Site icon IMLebanon

واشنطن تضغط على دول خليجية لمواصلة عزل دمشق

نقلت وكالة “رويترز” عن خمسة مصادر قولها إن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا على دول خليجية للامتناع عن إعادة العلاقات مع سوريا، بما فيها الإمارات التي تحرّكت للتقارب مع دمشق للتصدي لنفوذ إيران.

ويمثّل هذان النهجان المتعارضان اختبارًا مبكرًا لما إذا كان بإمكان رئيس النظام السوري بشار الأسد كسب مصداقية سياسية وديبلوماسية بعد أن حوّلته الحرب الأهلية إلى زعيم منبوذ على المستوى الدولي، إذا قطعت دول كثيرة علاقاتها مع سوريا في بداية الحرب. كما أغلقت دول خليجية عدة سفاراتها أو خفضت مستوى العلاقات وقررت جامعة الدول العربية تعليق عضوية سوريا وتوقفت الرحلات الجوية كما أُغلقت المعابر الحدودية معها. وفرضت الولايات المتحدة ودول أخرى عقوبات اقتصادية على دمشق.

وبتأييد دول خليجية مثل السعودية وقطر، لا تريد واشنطن عودة سوريا من جديد إلى المجتمع الدولي لحين الاتفاق على عملية سياسية تضع بها الحرب أوزارها.

وقال مسؤول أميركي لـ”رويترز”، ردًا على سؤال عن الضغوط الديبلوماسية: ”السعوديون عون كبير في الضغط على الآخرين. كما أن قطر تفعل الصواب، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة سعيدة لأن ”بعض دول الخليج يستخدم المكابح“.

ويشير الموقف الأميركي إلى أن الأسد لا يزال أمامه شوط طويل قبل أن يلقى القبول، حتى بعد أن استعادت قواته أغلب مناطق سوريا من خلال انتصارات على المعارضة السنية، وذلك بفضل مساعدة إيران وروسيا إلى حد كبير.

وسيزيد غياب الدعم من واشنطن والرياض، القوة الرئيسية في المنطقة، لإنهاء عزلة سوريا من صعوبة حصول دمشق على الاستثمارات اللازمة لإعادة البناء. وفي حين أن الإمارات تعتقد أن على الدول السنية احتضان سوريا بسرعة لإخراج الأسد من فلك إيران الشيعية، فإن السعودية وقطر تؤيّدان النهج الأميركي.

وقال مصدر خليجي، لـ”رويترز”، إن الإمارات ترى في الأسد ”الخيار الوحيد“ وتعتقد أن القضاء على النفوذ الإيراني في سوريا قد يسهم في منع تكرار سيطرتها الحالية على العراق.

كما قالت ثلاثة مصادر سياسية خليجية ومسؤول أميركي وديبلوماسي غربي كبير، لـ”رويتر”، إن مسؤولين أميركيين وسعوديين تحدّثوا مع ممثّلين لدول الخليج الأخرى وحثّوهم على عدم إعادة العلاقات مع سوريا.

ويريد هؤلاء المسؤولون على وجه الخصوص ألّا تدعم تلك الدول عودة الأسد إلى الجامعة العربية وأن تظلّ السفارات مغلقة ليس فيها سوى صغار العاملين.

في ضوء تدعيم الأسد لوضعه عسكريًا، بدأت العلاقات تتحسن مع بعض الدول. وأعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق في كانون الأول.

وقال المسؤول الأميركي إن ذلك كان دفعة كبيرة للأسد وإن الولايات المتحدة ”انتقدت الإماراتيين“. وامتنع مسؤول في الإمارات عن الرد على طلب للتعليق لـ”رويترز”.

وذكر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، للصحافيين خلال إفادة في واشنطن في الآونة: ”في السنوات السبع الأخيرة كان النفوذ العربي في سوريا صفرًا بالتأكيد. وصفر النفوذ العربي كارثة“. وأضاف أن أبو ظبي أعادت العلاقات الديبلوماسية مع دمشق لكي تكون ”أقرب للواقع على الأرض“.

