يُظهر حزب الله اللبناني إصرارا على فرض نفسه قوة مؤثرة داخل الماكينة الحكومية، لتكريس المعادلة الجديدة التي فرضتها الانتخابات النيابية التي جرت في مايو الماضي ومنحته وحلفائه تفوقا مريحا نسبيا. وتأتي هذه الخطوة استباقا لتحولات إقليمية قد تضطره إلى العودة من مناطق النزاع وتحديدا سوريا، التي انخرط في الصراع الدائر على أرضها منذ العام 2013 بطلب من راعيته إيران.
وكان الحزب يتمسك بدور هامشي في الحكومات اللبنانية المتعاقبة، بيد أنه في الحكومة الجديدة بقيادة سعد الحريري أصر على أن يكون له حقيبة أساسية تمثلت في وزارة الصحة، رغم التحفظات الداخلية والأميركية، بحكم أن لهذه الوزارة نصيب من التمويلات الخارجية.
وتقول دوائر سياسية إن هناك تغيرا ملموسا في نهج حزب الله وهو ما ترجمه خطاب أمينه العام حسن نصرالله الأخير، وشدد عليه نواب الحزب الثلاثاء، خلال مناقشة البرلمان للبيان الوزاري لمنح الثقة للحكومة الوليدة.
وترى الدوائر السياسية أن الحزب يعتبر أن تفعيل دوره في الحكومة بات ضرورة لجهة أن ذلك سيمنحه غطاء سميكا في مواجهة الضغوط الأميركية، فضلا عن كونه يشكل بوابة لاختراق جدار الصد الدولي الرافض لامتلاكه ترسانة عسكرية والمتحفظ على سياساته المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
وحثت كتلة حزب الله على بدء محادثات مع البنوك لخفض تكلفة خدمة الدين العام الهائل عارضة رأيها إزاء مشكلة رئيسية بوضوح على غير المألوف.
وتعكس تصريحات الكتلة حقيقة أن الحزب ينوي أن يكون قوة قرار في مختلف الملفات التي لطالما كانت خارج مدار اهتمامه وبينها الملف الاقتصادي.
وأكدت حكومة تصريف الأعمال الشهر الماضي أنها لن تقترح إعادة هيكلة الدين العام والتزامها بسداد جميع الديون المستحقة والفائدة في المواعيد المحددة.
وتشكلت الحكومة الجديدة التي تضم جميع الأحزاب الرئيسية في لبنان تقريبا في نهاية يناير بعد تسعة أشهر من مخاض عسير كلّف لبنان الكثير خاصة على صعيد ثقة المانحين الدوليين. وقد لعب حزب الله دورا أساسيا في تعثر ولادة تلك الحكومة سواء من خلف الستار أو في العلن حينما فجر قنبلة توزير أحد حلفائه السنة.
ويسيطر حزب الله المدعوم من إيران، والذي تصنفه الولايات المتحدة كجماعة إرهابية، على 3 وزارات في الحكومة الجديدة وهو أكبر عدد من الحقائب له على الإطلاق.
وأهم وزارة يتولاها حزب الله هي وزارة الصحة، لتكون بذلك المرة الأولى التي يتولى فيها وزارة ذات ميزانية كبيرة. واحتفظت حليفته حركة أمل الشيعية بوزارة المالية بينما تولى حليف آخر لحزب الله، وهو التيار الوطني الحر، وزارة الخارجية.
وسجل لبنان واحداً من أعلى معدلات الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي عند نحو 150 بالمئة وتراكم معظمه من خلال تكلفة خدمة الدين الحالية، فيما عاني الاقتصاد لسنوات من معدل نمو منخفض.