في ختام قمة سوتشي، التي جمعتهم الخميس على ضفاف البحر الاسود، رحّب قادة كل من روسيا وتركيا وإيران بقرار انسحاب القوات الأميركية من الأراضي السورية، معتبرين أنه “سيعزز الأمن والاستقرار” في البلاد. واتفق الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني، وفق البيان الختامي للقمة، على تنسيق الجهود لإحلال الأمن والاستقرار في مناطق شمالي شرقي سوريا، وعلى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وعودة اللاجئين، والالتزام بمسار آستانا لحل الأزمة.
في الحقيقة، استحوذ الوضع في ادلب خصوصا، وشمال سوريا عموما، على الحيز الاكبر من المناقشات الثلاثية. الا ان اي اتفاق في شأن كيفية إخراج متطرّفي “هيئة تحرير الشام” (جبهة “النصرة” سابقا) منها، وعلى هوية الجهة التي ستسيطر على هذه البقعة الجغرافية، غداة الانسحاب الاميركي منها، لم يتحقق، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ”المركزية”.
ففيما ساند الرئيس الايراني حسن روحاني الخيارَ العسكري للحسم، مطالبا بذهاب المنطقة بعد تطهيرها الى عهدة دمشق، بدا الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان غير متحمسّين لهذا الطرح. فالاول، وإن كان لا يمانع تحركا عسكريا، الا انه يحاذر انتقال “الشمال” الى عهدة النظام السوري، خوفا من ان ينتقل اليه الايرانيون ايضا، فيما أنقرة قلقة من توتّر في هذه المنطقة الواقعة على حدودها يؤدي الى موجات نزوح اضافية الى اراضيها قد يكون في عدادها ايضا ارهابيون، كما انها تتطلع الى اقامة منطقة آمنة فيها تكون تحت سيطرتها، ولا تريد أن توضع في يد النظام.
الرئيس الروسي اعتبر أن المنطقة المنزوعة السلاح في محافظة إدلب والتي تم التوصل إليها في إطار اتفاق مع كل من أنقرة وطهران العام الماضي “إجراء موقت”. وأكد أن التحركات العدوانية التي تقوم بها “جماعات إرهابية” في المحافظة الخاضعة لسيطرة المعارضة “لن تمر من دون عقاب”.
وفي وقت أعلن ان “روسيا وتركيا وإيران اتفقت على تحركات إضافية” لم يحددها لإخلاء محافظة إدلب مما وصفها بأنها “بؤر ساخنة للإرهاب”، اوضح الكرملين لاحقا انه لن تكون هناك عملية عسكرية في المنطقة. وقال بوتين لأردوغان وروحاني: “ينبغي ألّا نتسامح مع وجود جماعات إرهابية في إدلب. ولهذا السبب أقترح أن ندرس تحركات ملموسة عملية يمكن أن تتخذها روسيا وتركيا وإيران للقضاء تماما على هذه البؤر الساخنة للإرهابيين”.
من جانبه، لم يردّ الرئيس التركي على مقترح بوتين لوضع خطة مشتركة، وقال إن تركيا ستواصل بذل كل ما في وسعها لإرساء الاستقرار في إدلب.
امام هذا التعثر، تقول المصادر ان الوضع في الشمال سيحتاج في المرحلة المقبلة الى تواصل اضافي بين انقرة وواشنطن وبين الاخيرة وموسكو ايضا. فطريقة إخراج المتشددين منه قابلة للحل والتفاهم، الا ان ما يحول دون الحسم هو مرحلة ما بعد “التطهير”. والارجح، وفق المصادر، ان يتمكن اردوغان من فرض خياره: فيخرج المتطرفين من ادلب ويقيم منطقة آمنة في الشمال تشرف عليها تركيا. لكن نجاحه في ذلك مشروط بتعهّد سيقدّمه لواشنطن بحماية الاكراد، حلفائها، وضمان سلامتهم.