 1989، الى دنيا الأحياء وهذا المعتقد هو بالطبع مجرّد أوهام وأضغاث أحلام.

ان مشكلة التيار الوطني الحر وحتى بعض الاحزاب المسيحية ما زالت حتى يومنا هذا تكمى باستمرار اعتقادها بان امتيازات باريس التي مُنحت للزعماء الموارنة عام 1943، هي مقدسات منزلة، ما كان يجب تعديلها، او المس بها، لأنّ في ذلك تهديدًا حقيقيًا للوجود المسيحي في لبنان والشرق حسب مزاعم تلك القوى!

لكن ما فات التيار الوطني الحر انّ قيادة حزب الله اعلنت مرارًا وفي عدة مناسبات أنّ اتفاق الطائف خط احمر من غير المسموح تجاوزه ويُذكر أنّ نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قال في تصريح نشره الملحق الخاص لصحيفتكم الغرّاء، العدد السنوي 2019 صفحة 21، لقد جاء اتفاق الطائف بعد حرب اهلية خارجية استمرت زهاء خمسة عشرة عامًا، وهو نتيجة تسوية بين قيادات الطوائف والقوى السياسية في لبنان، ومنذ العام 1990، اصبح هذا الاتفاق جزءًا من الدستور اللبناني، وقاعدة للتوافق بين اللبنانيين. ويضيف قاسم، يعتبر حزب الله ان هذا الاتفاق لا يزال صالحًا لميثاق العيش المشترك بين اللبنانيين، وليس مطروحًا لدى الحزب في هذه المرحلة ان يطلب اجراء تعديلات عليه، بل المطلوب تطبيق كافة مندرجاته. من هنا كان على قيادة التيار الوطني الحرّ وفخامة رئيس البلاد، حسم امرهما لناحية عدم الإقدام على خوض غمار معركة الظفر بالثلث المعطّل في الحكومة الجديدة، على اعتبار أن لبنان دفع 150،000 شهيد لنصل الى تسوية الطائف، لذا يستحيل إعادة عقارب الساعة الى الوراء. لقد كان رهان التيار الوطني الحر على ولادة الثلث المعطل رهانًا خطيرًا، لأنه وصل الى حدّ الإستماتة في محاولة تحقيق هذا المراد رغم ان تلك الأمنية التي ما زالت تدغدغ المشاعر حتى يومنا هذا مخالفة لأحكام الدستور، وكل احزاب البلاد رافضة لإعادة إحيائها، والبلاد لم تعد تحتمل إعادة إنتاج مغامرات خطيرة تشبه الى حدّ كبير مغامرات فتًى طائرًا يدّعي قدرته الفائقة على بناء قصور في الهواء وابراج من عاج، وناطحات كواكب فوق السحاب. يقول معالي الوزير جبران باسيل في مؤتمر صحافي عقده في مركز التيار الوطني الحر في محلّة ميرنا الشالوحي بتاريخ 2/2/2019، نحن لم نكن نهدف الى امتلاك الثلث المعطّل لكنّ تيارًا يملك 29 نائبًا يحق له امتلاك اكثر من 10 وزراء وهذا ما تجيزه عدالة التمثيل حسب تعبيره. لكن وفق اتفاق الطائف وحتى لو امتلك التيار الوطني الحر 45 نائبًا على سبيل المثال لا الحصر، لا يحق له ان يتمثل بأكثر من 10 وزراء “أي حصّته وحصّة مؤسسه الرئيس ميشال عون في حكومة تضمّ 30 وزيرًا”. والسبب أن تيّار الجنرال عون هو تيار مسيحي تابع لرئيس جمهورية مسيحي كان قد قدّم استقالته من تيار أسسه ورأسه “خطيًّا”، لكنّه عاد رئيسًا فعليًا له بالفكر والروح والعاطفة بعد