Site icon IMLebanon

نص قرار الدستوري في شأن مراجعة نديم قزحيا قسطة ضد النائب إدكار طرابلسي

أصدر المجلس الدستوري قرارته في الطعون الانتخابية العائدة لدورة ال2018.
وجاء في القرار المتعلق بمراجعة مقدمة من المرشح الخاسر عن المقعد الإنجيلي في دائرة بيروت الثانية نديم قزحيا قسطة ضد النائب القسيس إدكار جوزف طرابلسي في موضوع الطعن في نيابته، أعتبروا فيها انه “كان على المجلس الدستوري تدوين التنازل عن الطعن المقدم من المرشح الخاسر نديم قزحيا قسطة، وبالتالي رفع يده عن المراجعة”.

نص القرار
وجاء فيه
“المستدعي: نديم قزحيا قسطه، المرشح الخاسر عن المقعد الإنجيلي في دائرة بيروت الثانية، في دورة العام 2018 لانتخاب مجلس النواب.
المستدعى ضده: القسيس إدكار جوزف طرابلسي، المعلن فوزه عن المقعد الإنجيلي في الدائرة المذكورة.
الموضوع: الطعن في انتخاب ونيابة المستدعى ضده.
إننا نختلف مع الأكثرية، ونخالف القرار الصادر عنها في هذا التاريخ، والمتعلق بعدم إمكانية مقدم الطعن بصحة نيابة نائب منتخب، الرجوع عنه وواجب المجلس الدستوري قبول الرجوع وتدوينه ورفع يده عن المنازعة.
وذلك وفقا للمخالفة وللأسباب التالية:
في المستهل، نطرح السؤال التالي، وندون الرد عليه في سياق المخالفة:
-هل يمكن للمرشح الذي تقدم بمراجعة طعن أمام المجلس الدستوري أن يعود عنها؟ “se désister” وبالتالي على المجلس الدستوري رفع يده عن المراجعة؟؟
وتاليا: يسجل المخالفون تأييدهم الكامل للمبادئ الواردة في الصفحة الرابعة من القرار موضوع المخالفة ولا يجدون أي تعارض ما بينها وبين حق الرجوع عن الطعن.

بما انه من المفيد، وبعجالة، إجراء مقارنة بين المراجعة بعدم دستورية قانون وبين الطعن في صحة نيابة نائب منتخب حتى نخلص الى التأكيد على انه لا يمكن الرجوع عن الأولى ويمكن الرجوع عن الثاني.
وبما ان المراجعة أمام المجلس الدستوري طعنا بعدم دستورية قانون تتعلق بممارسة حق دستوري يرتكز على أحكام المادة /19/ من الدستور، مما يجعل المجلس الدستوري واضعا يده على المراجعة بصورة نهائية.
فمثل هذه المراجعة ليس لها الطابع الشخصي-طابع الخصومة الشخصية لأن المداعاة بشأنها ناشئة عن تكليف دستوري وبالتالي فانها غير قابلة للرجوع عنها بعد تسجيلها لدى قلم المجلس الدستوري.
وفي قراره الصادر بتاريخ 25/2/1995 تحت الرقم 2/95، لم يأخذ المجلس الدستوري بطلب الرجوع عن الطعن بدستورية القانون واعتبر ان ليس له أثر قانوني في المراجعة، كما اعتبر ان الأشخاص المذكورين في المادة /19/ من الدستور، عندما يتقدمون بالمراجعة لإبطال أحد القوانين بسبب عدم دستوريته، إنما يقومون بممارسة حق دستوري، وليس للمراجعة طابع الخصومة او المنازعة بل هي رجائية، وهي مواجهة بين نصين: الدستور والقانون المطعون بدستوريته، وبعد تسجيلها لا يمكن ايقافها، والقرار الصادر فيها هو قرار رجائي.

وبما ان الوضع يختلف تماما بالنسبة لمراجعة الطعن في صحة نيابة نائب منتخب، فهذه المراجعة هي شخصية ووجاهية “Contradictoire”، بين خصمين أو أكثر، ويتم فيها تبادل لوائح بين أطراف النزاع، وتقديم أدلة ومستندات، وتقديم دفوع وأوجه دفاع -ومن خلال هذا النزاع الشخصي يبت المجلس الدستوري في صحة الانتخابات في الدائرة الانتخابية، وعلى المقعد النيابي موضوع الطعن، وبالتأكيد ليس النزاع بشأن حقوق شخصية كما جاء في القرار- والقرار الذي يصدر عن المجلس الدستوري في الطعون الانتخابية هو قرار قضائي كونه يصدر في منازعة بين خصوم – خلالها يصار استيضاح الأفرقاء وسماع شهود والقيام بالاستقصاءات اللازمة.
وبما ان المادة /27/ من قانون انشاء المجلس الدستوري الرقم /250/ الصادر في 14/7/1993 المعدل بالقانون رقم /150/ تاريخ 30/10/199، تراعي مبدأين: مبدأ الوجاهية ومبدأ المناقشة وهذه المراجعة ذات طابع شخصي وبالتالي نزاعية بين شخصين أو أكثر. وللطعن طابع قضائي “caractère juridictionnel” بالنسبة الى وظيفة المجلس الدستوري، إذ أن قاضي هذه الهيئة يعتبر قاضي تطبيق القانون: “juge de la norme” وقاضي النزاع الشامل “Plein Contentieux” (يراجع مجلد المجلس الدستوري 2009-2010 الصفحة 498) وأيضا:
” En matière de Contentieux électoral la procédure devant le conseil constitutionnel est écrite et Contradictoire ”
” Le C.C exerce là une fonction clairement juridictionnelle(طابع قضائي) dont le régime se distingue de celui du contrôle de la constitutionnalité des lois. Cette différence d’attitude apparemment surprenante se comprend par la différence de situation du C.C. lors qu’il statue comme juge de l’élection : Il n’est plus juge de la constitutionnalité de la loi mais juge de l’application de la loi. Il se trouve donc dans la même situation que les juges ordinaires, administratifs et judiciaires “.
(Dominique Rousseau, Droit du Contentieux constitutionnel, Edition Delta Montchrestien :2006 p.397 et s.)
(et 7ème ,8ème Edition. Et p. 299-3ème Ed.)

