كتب نذير رضا في صحيفة “الشرق الأوسط”:
تتجه الأطراف المشاركة في الحكومة اللبنانية إلى تفكيك العلاقات المتأزمة فيما بينها، بهدف تفعيل العمل الحكومي، وبدأ ذلك في اجتماع التهدئة بين الرئيس سعد الحريري ووزيري «الحزب التقدمي الاشتراكي» أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، في وقت دخل «حزب الله» على خط تقريب وجهات النظر بين حلفائه، لتذليل الاختلافات وتحقيق تضامن حكومي يتيح الإنجازات في ملفات أساسية مثل «مكافحة الفساد» وملف الكهرباء.
وينتظر أن يعقد أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، لقاء قريباً جداً، بهدف التشاور في الموضوع الحكومي، والتفاهم على العناوين العريضة في مجلس الوزراء، وتنسيق المواقف.
ويعتبر «حزب الله» نقطة التقاطع بين حلفائه الذين تشوب علاقتهم تباينات، وتحديداً «حركة أمل» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، و«تيار المردة» الذي يرأسه النائب السابق سليمان فرنجية من جهة، و«التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل من جهة أخرى.
وقالت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط» بأن الحزب يقوم بمبادرة للتهدئة، بهدف تحقيق إنجازات في معالجة الملفات الحكومية التي تحتاج إلى تضامن وزاري، قائلة بأن أمام الحكومة «ملفات ضخمة أبرزها مكافحة الفساد وتأمين الكهرباء 24 على 24 ساعة»، تحتاج إلى تأييد وإجماع، لذلك «يولي أهمية لتقريب وجهات النظر بين حلفائه وتهدئة الخلافات الداخلية». ورغم أن هناك اتفاقات كبيرة بين مكونات الحكومة على الملفات الاستراتيجية ومعالجة الملفات الإشكالية بهدوء، إلا أن الخلافات «تحتاج إلى تنقية القلوب وتفاهمات»، منعاً لأن تعوق المناكفات السياسية بين أطراف الحكومة الإنجازات المتوقعة.
وتلتقي «حركة أمل» مع «حزب الله»، وأطراف لبنانية أخرى، على ضرورة أن تكون الحكومة منتجة، وتتجنب الصراعات، إذ يؤكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي خريس «أننا أول من دعا لأن تكون المرحلة مرحلة عمل، وتخفيف التشنجات لأن الوضع لا يحتمل أزمات وتوترات ومشاكل»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن عنوان الحكومة هو العمل، ويجب أن تكون منتجة، وهذا خطابنا من البداية، لافتاً إلى أن «الحكومة يجب أن تبدأ بمعالجة ملف الكهرباء».
وقال خريس: «نحن دعاة التهدئة، وخطابنا على الدوام يتجه إلى التهدئة، ونحث الجميع على اتخاذ المنحى نفسه»، مشدداً على ضرورة أن تكون الحكومة منتجة. وعن العلاقة مع «التيار الوطني الحر»، أكد خريس أنها «متينة وهناك تواصل دائم ومستمر».
وتشدد مصادر تيار «المردة» على أن الحكومة يجب أن تكون منتجة، وتكون هناك علاقة مع جميع الأطراف ضمن السقف الاستراتيجي، كما تؤكد على ضرورة وقف الفساد. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «هناك واقع أن أباً يحرق نفسه اليوم (أمس) لأنه لا يستطيع تأمين إفادة مدرسية لابنته. يجب أن تتطلع الطبقة السياسية لشؤون الناس، فالتهاون ممنوع مع مطالب الناس، كما أن التعاطي باستخفاف مع حاجاتهم ليس مقبولاً».
ويبدو أن قرار التهدئة ينسحب على جميع الأطراف بما يتخطى الحلفاء، وهو ما أشار إليه الوزير السابق غطاس خوري المقرب من الرئيس الحريري، حيث أكد أن هذه الحكومة مدعوة إلى العمل لأن البلد ما عاد يحتمل، وقال في تصريح تلفزيوني: «12 صفحة من البيان الوزاري بغالبيتها هي عن سيدر وكتبها الحريري منذ فترة في مكتبه… وهذه الحكومة تأتي لتنجز وتعمل». وأوضح خوري أن هناك ضرورة للوصول إلى التسوية، «واليوم البلد يعيش توازناً بين أطراف سياسية متعددة والمطلوب الحفاظ على الحد الأدنى من التفاهم». وأضاف: «حزب الله» مكون أساسي في لبنان وهناك طريقتان لمعالجة الوضع إما بالمهادنة مع الحزب أو بفتح هجوم عليه ونحن نريد المهادنة لأننا نريد الحفاظ على السلم الأهلي ولو أن هذا الأمر ليس شعبويا».