أصدر المجلس الدستوري قرارا بالإجماع رد فيه الطعن الذي قدمه المرشح الخاسر عن المقعد الماروني في المتن سركيس سركيس في دورة العام 2018 لانتخاب مجلس النواب.
وجاء في القرار:
“المستدعي: سركيس سركيس، المرشح الخاسر عن مقعد ماروني في دائرة المتن، في الانتخابات النيابية في دورة العام 2018.
المستدعى ضده: الياس حنكش المعلن فوزه عن مقعد ماروني في الدائرة المذكورة.
الموضوع: ابطال نيابة المستدعى ضده واي نائب آخر معلن فوزه في دائرة المتن يرتئي المجلس الدستوري ابطالها وإعلان فوز المستدعي بالنيابة أو إعادة الانتخاب.
إن المجلس الدستوري،
الملتئم في مقره في تاريخ 21 /2/2019 برئاسة رئيسه عصام سليمان وحضور نائب الرئيس طارق زياده والأعضاء: أحمد تقي الدين، أنطوان مسرة، أنطوان خير، زغلول عطية، توفيق سوبره، سهيل عبد الصمد، صلاح مخيبر ومحمد بسام مرتضى،
وبعد الاطلاع على ملف المراجعة وعلى تقرير العضوين المقررين، وعلى تقرير هيئة الاشراف على الانتخابات،
وبما ان المستدعي السيد سركيس سركيس، قد تقدم في تاريخ 5/6/2018 بمراجعة بواسطة وكيله المحامي لؤي غندور، الى رئاسة المجلس الدستوري سجلت في القلم تحت الرقم 10/2018، يطلب بموجبها ابطال نيابة الياس حنكش واي نائب معلن فوزه في دائرة المتن اذا ارتأى المجلس الدستوري ذلك، وإعلان فوز المستدعي.
ويدلي المستدعي بالأسباب التي بنى عليها طعنه وتتلخص بالآتي:
أولا: في الوقائع:
بعدما تقدم بطلب ترشيحه بحسب الأصول وانتسب الى لائحة “لبنان القوي” دأبت جريدة “الديار” ورئيسها ومالكها السيد شارل أيوب على كتابة وتعميم وترويج المقالات الصحافية التي تطعن بكفايته ونزاهته وطريقة تحصيله لثروته ناسبة اليه القيام بأعمال غير قانونية، وان السيد شارل أيوب تابع شن حملته كذلك عبر وسائل التواصل الالكترونية حتى الساعات الأخيرة لما قبل الانتخابات، ثم عمد الى ترويج المقالات الملفقة التي تعلن عزوف المستدعي عن الترشيح والانسحاب من المعركة حتى توصل به الأمر لان يوزع صحيفته مجانا على ناخبي منطقة المتن معلنا تأييده الصريح لمرشحي حزب الكتائب.
وأضاف الطاعن انه كان من نتائج تلك الحملة الظالمة في حقه ان عددا من ناخبي منطقة المتن قد تأثروا بها وعزفوا عن انتخابه مما قلّل من حظوظه بالفوز وأدّى الى انخفاض عدد الأصوات التفضيلية لديه، وان السيد أيوب لم يرتدع عن متابعة حملاته تلك رغم الشكاوى العديدة التي تقدم الطاعن بها لدى المراجع القضائية ولدى هيئة الاشراف على الانتخابات بسبب خرقه، هذا الأخير، لموجب الصمت الانتخابي، الا ان شكاويه بقيت من دون نتيجة.
وأضاف الطاعن ان باقي المرشحين المنافسين في الدائرة قد استفادوا بشكل واضح من هذه الحملة الظالمة ضده بحيث تمكن المرشح الياس حنكش من الفوز بما مجموعه 2583 صوتا تفضيليا في مقابل 4337 صوتا تفضيليا نالها المستدعي الطاعن.
وطلب الطاعن بالنتيجة قبول الطعن المقدم منه في الشكل وفي الأساس قبوله وإعلان عدم صحة انتخاب المطعون بنيابته المرشح الفائز عن المقعد الماروني في المتن السيد الياس رئيف حنكش او أي مرشح فائز آخر يرتأيه المجلس او يقتضي القانون ابطال نيابته وبالتالي اعلان فوزه هو عن هذا المقعد والا إعادة الانتخابات واجراء انتخابات فرعية وفقا للآلية المحددة في المادة 34 من قانون الانتخاب.