أسابيع قليلة، عندما اقترع للائحة حزبه في قضاء بعبدا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، مطلقًا عليها اسم لائحة العهد، وبذلك يكون قد نأى بنفسه عن عبارة بيّ الكل التي كان قد أطلقها وتبنّاها عقب انتخابه رئيسًا للجمهورية والتي كانت تلزمه الاقتراع بورقة بيضاء انصافًا لقيمتها الوطنية والمعنويّة المرموقة والمرصّعة بمبادئ وقيم الحياد وعدم الإنحياز. لكنّ حياده الإيجابيّ عاد وغدا سلبيًا أعود وأكرر نتيجة نأيه بنفسه عن عبارة كانت تصلح بقوّة لأن تكون من أحد أهم العقاقير الشافية لأخطر حالة نهكٍ ووهنٍ وخورٍ وانحطاطٍ اعترت لبنان منذ وجوده وطعنت معنويّاته في الصميم، لو تمّ تطبيق مندرجاتها بحذافيرها الكاملة. من هنا فإنّ ميشال عون مع حفظ الالقاب “الماروني” وحزبه المسيحي لا يحق لهما امتلاك الثلث المعطل لأنّ في ذلك مخالفة واضحة لأحكام الدستور أولًا، فضلًا عن أنّ هذا المراد وفي حال تحقّق ثانيًا، كان سيعود بنا الى زمنٍ أنجب للبنان حربًا أهلية عقب تحكم فئةٍ من اللبنانيين بقرارات الحكومة طيلة فترة صيغة 1943، وعلاوة على ذلك وحتى لو كان هنالك وزراء مسلمون داخل كتلة الرئيس، فإنّ هذا لن يزيل عنها صبغتها المسيحية، لأنّ تلك الكتلة ما زالت تدّعي بأنّ المسيحيين في لبنان يعانون الإحباط منذ عملية 13 تشرين الأول 1990! وإنّ التيار الوطني الحرّ هو الذي سيستعيد الحقوق المسيحية المسلوبة! أمّا الثلث المعطل ووفق اتفاقية الطائف يمكن ان يكون من نصيب تحالف عدّة أحزاب على طاولة مجلس الوزراء، لا من نصيب حزب واحد. أيّها الثلث المعطل ماذا فعلت أحلامك المستمدة من نسج خيالك؟! من هنا لزامًا علي أن أحيلكم الى الأضرار التي سببتها تلك البدعة والهرطقة المسماة ثلثًا معطلًا طيلة تأخيرها ولادة الحكومة لأشهر عديدة. في كانون الأول 2018، اكّدت عدة احصاءات صادرة عن وزارة المالية ومراجع أخرى ان 2200 مؤسسة تجارية ومتاجر متواضعة اقفلت ابوابها منذ بداية عام 2018، وعادت الوزارة عينها لتؤكد ان 3250 مؤسسة ومحلًا تجاريًا تقدمت بالتصريح لجهة توقفها عن العمل والتراجع يحصل في مختلف القطاعات ومنها العقاري 17 بالمائة، ومساحات البناء المرخصة 23 بالمائة، فيما ارتفعت نسبة البطالة الى 35 بالمائة ونسبة الفقر الى 75 بالمائة، وانخفضت القدرة الشرائية لدى المواطن اللبناني. وفي 2/11/2018 قالت معلومات ان 18 مؤسسة في طرابلس اغلقت ابوابها خلال شهر ايلول 2018، واغلقت 19 مؤسسة جديدة ابوابها في شهر تشرين الاول 2018، كما اغلقت 5 مطاعم في منطقة الضم والفرز ابوابها دفعة واحدة. ونتيجة تعملق الفقر جرّاء التأخير في تشكيل الحكومة، أفادت المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، أن محاولة انتحار واحدة تحدث في لبنان كل ست ساعات، وان حالة انتحار تقع كل 48 ساعة.

