كتبت ميسم رزق في “الاخبار”:
الشؤون الاجتماعية» هي «أمّ الوزارات»… القواتية. بين وزارات «الدرجة الأولى» (السيادية) ووزارات «الدرجة الثانية» (الخدماتية)، كانت «الشؤون» أهم ما ناله حزب سمير جعجع، أو بالأحرى أهم ما تمكّن من الاحتفاظ به من الحكومة السابقة. والحال أن الحقيبة، وإن كانت لا ترقى إلى مستوى «الصحة» التي انتزعت من القواتيين، إلا أنها ليست «عادية» قياساً بموازنات البرامج التي تشرف عليها، وبشبكة المراكز الـ240 التابعة لها، التي تنتشر في كل المناطق اللبنانية، بما يجعلها على تماس دائم مع شريحة كبيرة من المواطنين.
ليس لدى الوزير الجديد ريشار قيومجيان الكثير مما يعد به. أولاً، لأن «في لبنان لا يُمكننا أن نقدّم وعداً قاطعاً». وثانياً، والأهم، أن «الحكم استمرار، والعمل الحكومي نتاج جهود متراكمة». يبرّر قيومجيان لـ«الرفيق» بيار بو عاصي عدم إحداث ثورة في الوزارة. فالأخير «بدأ بمسار إيجابي سنستكمله»، لافتاً في لقاء مع «الأخبار» إلى أن «الوقت لم يُسعِف بيار. فقد كانت الحكومة في بدايتها حكومة انتخابات، ثم تحوّلت حكومة تصريف أعمال». فهل يُسعف العمر المفترض للحكومة، حتى نهاية العهد، الخلف في تحقيق ما لم يحققه السلف؟ يجيب: «ما عم قول جايي غيّر الوضع. أنا وبو عاصي لدينا المبادئ نفسها، وسأنطلق من حيث توقف».
لا يبدو وزير الشؤون الجديد مؤيداً لأي توجه بخفض موازنة الجمعيات التي يحصل كثير منها على دعم الوزارة من دون أن تقدم شيئاً في المقابل. أولاً، «أنا ضد المبدأ الاشتراكي القائل بأن الدولة هي التي تسيّر كل شيء. بل أؤيد الخصخصة في كل القطاعات، لأننا إذا خلقنا منافسة يمكننا الحصول على خدمات أفضل». وثانياً، «هناك جمعيات تُرفع لها القبعة ويجب دعمها». أما تلك التي ليسَت سوى واجهة «فسنحاسبها من خلال تفعيل وحدة الرقابة في الوزارة أو اللجوء إلى التفتيش المركزي». ينسحب ذلك على عمل المراكز التابعة للوزارة أيضاً، «فمنذ أيام أرسلنا مراقبين إلى مركز في قضاء الزهراني بعدما وصلتنا شكاوى بحقه». وماذا لو كانت الجمعية تابعة للقوات اللبنانية؟ يؤكد: «سأوقف التمويل لمن لا يستحق بغضّ النظر عن الجهة التي ينتمي إليها».
استهداف الأسر الأكثر فقراً بين البرامج الأهم التي تشرف عليها الوزارة، رغم أن مخصصاته لا تتعدى ستة مليارات ليرة (موازنة 2017) في بلد يزداد فقراؤه باطّراد. يرفُض قيومجيان الإقرار بأن المشروع تحوّل واحداً من أبواب «التنفيعات السياسية» أكثر منه خطة لمواجهة الفقر. «البرنامج ناجح، ويُعمل على تطويره. وكل مشروع يتطلب تفعيلاً حتى يستمر بشكل تصاعدي». لكنه يعترف: «الوضع ليسَ مثالياً»، فـ«المشروع بحاجة إلى تمويل أكبر وإلى موظفين أكثر، لأن الحاجات تتزايد مع تزايد حالات الفقر». كذلك «هناك شريحة واسعة من الفقراء لم يلحظها البرنامج»، واعداً بـ«متابعة الأمر على قدر المستطاع، فلدينا الرغبة والنية والكف النظيف. وسنسعى إلى زيادة التمويل، إما من خلال الموازنة، أو عبر المساعدات التي تأتي من مؤسسات دولية، على أن تكون الشريحة المستهدفة بالدرجة الأولى من اللبنانيين، على أن تصبح المساعدة في قطاع التعليم والتأمين الصحّي في أولويات هذا البرنامج». وماذا عن غير اللبنانيين؟ «كل من هو مقيم على الأراضي اللبنانية سنساعده. حين نقول إن الأولوية للمواطن اللبناني لا نتحدث من منطلق عنصري». وأيضاً «ليس من منطلق طائفي. فحتى لو كان 80 في المئة من الفقراء من طائفة واحدة لن نتأخر في المساعدة. هذا ما فعله بيار بو عاصي، وهذا ما سنستمر في فعله».
وعود قيومجيان خجولة، ويجملها بالقول إن «من المشاريع التي سأركز عليها تلك التي تُعنى بالمعوَّقين والمجلس الأعلى للطفولة والإسكان». وخجل الوعود سببه، أساساً، «أننا يجب أن نبذل جهداً لمواجهة النظام الذي يعوق في كثير من الأحيان ما قد يتعهّد به أي وزير».