وبما انه بهذه الصفة القضائية، المجلس الدستوري ملزم بقبول الرجوع عن الطعن وبرفع يده عن المراجعة، وبما انه في النتيجة يتعين التأكيد على ان الطعن بصحة نيابة نائب منتخب له الطابع الشخصي، على خلاف الطعن بدستورية قانون، وهو لصيق بإرادة الطاعن ويسبغ الخصومة بصبغة شخصية، كذلك المراجعة، فتحريكه يتم برغبة صريحة وإيجابية من الطاعن، ولا شيء يتعلق بالانتظام العام، ويجوز حتما ان يتنازل عن المحاكمة (المادة 518 م.م) بالإضافة الى ان قاضي الانتخاب لا يمكنه ان يخرج عن الأسباب والمطالب المدلى بها في الطعن، كما يتبين من المواد (24 و25 و27) من قانون انشاء المجلس الدستوري ومن المادتين (46 و50) من قانون نظامه الداخلي، وهذا يؤكد الاختلاف بين الرقابة الدستورية-وقضاء الانتخاب: ففي الأولى للمجلس ان يخرج عن أسباب الطعن وفي الثاني لا خروج إذ ان إطار الدعوى تتحدد بمطالب الأفرقاء:
” La procédure contentieuse peut être à tout moment arrêtée si le réquérant renonce à son action, il lui est alors donné acte de son désistement.
Le Conseil constitutionnel vérifie cependant que rien ne s’y oppose, formule qui n’induit pas la possibilité pour lui de refuser une demande de désistement, mais seulement de s’assurer de la clarté de l’intention du requérant ”
(Dominique Rousseau, D rt du contentieux constitutionnel Montchristien -3ème Ed.p.298)
(c.c. 88-1108 20 juillet 1988 A.N. vosges, 3ème R.P.126 et 27/1/1972 Rcc. Des décisions du c.c.p.41)
(Louis Favoreu et Loïc philip : Les grandes décisions du C.C. Editions Dalloz 1975 p.27 14ème Edition 2007 p.28)
وبما انه على صعيد الفقه والاجتهاد المقارن:
1-اعتبر المجلس الدستوري في فرنسا، منذ انشائه، انه يحق للطاعن في صحة انتخابات نائب ما، ان يعود عن الطعن لأن للمجلس الصفة القضائية “caractère juridictionnel” وبسبب هذه الصفة هو ملزم بقبول الرجوع عن الطعن “désistement” فضلا انه مقيد بطلبات مقدم الطعن- وعندما يقبل طلب الرجوع ترفع يد المجلس عن المراجعة.
(D.Rousseau, D rt du contentieux Ed. Mont Chrestien 9ème Ed. 2010)
2-وبما انه في لبنان وان كان لم يحصل ان تراجع طاعن عن طعنه بنيابة نائب منتخب، غير ان المجلس الدستوري في معرض رفضه الرجوع عن الطعن بعدم دستورية قانون، اعتبر ان الطاعن يقوم بممارسة حق دستوري، واعتبر ان هذه المراجعة ليس لها طبيعة الخصومة الشخصية “قرار رقم 2/95 تاريخ 25/2/1995.
وبما ان المجلس الدستوري في لبنان، في قراره الملفت في هذا الصدد الصادر في 17/5/1997 بالرقم/17/ رد في الشكل المراجعة التي ليس فيها خصومة (المطالبة بتصحيح مجموع أصوات المستدعي)
وبما انه يتضح ان المجلس الدستوري كان يشير ويلاحظ ان الرجوع ممكن في حالة الخصومة الشخصية
وبما ان للفقه في لبنان مواقف واضحة وثابتة، أكد فيها انه يحق لمقدم مراجعة الطعن في صحة نيابة نائب منتخب، الرجوع عنها -على غرار ما قضى به المجلس الدستوري الفرنسي لأنه يكون قد تراجع عن حق شخصي منحه إياه القانون.
(يراجع دراسة الدكتور وليد عبلا -منشورة في مجلد المجلس الدستوري لسنة 2015 الصفحة 201 و202)
(رأي قانوني للدكتور أمين عاطف صليبا-جريدة النهار تاريخ 17/9/2018)
وعليه نسجل هذه المخالفة ونعتبر انه كان على المجلس الدستوري تدوين التنازل عن الطعن المقدم من المرشح الخاسر نديم قزحيا قسطة، وبالتالي رفع يده عن المراجعة.
عضو مخالف/صلاح مخيبر عضو مخالف/سهيل عبد الصمد نائب الرئيس مخالف/طارق زياده”.