في البدء رفض الوطني الكبير فارس الموارنة العربي الرئيس الاسبق سليمان فرنجية تعديل دستور 1943 في العام 1975، ايمانًا منه بعدم احداث شرخ كبير في الصف المسيحي، رغم انه كان مؤمنًا بضرورة تعديل ذلك الدستور لايقاف جنون الحرب الاهلية المولودة حينها من رحم الغطرسة والاستعلاء والانماء اللا متوازن. لكن عندما هدر صوت الموت وامتلأ الوطن بمستنقعات الدماء البريئة، وخرج العنف عن المألوف وكان القتل بالذبح على الهوية من الوريد الى الوريد هو المشهد المروّع، وقّع الرئيس فرنجية مع شهيد لبنان الكبير دولة الرئيس رشيد عبد الحميد كرامي الذي حارب مشاريع الكنتنة والفدرلة بشراسة طاهرة قلّ نظيرها، وثيقةٍ دستوريّة في دمشق بتاريخ 23 كانون الثاني 1976 لإنهاء الحرب الأهلية، وكان من أبرز بنودها توزيع الحصص الطائفية بتعزيز صلاحيات رئيس الحكومة. لكنّ الثنائيّ الكتائبيّ الشمعونيّ رفض ذلك واستمرت الحرب الأهلية. لقد انبرى الأب جورج صدقة رئيس الدير الانطوني ليقول من حرم الدير في حضور فخامة الرئيس ميشال عون بأن ثمة من يريد احلال المثالثة وتعديل الدستور. لكن عذرًا أيها الأب الجليل هل باتت المطالبة باقرار المادة 95 من الدستور الناصة على تشكيل الهيئة الوطنية العليا لالغاء الطائفية السياسية من النفوس مطالبة بالمثالثة، وهي المادة التي تعتبر زينة اتفاقية الطائف، وحبرها البائس يبقى أسيرًا في سطرٍ إنفراديّ دامس تحيط به أسطر الدستور اللبناني منذ تشرين الثاني 1989؟! إن المادة 95 من الدستور يا قدس الأب، ليست جسمًا غريبًا طرأ بشكلٍ فجائيّ على الدستور في كانون الثاني 2019، بل هي أساسًا من مندرجات الدستور الأساسيّة، وركيزته الأساسية وشريانه الحيوي وخاصرته القويّة وعموده الفقريّ ورئته التي يتنفّس منها. لا أخفي عليكم يا قدس الأب إذا قلت بأنّ صيغة المناصفة لن تبقى حيّةً ترزق من نظام المحاصصات الطائفية في حال تمكّنا من إلغاء الطائفية السياسيّة من النفوس بموجب المادة 95 من الدستور. وبالمناسبة يا قدس الأب فإن قوانين وبنود ومندرجات الدولة المدنية، لا يتيحون دومًا لصيغة المناصفة بالتسيّد، إنّما من يخرج منتصرًا من ملاكها هي زيجة النزاهة الكفاءة والشفافية على فتى أحلامهنّ الرّجل المناسب، أيًّا كانت طائفيته ومذهبه، زيجةً مارونية لا طلاق فيها ولا هجر، ويكون الإشبين والشاهد على الزواج، المكان المناسب. أليس أفضل يا قدس الأب أن يكون لنا نظامٌ سياسيّ عصريّ يجلس الرجل المناسب في مكانه المناسب، عوضًا عن مناصفة أو مثالثة مولودة من خاصرة قالب جبنة نقتسمه لنطفئ لهيب غرائزنا الطائفية والمذهبية والمناطقية بشكلٍ مؤقة كلّ فترة من الزمن، في وطنٍ أمعنت فيه الفئوية في نحر حضارته وأيات روّاد عصر نهضته، كما تُنحر الخنازير من خواصرها، وفي تعميق جراح اقتصاده النازف أساسًا. ولوقف نزيف الهجرة من حق الشباب اللبناني يا قدس الأب أن يستأصل الطائفية من