وتبين ان المطعون بنيابته النائب الفائز السيد الياس حنكش قد تقدم بواسطة وكيله المحامي سمير خلف بلائحة دفاع جاء فيها ما ملخصه:
“أولا: طلب رد الطعن شكلا في حال تبين انه مقدم خارج المهلة القانونية،
وثانيا: رد الطعن لعدم توافر الصفة لدى المستدعي مقدم الطعن لان المادة 46 من قانون المجلس الدستوري تنص على ان الطعن في صحة انتخاب نائب منتخب انما يوجه من مرشح خاسر ضد مرشح فائز منافس له في دائرة الانتخابية.
وانه لما كان قانون الانتخابات رقم 44 الصادر في 17/6/2017 قد نص على ان ينضوي المرشحون ضمن لوائح، وان للناخب ان يختار احدى اللوائح المنافسة، وان يقترع باعطاء صوت تفضيلي لأحد أعضاء اللائحة فقط، وان عدد المقاعد التي تنالها اللائحة يجري تحديده بعدد الحواصل الانتخابية التي نالتها.
وانه بنتيجة الانتخابات التي جرت فازت اللائحة التي انتمى اليها الطاعن بأربعة مقاعد نيابية فقط كانت من نصيب الأربعة الأوائل من المرشحين عن لائحته الذين حصلوا على أعلى نسبة من الأصوات التفضيلية فيها وان اللائحة التي انتسب اليها هو المطعون بنيابته، فازت بمقعدين كان أحدهما من نصيبه. وانه لما كانت المنافسة بحسب قانون الانتخاب الجديد هي بين اللوائح وليست بين الافراد، وبالتالي فان قانون إنشاء المجلس الدستوري وقانون نظامه الداخلي أصبحا متناقضين مع أحكام قانون الانتخابات الجديد التي ألغت المادة 125 منه جميع النصوص القانونية المخالفة لأحكامه ومنها تلك الواردة في قانون انشاء المجلس الدستوري رقم 250 وقانون نظامه الداخلي رقم 243 والتي كانت تنص على ان الطعن يقدّم من مرشح خاسر ضد مرشح فائز حصرا.
وبالتالي فإن شروط المنافسة والطعن المنصوص عنها في المادة 46 من نظام المجلس الداخلي لم تعد ممكنة التحقيق.
يقتضي تبعا لذلك رد الطعن شكلا لعدم توافر صفة الفريقين فيه.
ثالثا واستطرادا، أضاف المطعون بنيابته بصورة استطرادية ان الطعن مستوجب الرد لأنه لم يتضمن أي مخالفة منسوبة اليه أدت الى خسارة الطاعن في هذا الخصوص، وانه لا علاقة له بالخلاف الواقع بين الطاعن وبين السيد شارل أيوب وكذلك لا علاقة لحزب الكتائب الذي ينتمي اليه النائب بالسيد شارل أيوب لا بل انه تفصل بينهما خلافات عقائدية قديمة يعرفها الجميع.
رابعا: ان المستدعي ضده لا سلطة له على وسائل الاعلام ولا على جريدة “الديار” وليس مسؤولا عما اذا كانت تلك الصحفية قد خرقت موجب الصمت الانتخابي أم لا.
خامسا: انه لا يجوز للمجلس الدستوري ان يشمل بقراره افرادا آخرين غير مطعون بنيابتهم لان المراجعة أمام المجلس الدستوري هي مراجعة شخصية كما ان حصة لائحة “المتن القوي” قد اكتملت بالمقاعد الأربعة التي حصدت عليها وفقا للحاصل الانتخابي الذي حققته ولا مكان لمرشح آخر فائز على تلك اللائحة.
وطلب المطعون بنيابته رد الطعن شكلا للأسباب التي أوردها ورده أساسا لعدم صحته وعدم جديته وعدم قانونيته.
بناء عليه،
أولا- في الشكل:
بما ان مراجعة الطعن قدمت ضمن المهلة القانونية ومستوفية جميع شروطها القانونية فهي مقبولة شكلا.
ثانيا – في الصلاحية:
بما ان المطعون بنيابته النائب الفائز السيد الياس رئيف حنكش يدلي في سياق ردّه على الطعن المقدم ضده بأن النصوص القانونية التي كانت تخول المجلس الدستوري النظر في الطعون الانتخابية المقدمة لديه وفي صحة الانتخابات القائمة على أساس النظام الأكثري، والتي كانت تنص على ان الطعن يقدمه خاسر ضد مرشح فائز وعن مقعد نيابي محدد قد الغيت بموجب قانون الانتخابات الجديد الصادر في تاريخ 17/6/2017 القائم على النظام النسبي للوائح.