وقال قرقاش إن من الضروري أن تنشط دول عربية أخرى ”لملء الفراغ“ الذي شغلته روسيا وإيران اللتان تؤيدان الأسد وتركيا التي تساند المعارضة.

وربما تكون الخطوة التالية في سبيل إعادة سوريا إلى المجتمع الدولي عودتها إلى الجامعة العربية، وهي خطوة ستكون إلى حد كبير رمزية لكن حكومة الأسد ستستغلها على الأرجح لإظهار عودتها من العزلة الديبلوماسية.

وأعلنت الجامعة الاثنين الماضي أنه لم يتحقق بعد التوافق الضروري لحدوث ذلك، وقالت المصادر إن الولايات المتحدة تضغط بشدة لضمان عدم اتخاذ هذه الخطوة.

وقال الديبلوماسي الغربي الكبير، لـ”رويترز”: ”واشنطن تضغط معترضة على ذلك والسعودية ومصر تعملان على إبطاء إعادة سوريا للجامعة العربية“.

ولم ترد المكاتب الإعلامية الحكومية في السعودية والإمارات والبحرين ووزارة الخارجية العمانية على طلب “رويترز” التعليق.

وامتنع متحدث باسم وزارة الخارجية الكويتية عن التعليق لـ”رويترز” على ما إذا كانت الكويت قد تلقت طلبًا من واشنطن أو الرياض للإحجام عن تطبيع العلاقات مع سوريا وأكد مجددًا موقف بلاده أن ”أي عودة محتملة للعلاقات معها لا يمكن أن تتم إلا من خلال الجامعة العربية“.

ولم تقطع كل الدول الأعضاء في الجامعة العربية العلاقات مع سوريا بعد تفجر الحرب عام 2011. فقد احتفظت سلطنة عمان بالعلاقات الديبلوماسية مع دمشق. وبعد يوم من إعادة فتح سفارة الإمارات قالت البحرين إن سفارتها في دمشق والبعثة الديبلوماسية السورية في المنامة تعملان ”بلا انقطاع“.

وقال نائب وزير الخارجية الكويتي في كانون الأول إن بلاده ستعيد فتح سفارتها في دمشق ما إن تسمح الجامعة العربية بذلك.

وذكر مسؤول خليجي، لـ”رويترز”، أنه ليس لدى السعودية أي خطط الآن لتطبيع العلاقات، مضيفًا أن ”كل شيء معلّق“ لحين اتفاق السوريين على فترة انتقال من حكم الأسد.

أما قطر فقالت على لسان وزير خارجيتها في كانون الثاني إنها لا ترى أي بوادر ”مشجّعة“ تدعو لإعادة العلاقات العادية.

غير أن أبو ظبي تأمل أن تتمكّن في نهاية الأمر من إقناع سوريا بالتحرّك صوب نموذج الإمارات الداعم للأعمال وبأن بوسع دبي أن تلعب دورًا كمركز للتجارة مع سوريا.

وفي الشهر الماضي، ذكرت وسائل إعلام رسمية أن أبو ظبي استضافت وفدًا سوريًا كان على رأسه رجل الأعمال السوري المعروف محمد حمشو لبحث التعاون المحتمل في مجالات التجارة والبنية التحتية والزراعة والسياحة واللوجستيات والطاقة المتجددة. غير أن قرقاش سلّم بأن الاستثمار الحقيقي لن يحدث من دون عملية سياسية.

ونقلت “رويترز” عن ديبلوماسي غربي ثان رفيع قوله إنه سيكون من الصعب في غياب عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة رفع العقوبات بما يمهد السبيل أمام الاستثمارات.

وأضاف: ”لا أعتقد أن هذه هي نهاية الحرب وأن الوقت حان لإعادة البناء“.