نفسه وقلبه وعقله بعد أن تكون الهيئة الوطنية العليا لإلغائها قد أفلحت في إقناعه باستئصالها، لتشييد الدولة المدنية في لبنان التي نادى بها المغفور له الوطني الكبير المطران غريغوار حداد والامام المغيب موسى الصدر وكلّ الأحزاب التقدميّة والوطنيّة. لقد آن الأوان يا قدس الأب ان ننقل موارنة جبل لبنان من عصر إميل اده، وكميل شمعون وسعيد عقل، وفؤاد افرام البستاني وإدوار حنين رحمهم الله ومع احترامي الشديد لفكرهم وآرائهم، الى عصر جبران خليل جبران، وأمين الريحاني ومنصور الرحباني، وشاهين ماكاريوس، وناصيف اليازجي، ورشيد سليم الخوري، والخوري طانيوس منعم صاحب كتاب وعلى الأرض السلام، وشبلي الملاط شاعر الأرز والياس فرحات، والياس ابو شبكة، ومارون عبود، وفرح انطون، ورئيف خوري، وميخائيل نعيمة وايليا ابو ماضي، وفؤاد الشمالي، ويوسف ابراهيم يزبك، والبطريركان المعوشي وخريش وعمر الزعني (موليير الشرق)، والكبير جرجي زيدان. لقد آن الأوان ان يخرج موارنة جبل لبنان من عزلتهم وان يتخلصوا من رهاب الإسلام او الاسلاموفوبيا والثقافة هي الدواء الوحيد لخلاصهم من هذا الداء. فالاوف والدلعونا والميجانا، والعتابا والزجل والهرارة وكأس العرق البلدي والكبة النيئة المنعزلين في الجبل فولكلور رائع وكرنافال شيّق وطعام شهيٌّ لذيذ، لكنهم بمفردهم غير قادرين على جعل الموارنة يتقبلّون ثقافة الإنفتاح على الآخرين، ولكي نعتنق مذهب الإنفتاح على الآخرين علينا أن ندرك أنّ الإنسان وُجد قبل الأديان وأنّ الأديان وُجدت لنشر المحبة والسلام والتآخي والمساواة بين الشعوب ولم تولد لتفرّق بين إنسان وإنسان والأديان بريئة من كلّ من أساء الى تعاليمها وجعل الناس تخال بأنّ هنالك دين نخب أول ودين نخب ثاني، إحذروا التقليد! كما أوهمتهم تعاليم الطائفية والمذهبية التكفيريّة وترانيمها الشيطانية، فحذارِ الوقوع بعد ذلك في هذا الفخ وهذا الكمين، لذا فلنبدأ بتلقّي لقاحات الثقافة الآن الآن وليس غدًا، لأنّ الندم المصحوب بالبكاء على الأطلال والجدل البيزنطيّ العقيم لن يعود وينفع بعد ذلك. آن الأوان أن نحمل المادة 95 من الدستور على أكتافنا ونُجلسها على عرش الوطن، كي يكون لنا جامعة لبنانية موحدة، لا منقسمة الى فرعين، فرع مسيحي، وفرع مسلم. ومن المخزي ان يستمر أطفالنا بارتشاف الحليب الطائفي من أثداء أمّهاتنا، الجيل تلو الجيل، ومن العار أن نبقى ننتظر شهورًا وسنواتًا عجافًا عصيبة زاخرة بالألم النفسي والمعنوي والجسدي في كلّ مرّة نريد فيها تشكيل حكومة وانتخاب رئيسًا للجمهورية، واقرار قانونٍ برلمانيٍّ مفصّلًا على المقاسات في ظل قبوع أعصابنا المنهكة بين مطرقة الطائفية ونعراتها وسندان المذهبيّة ونزواتها، وتحت مجهر ومبضع الفئوية وقرصنتها وبلطجتها، في ظلّ عيشنا في نكبات الفقر المدقع ومصائب العوز الشديد ومعامع ومطاوح ومهالك الجوع الكافر. ومن الذلّ ان تبقى العصمة في يد التعصب