كتب ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية:
يقول سياسي مخضرم ينتمي إلى طائفة الروم الملكيين الكاثوليك او «طائفة الأغنياء» كما يقال عنها ان ظلما سياسيا لحق بالطائفة في تشكيل الحكومة اللبنانية الأخيرة، بحيث تمثلت الطائفة بثلاثة وزراء ينتمون الى تيار سياسي واحد، وهم من خارج النادي التقليدي والمعاصر لأركان الطائفة، لكون الثلاثة لم يتعرف عليهم الوسط السياسي منذ زمن بعيد، كما أن اثنين منهم ينتميان الى عائلة واحدة من البقاع وهما الوزيران سليم وفادي جريصاتي، والوزير الثالث غسان عطاالله من بلدة بطمة في الشوف الأعلى، ترشح في الانتخابات النيابية الأخيرة ولم يحالفه الحظ.
ويقول السياسي – الذي طلب عدم ذكر اسمه: منذ أن تم تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة في مايو الماضي، طالب التيار الوطني الحر بعدم احتكار تمثيل طائفة بكامل وزرائها من قبل حزب او تيار واحد، وقد فهم الجميع أن هذا الشعار يهدف الى عدم تمكين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من الحصول على الوزراء الدروز الثلاثة بكاملهم، لأن جنبلاط حصل على 7 من 8 نواب يمثلون طائفة المسلمين الموحدين الدروز وفق القانون، علما ان المقعد الثامن تركه شاغرا ولم يرشح عليه أحدا. ولأن جنبلاط كان مع الاسراع بتشكيل الحكومة لمواجهة المؤشرات الاقتصادية والمالية المخيفة التي برزت في الصيف الماضي، قام بالتنازل عن المقعد الوزاري الثالث، وأعطى الحرية لرئيس الجمهورية بتسميته، على أن يكون من حصة الرئيس، وغير منتم الى أي من الأحزاب.
والروم الملكيون الكاثوليك يتساوون مع الدروز في عدد مقاعد النواب وفي عدد مقاعد الوزراء.
ويتساءل السياسي المذكور آنفا: لماذا ممنوع على الوزراء الدروز أن يكونوا من جهة سياسية واحدة، علما ان نوابهم ينتمون الى خط سياسي واحد تقريبا؟ بينما هذا المعيار لا يطبق على الوزراء الروم الملكيين الكاثوليك الذين ينتمون الى تيار سياسي واحد، علما أن النواب الكاثوليك موزعون على عدد من الأحزاب وليسوا جميعهم من حصة هذا التيار!
ويتابع: الوزراء الروم الكاثوليك الثلاثة يبدون كأنهم «صقور» مواجهة في سياق المسيرة الحكومية، ولم يتم اختيارهم بطريقة عادية، بل ان لكل منهم خصوصية واضحة من حيث المهام الملقاة على عاتقه. فوزير شؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، هو القاضي السابق الوحيد الذي كان ضد قيام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وطعن في مشروعية إجراءاتها، وقريبه وزير البيئة فادي جريصاتي فاجأ الوسط السياسي، حيث بسببه توقف تشكيل الحكومة أكثر من شهر، لأن التيار الوطني الحر قرر الحصول على وزارة البيئة وإسنادها اليه دون غيره. اما الوزير الثالث غسان عطاالله الذي تولى حقيبة المهجرين، فالمتابعون لتفاصيل السياسة «الجبلية» يعرفون تماما معنى توزيره، وكيف جهد التيار الوطني الحر لإنجاحه في الانتخابات النيابية، ولم يتمكن من ذلك.
يرى السياسي المخضرم ذاته أنه «تم اعتماد سياسة الصيف والشتاء تحت سقف واحد في تشكيل الحكومة، لناحية اعتماد ازدواجية المعايير في التعامل مع القوى السياسية التي فازت في الانتخابات». ويتساءل على سبيل المثال: هل كان «الشركاء بالتشكيل» سيوافقون على توزير خاسر في الانتخابات النيابية لو كان ينتمي الى تيار آخر؟