كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:
بدأ القضاء اللبناني اتخاذ إجراءات عقابية مشددة، بحق قيادات تنظيمين فلسطينيين مواليين للنظام السوري وإيران، يتخذان من المخيمات الفلسطينية تحصينات لهما، في دلالة واضحة على التشدد بملاحقة هذه القيادات، لارتكابها «أعمالاً إرهابية داخل المخيمات، مما يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في لبنان».
وبرز هذا التوجه عبر اتهام القضاء العسكري عدداً من قيادات وكوادر «الجهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة»، الحليفة للنظام السوري، بـ«زرع عبوات ناسفة بهدف تفجير الوضع الأمني داخل مخيّم عين الحلوة، والقيام بأعمال إرهابيّة تؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار، وإثارة النعرات والفوضى داخل المخيّم، وعلى الأراضي اللبنانية»، فيما يُلاحق القضاء العسكري في ملفّ آخر، الفلسطيني جمال سليمان، قائد تنظيم «أنصار الله» وخمسة من كوادر التنظيم المقرّب من «حزب الله»، بجرم «تأليف مجموعة مسلّحة وإثارة الاقتتال داخل مخيم المية وميّة، في جنوب لبنان، وتهديد أمن المدنيين بداخله وفي محيطه».
وكانت قوة من الأمن العام اللبناني قد ألقت القبض خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على الفلسطيني حسن علي ريّان، المطلوب للعدالة بأعمال أمنيّة، الذي اعترف بأنّه أحد المسؤولين العسكريين في تنظيم «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة» داخل مخيّم عين الحلوة، والمسؤول المباشر عن مخازن الأسلحة والذخائر التابعة للجبهة في المخيّم، ويعمل تحت إمرة المسؤول الأمني في التنظيم، باتر النمر، الملقب بـ«أبو راتب».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر قضائية أنّ ريّان الذي أحيل إلى المحكمة العسكرية، اعترف أمام قاضي التحقيق العسكري فادي صوّان، بأنّ «القائد الأمني للتنظيم (أبو راتب) كلّفه بمرافقة مسلّحين ملثّمين إلى مفرق السوق وموقف بليبل داخل المخيّم، لمعاينة المنطقتين وزرع 16 عبوة ناسفة فيهما، وأنه شاهد العبوات موضبة في صندوق السيارة التي كان يستقلها المسلحون»، وأكّد الموقوف أنّه «رفض تنفيذ هذه المهمّة، وقرّر الانشقاق عن الجبهة الشعبيّة، واستولى على الأسلحة والذخائر التي كانت داخل مخزن (نفق الحليب) الموجود في المخيّم، وباع قسماً منها إلى تجار أسلحة؛ لكنه عاد ووقع في قبضة (الجبهة الشعبية) مجدّداً، واعترف بمكان وجود ما تبقى من الأسلحة والذخائر التي استعادتها».
وبناء على معطيات جديدة توفّرت للأجهزة الأمنية، ادعت النيابة العامة العسكرية مجدداً على حسن ريّان بجناية تأليف عصابة مسلّحة، والقيام بأعمال إرهابيّة، بعد أن اعترف في التحقيقات الأوليّة بأنّه بعد انشقاقه عن «الجبهة الشعبيّة» ترأس مجموعة مسلّحة أطلق عليها اسم «مجموعة الانتقام» كان هدفها تنفيذ عمليات أمنيّة داخل المخيّم.
واعتبر قاضي التحقيق العسكري في قراره الاتهامي، أنّ المتهم حسن ريّان، أقدم على سرقة أسلحة وذخائر وصواريخ حربية والاتجار بها، كما قام بتأليف مجموعة إرهابية مسلّحة، وأحاله إلى المحكمة العسكرية للمحاكمة، وطلب إدانته بجرائم الإرهاب، التي تصل عقوبتها إلى الأشغال الشاقة حتى 20 عاماً، وسطّر مذكرة تحرٍّ دائم لمعرفة هوية الأشخاص أعضاء المجموعة المسلحة، وهوية المسؤول الأمني في تنظيم «الجبهة الشعبية» باتر النمر «أبو راتب» لمحاكمتهم.
وفي ملف آخر، ادعت النيابة العامة العسكرية على جمال سليمان، قائد تنظيم «أنصار الله» مع خمسة آخرين من كوادر التنظيم، بجرم «الانتماء إلى مجموعة مسلّحة، والمشاركة في المعارك التي حصلت داخل مخيّم الميّة وميّة، وقتل عدد من الأشخاص»، وأحالت الملف مع موقوف واحد إلى قاضي التحقيق لإجراء المقتضى القانوني. علماً بأن جمال سليمان تمكن مع 20 من قادة التنظيم من الخروج من مخيّم الميّة وميّة خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إثر تطويقه من الجيش اللبناني، بعد المعارك التي حصلت داخله، وانتقلوا إلى سوريا للإفلات من الملاحقة، وتردد أنهم خرجوا من المخيم واجتازوا الحدود اللبنانية السورية بمساعدة أحد الأحزاب اللبنانية النافذة.