الدّيني لتجلبنا الى بيت طاعتها ساعة تشاء. من حقنا أن نبني دولة مدنية لا طائفية تزيّن مبادئها مساقط رؤوسنا وأروع دساكرنا. ولو تسنّى لكل رضيع يا قدس الأب يخرج الى معترك الحياة أن يتعرّف الى مساوئ الطائفية لكان قد سأل، ما ذنبي ان ولدت سنيًا او شيعيًا او مارونيًا في وطن أمسى واديًا للدماء والدموع جرّاء المماحكات والمناكفات، والمنازعات والمهاترات، وجرّاء الادمان على تعاطي كتابة الشعارات الطائفية والترويج لثقافتها الهدّامة! وعدٌ يا لبنان بأننا سنعيش مع بعضنا مسلمين ومسيحيين في نفس الحي ونفس المبنى، ولأن الوطن ليس أزقّة وزواريب أقول لك يا أخي في الوطن تعال بيننا أقم عندنا وخذ من قلوبنا لك مسكنًا، فالأرض لنا وأنت أخي هاتِ يدك. لقد خلقت عواصم الإستعمار تنظيم داعش الارهابي لتشويه صورة الاسلام بهدف السيطرة على النفط العربي برعاية مقولة العرب قومٌ فاسدون مفسدون علينا إعادة إستعمارهم لكي يتحضّروا. وأوهمت العديد ممن يفتقرون الى أدنى درجات الثقافة والوعي، والوعي هو مصنع السلم الأهلي، بأن داعش هو الاسلام والاسلام هو داعش. لكن أفضل ردّ على من هدف الى تشوية سمعة دين المحبة والسلام والإنفتاح أتى منذ زمن بعيد على لسان محرّر البيان الشيوعي الفيلسوف العظيم كارل ماكس عندما قال في كتابه الحياة، أن محمدًا الرجل العربي الذي دعا عبدة الأصنام الى التوحيد وزرع فيهم أبديّة الروح لا يجب اعتباره فقط بين صفوف الرجال العظام بل جديرٌ بنا ان نعترف بنبوّته وبأنه رسول اتى من السماء الى الارض وعاد ماركس العظيم ليقول عنه في كتابه رأس المال، ان نبيًا افتتح برسالة الإسلام عصرًا للعلم والنور والمعرفة، حريّ ان تدون اقواله وافعاله على طريقة علميّة خاصة. لقد آن الأوان أن نقطع عنق الطائفية السياسية، فلا ازدهار اقتصادي في لبنان مع الطائفية، لأن الطائفية تفرق ولا توحد فكيف ستتحسن الأوضاع الاقتصادية في ظل التفرقة؟! كم هو جميل أن نرى أن أمّ محمود قد باتت مرضعة الطفل مارون بعد اصابة والدته بالفطام، والعكس صحيح. وكم هو مدهش أن نرى عرس الوطن الكبير يوم تتزايد زيحات مارون على فاطمة ومحمد على ريتا على وقع اجراس الكنائس وتكبيرات المساجد، وعلى وقع تردادنا لمطلع قصيدة نظمها الياس فرحات شاعر القومية العربية ابن بلدة كفرشيما العملاقة بلدة العلم والنور والفنون والطرب، وأزفف بناتك في المذاهب كلها – للمؤمنين وعابدي الأصنام – واقرن بهذا الجبل بطرك تابعي عيسى بشيخ مشايخ الإسلام – حتى اذا نفث التعصّب سمّه، منعت اذاه وشائج الأرحام. ما أحيلى ان نرى مارونًا يسمي إبنه محمدًا على غرار الشاعر والأديب مارون عبّود الذي كان معجبًا بالذكاء الحاد للنبي العربي محمد، فسمّى إبنه البكر محمدًا وهذا مطلعها:

“عشت يا ابني عشت يا خير صبيّ ولدته أمّه في رجب.

فهتفنا واسمه محمدٌ، أيها التاريخ لا تستغربِ

أمّه ما ولدته مسلمًا او مسيحيًا انما عربيّ.”