كتب معروف الداعوق في صحيفة “اللواء”:
“يخشى البعض تباين واختلاف نظرة بعض الأطراف في مقاربة ووضع الحلول للعديد من الملفات الخلافية المهمة ولا سيما منها ملف الكهرباء”
يترقّب اللبنانيون مباشرة الحكومة الجديدة لمهماتها في أوّل جلسة يعقدها مجلس الوزراء يوم الخميس المقبل وما يليها من جلسات لاحقة تباعاً لمعرفة كيفية تعاطي مختلف الأطراف الممثلة في الحكومة في مقاربة الملفات والقضايا المطروحة، لا سيما وأن الجميع بانتظار ما ستقوم به من خطوات وما تتخذه من قرارات لإدارة البلاد وتحقيق ما يطمح إليه المواطنون ولو بالحدود المعقولة نسبياً في ضوء الظروف والوقائع المحلية والإقليمية والدولية القاتمة.
ومع أنه من الصعب تحديد المنحى السياسي ورسم الخط البياني للحكومة من خلال الجلسة الأولى لمجلس الوزراء، باعتبار هذه الجلسة قد تكون عادية وللتعارف واستكشاف المواقف بين الأطراف الممثلة فيها، كما جرت العادة في أوّل جلسات الحكومات السابقة تقريباً، الا ان ممارسات وتصرفات الوزراء، القدامى منهم والجدد على حدٍ سواء، تؤشر جزئياً أو كلياً عمّا ستكون عليه جلسات مجلس الوزراء في المرحلة المقبلة وكيفية تعاطي الوزراء مع بعضهم البعض ومدى قدرتهم على التفاهم المطلوب لاتخاذ القرارات اللازمة في القضايا المطروحة وتحقيق الإنجازات التي ينتظرها النّاس وخصوصاً في القضايا الحياتية والمعيشية الضاغطة.
فالكل يعلم ان مجلس الوزراء، يُشكّل اختباراً لنوايا جميع الأطراف السياسيين، وترجمة عملية لمواقفهم على أرض الواقع بعيداً عن المواربة والتخفي وازدواجية التعاطي، لمعرفة كيفية تعاطيهم مع المسائل والقضايا المهمة والمشاكل المعقدة وما أكثرها والتي ستطرحها الحكومة على طاولة النقاش الجدي تمهيداً لاتخاذ القرارات والحلول المطلوبة لها، وما ستكون عليها مواقف مختلف الأطراف، لا سيما وأن هناك قضايا ملحة لا تحتمل التأجيل، والاطالة، كمشلكة الكهرباء التي أصبحت في مقدمة المطالب التي تهم النّاس على اختلافهم وإيجاد الحلول السريعة لها بأقرب وقت ممكن.
وبالرغم من دقة الأوضاع والالحاح الشعبي لمعالجة المشاكل والقضايا الملحة، يخشى البعض من ان تؤثر التباينات والخلافات السياسية التي عصفت بين الأطراف السياسيين طوال مرحلة تشكيل الحكومة الحالية في مسيرة العمل الحكومي أيضاً، بسبب تباين واختلاف نظرة بعض الأطراف في مقاربة ووضع الحلول للعديد من الملفات الخلافية المهمة ولا سيما منها ملف الكهرباء الضاغط، بما يؤدي إلى تأخير البت فيها أو تعطيل اتخاذ القرارات المهمة بخصوصها، في حين ان المواطنين ينتظرون من الحكومة الجديدة اتخاذ خطوات وقرارات سريعة لوضع الحلول المطلوبة لها بأسرع وقت ممكن.
تمهيداً للتخلص التدريجي من هذه المشكلة المزمنة وتداعياتها على كل الصعد، لا سيما وأن تحقيق الحكومة لمثل هذا الإنجاز النوعي سيؤدي حتماً إلى إعادة ثقة المواطن المفقودة بالحكومة والدولة ويعطي دفعاً قوياً للسير قدماً في معالجة العديد من المشاكل الضاغطة، على حياة اللبنانيين ويسهل اتخاذ القرارات المناسبة لها.
ويخشى البعض من ان تؤثر الخلافات السياسية القائمة حالياً حول ما طرح بخصوص ملفات الفساد في مناقشة البيان الوزاري مؤخراً ومحاولة بعض الأطراف تصويب الاتهامات باتجاه خصومهم السياسيين واعتبارهم مسؤولين عن هذه الملفات جزئياً أو كلياً بخصوصها وفي الوقت نفسه يحاولون تنزيه أنفسهم عن قضايا الفساد التي تورطوا فيها وتلفهم من كل اتجاه، لتعود وتتجدد على طاولة مجلس الوزراء، ما يؤدي في حال حصوله إلى تفاعل التجاذب السياسي نحو الأسوأ والتأثير سلباً على سير أعمال المجلس وقراراته وسرعة البت بالمشاكل المطروحة.
ولكن بالرغم من كل التباينات وحملات التراشق بالفساد من بعض الأطراف خلال الايام الماضية، تبدو معظم المواقف التي تسبق انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الوزراء تفاؤلية بخصوص المنحى الإيجابي الذي سيسلكه المسار الحكومي في المرحلة المقبلة لاعتبارات عديدة، أوّلها، حاجة معظم الأطراف السياسيين أو كلهم لتسريع عمل الحكومة وقيامها بالمهمات المنوطة بها ولا سيما في وضع الحلول والمعالجات للمشاكل والأزمات الضاغطة على المواطنين وفي مقدمتها إعادة تحريك الوضع الاقتصادي، وثانياً، تفادي تكرار الانجرار إلى الانقسامات والخلافات السياسية السابقة والابقاء على تفاهم الحد الأدنى في مقاربة ما يواجه الوطن من مشاكل لأن الغرق في دوّامة الخلافات سيضر بالجميع ويؤدي إلى زيادة الأزمات والمشاكل المستحكمة دون طائل، وثالثاً، الاستفادة من المساعدات والعروض العربية والدولية المقدمة للمساعدة في حل المشاكل والنهوض بالوضع الاقتصادي.
لذلك، لا بدّ من ترقب المواقف وصدقية الأطراف في ترجمة نواياها إلى وقائع ملموسة، لتلمس المنحى الذي ستسلكه الحكومة في المرحلة المقبلة، وما إذا كانت هذه المواقف ستؤدي عملياً إلى تحقيق آمال النّاس وإعادة ثقتهم المفقودة بالسياسيين والحكام والدولة على حدٍ سواء.