Site icon IMLebanon

في ذكرى 14 شباط… الحريري يُراسل المجتمع الدولي وبعض الداخل!

جاء الاحتفال الذي نظّمه “تيار المستقبل” الخميس في ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، من حيث شكله والمضمون، مثقلا بالرسائل السياسية، المحلية والعابرة للحدود. فحضور المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، أكد عودة العلاقات بين الرياض وبيروت عموما، والرئيس سعد الحريري، خصوصا، الى سابق عهدها من الصفاء والوئام، ودلّ الى ان المملكة عازمة في الفترة المقبلة، على تفعيل تعاونها مع الحكومة الوليدة على الصعد كافة، بما يمدّها والاقتصاد اللبناني بجرعة دعم قوية، في مسار يؤشر في الوقت عينه، الى رفض عربي لترك لبنان وحيدا في مواجهة محاولات “المحور الآخر” في المنطقة، تطويعَه، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”. يُضاف الى مشاركة العلولا، حضور رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع شخصيا، في مشهد يؤكد ايضا متانة التحالف بين المستقبل والقوات، خاصة وان ما يجمعهما “استراتيجي” يتجاوز التباينات التكتية اليومية بينهما، التي في المقابل، لا تزال تلبّد الاجواء بين بيت الوسط وكليمنصو، فغاب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن المناسبة.

هذا في الشكل. أما في المضمون، فاحتل الاصرارُ على “الإصلاح” وعلى إطلاق عجلات النهوض الاقتصادي في البلاد، حيزا واسعا من خطاب الرئيس الحريري. وقد تحدث بحزم عن قرار متخذ بالعمل للخروج من التخبط الحاصل، قائلا “نريد ورشة عمل، إذا كان غيرنا يريد ورشة مزايدات، ليتحمل هو المسؤولية”، مشيرا الى انه والرئيسين ميشال عون ونبيه بري “أخذنا قرارا بتحويل مجلس الوزراء ومجلس النواب خلية عمل. هناك فرصة من غير المسموح أن تضيع. القرار بيدنا والتنفيذ بيدنا. فإما أن نخوض التحدي ونتعاون جميعا، وأشدد على كلمة جميعا، لنأخذ البلد إلى فرصة إنقاذ حقيقية، وإما أن نترك البلد يغرق في الجدل البيزنطي حول جنس الحلول”..

الا ان ابرز ما جاء في كلمة الحريري، كان تمسّكه بالنأي بالنفس وتأكيده ان لبنان ليس جزءا من صراع المحاور في المنطقة. والبارز وفق المصادر، ان كلامه جاء على مسامع العلولا، ما يدحض نظرية ان ثمة في لبنان فريقا يحمل المشروع “السعودي”. وهو قال حرفيا ” لبنان ليس دولة تابعة لأي محور، وليس ساحة لسباق التسلح في المنطقة. لبنان دولة عربية مستقلة، لها دستور وقوانين ومؤسسات والتزامات عربية دولية، دولة أكدت على التزام النأي بالنفس، وأي أمر آخر يكون وجهة نظر لا تلزم الدولة ولا اللبنانيين”. وفي عباراته هذه، إنّما يؤكد للمجتمع الدولي، وللقوى الفاعلة في الاقليم ايضا، ان لبنان من “النسيج العربي” فقط، ولا يغطّي “تغريد” اي من الاطراف المحلية خارج سرب “الحياد” والنأي.

في الموازاة، برز في الخطاب تمسك الحريري باتفاق الطائف. صحيح ان الموقف ليس جديدا، بل يكاد يكون “خبز” تيار المستقبل “اليومي”، الا انه أتى لافتا في توقيته، وموجّها الى من يُفترض ان يكونوا حلفاء التيار الازرق، وتحديدا الى “الحزب التقدمي”، الذي يعتبر ان الحريري فرّط بـ”الطائف” وتوازناته ونصوصه إبان تأليف الحكومة. فقال رئيس الحكومة “الكلام عن الطائف واضح ومباشر في البيان الوزاري، وغير خاضع للتأويل والتفسير. واليوم، نسمع كلاما واضحا من فخامة الرئيس عن الطائف، وكلاما صريحا ومسؤولا من قيادات أخرى، تؤكد التزام الطائف وعدم الخروج عنه، لحدود التخلي عن آراء كالمؤتمر التأسيسي وغيرها. في كل الأحوال، ليس سعد الحريري من يمكن أن يتنازل عن الطائف، أو يقبل بخرق الطائف. نحن حراس اتفاق الطائف، بالأمس واليوم وغدا”.

أما في ملف النزوح، فتحدث، خلافا لما جاء في البيان الوزاري، عن عودة “طوعية” لا عن عودة آمنة.

انطلاقا من هذه المواقف “الحريرية” كلّها، يمكن الاستنتاج ان قوى 14 آذار لا تزال في الواقع، تلتقي على الثوابت الاساسية الكبرى، فهل تبني عليها لاعادة مد الجسور التي تقطّعت بينها؟