وبما ان هذا الدفع لا يستقيم قانونا لأنه بمقتضى أحكام المواد 24 من القانون رقم 250 تاريخ الشاغر صلاحية المجلس للفصل في صحة الانتخابات النيابية بمجملها وبت الطعون والنزاعات الناشئة عنها بموجب طعن يقدّم في صحة نيابة نائب منتخب من قبل مرشح منافس خاسر في دائرته الانتخابية تبقى قائمة بمعزل عن طبيعة الأصول والإجراءات الانتخابية التي يعتمدها القانون الانتخابي، سواء أكان الترشح للانتخابات يمكن ان يتم على أساس فردي أو على أساس اللوائح.
مع الإشارة الى ان تقديم الطعون على أساس القانون الأكثري ما زال محتمل الحدوث وذلك في حال الانتخابات الفرعية حيث نصت المادة 43 من قانون الانتخابات الجديد على ان الانتخابات الفرعية لملء المقعد الشاغر على مستوى الدائرة الصغرى تجرى وفقا للنظام الاكثري على دورة واحدة.
وبما ان هذه الصلاحية تبقى قائمة كذلك، ولا ترتبط بالنتائج التي قد تنتهي اليها الطعون المقدمة في ظل القانون الانتخابي الجديد والتي يمكن ان تتناول بمفاعيلها، وعند تبدل الحواصل الانتخابية، النتائج المعلنة بحيث يمكن ان تطال مرشحين آخرين غير مطعون بنيابتهم، فلا يصح بالتالي القول بان الاحكام التي أعطت المجلس الدستوري صلاحية البت بالطعون الانتخابية قد الغيت بمقتضى القانون الجديد.
وبما ان الطعن الحالي قدمه مرشح خاسر ضد مرشح فائز وضمن المهلة القانونية لتقديمه فانه يبقى للطاعن وفق قانون الانتخابات الجديد الصفة والمصلحة في تقديمه أمام المجلس الدستوري وتكون أقوال المطعون ضده مستوجبة الرد لهذه الناحية.
ثالثا – في الأساس:
بما ان الطعن المقدم من الطاعن السيد سركيس سركيس قد انصب في مجمله على الاحتجاج والشكوى من الحملة الدعائية التي شنها ضده صاحب جريدة “الديار” الأستاذ شارل أيوب والتي أدت، بحسب قوله، الى عزوف بعض الناخبين عن التصويت له والى خسارته العديد من الأصوات التفضيلية التي كان من شأنها تأمين فوزه في الانتخابات.
وبما ان الطاعن المستدعي قد صرح لدى الاستماع الى أقواله بأنه لا ينسب الى العملية الانتخابية التي جرت في منطقته أي أخطاء ان من حيث إجراءات التصويت او الفرز او احتساب الأصوات.
وبما انه ينبغي الإشارة الى ان خسارة الطاعن للانتخابات رغم حصوله على مجموع من الأصوات التفضيلية يفوق المجموع الذي حازه المرشح الفائز، لم يكن مرده كما هو واضح الى أي مخالفات شابت العملية الانتخابية، وانما كان سببها حصول اللائحة التي ينتمي اليها على أربعة حواصل انتخابية شغلها المرشحون الأربعة الأوائل في لائحته، بينما اللائحة التي انتمى اليها النائب الفائز المطعون بنيابته قد حصلت على مقعدين كان أحدهما من نصيبه.
وبما ان شكوى المستدعي الطاعن لا تنصب على صحة العملية الانتخابية التي لا ينسب اليها أي خطأ فان التظلم مما ينسبه الى السيد شارل أيوب وصحيفته انما يعود النظر فيه الى هيئات قضائية أخرى، هذا مع الإشارة الى انه ليس بالإمكان تحديد مدى تأثير تلك الحملات على توجهات الناخبين في المنطقة التي ينتمي اليها الطاعن والمطعون بنيابته.
لهذه الأسباب، وبعد المداولة، يقرر المجلس الدستوري بالاجماع:
أولا- في الشكل:
قبول الطعن لوروده ضمن المهلة مستوفيا الشروط القانونية كافة.
ثانيا – في الصلاحية:
تأكيد صلاحية المجلس الدستوري للنظر في الطعن.
ثالثا – في الأساس:
رد الطعن المقدم من المرشح الخاسر عن المقعد الماروني في دائرة المتن سركيس سركيس.
رابعا- إبلاغ هذا القرار الى المراجع المختصة والمستدعي.
خامسا- نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.
قرارا صدر في 21 / 2 /2019″.
ووقع القرار رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان ونائب الرئيس طارق زياده، والاعضاء:
محمد بسام مرتضى، صلاح مخيبر، سهيل عبد الصمد، توفيق سوبره، زغلول عطيه، أنطوان خير، أنطوان مسرة، وأحمد تقي الدين.