أعلن رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان إبطال نيابة ديما الجمالي، وإعلان المقعد السني الخامس في طرابلس شاغراً على ان تجرى الانتخابات لملئه خلال شهرين من تاريخ اعلان هذا القرار.
واكد سليمان بالنسبة للدوائر الاخرى انه “تبين للمجلس الدستوري من التحقيقات التي أجراها والاستقصاءات والتدقيق في محاضر لجان القيد ومحاضر أقلام الاقتراع موضع الشك، والتدقيق في بيانات نظام الكومبيوتر، ان ليس هناك ما يستدعي ابطال نيابات أو ابطال انتخابات دائرة بيروت الأولى. كما ان الطعون المقدمة في دائرة بيروت الثانية، ونظرا لعدم تضمنها وقائع تساعد على التوسع في التحقيق، وللفارق الكبير بالأصوات بين الطاعنين والمطعون بنيابتهم، لم يجد المجلس الدستوري ثمة مبرر لابطال نيابات فيها، فالقرارات التي صدرت عنه قضت برد هذه الطعون”.
وأضاف: “أما الطعن المقدم في دائرة المتن فقد استند فقط الى أقوال احدى الصحف لذلك أخذ المجلس قرارا برده. ودراسة الطعون في الدوائر الأخرى أدت الى تصحيح النتائج بسبب مخالفات ارتكبت أو أخطاء تم اكتشافها في محاضر أقلام اقتراع المقيمين وغير المقيمين، وذلك في دائرة بعلبك-الهرمل، ودائرة زحلة (قلم Ottawa)، ودائرة الشوف-عاليه، ودائرة الشمال الثالثة (بشري)، غير ان التصحيح لم يؤد الى إبطال نيابات، بسبب الفارق الكبير بالأصوات بين الطاعنين والمطعون بنيابتهم”.
وتابع: “أما في دائرة الشمال الثانية، فتم رد طعنين في الأساس، وطعن في الشكل لوروده بعد انتهاء المهلة القانونية. ونتيجة التدقيق في الطعن المقدم من المرشح الخاسر طه ناجي بنيابة المرشحة المعلن فوزها ديما الجمالي، تبين أن قلم قرصيتا رقم 546 المدرسة الرسمية غرفة رقم 5 قد جرى العبث بمحتويات المغلف العائد له والذي تسلمته لجنة القيد بدون مستندات، وبعد التدقيق في أوراق الاقتراع الموجودة في هذا المغلف تأكد العبث بها أيضا، لذلك قرر المجلس الدستوري ابطال نتيجة هذا القلم وتصحيح النتيجة المعلنة رسميا في دائرة الشمال الثانية، وبنتيجة التصحيح احتفظت لائحة العزم بالمقاعد الأربعة العائدة لها، بينما أصبح عدد المقاعد التي فازت بها لائحة المستقبل بعد التصحيح 4.55249 أي فازت بأربعة مقاعد وبقي كسر يساوي 0.55249، أما عدد المقاعد التي فازت بها لائحة الكرامة الوطنية فأصبح 2.55256 أي فازت بمقعدين وبقي كسر يساوي 0.55256، الفارق في الكسر بين اللائحتين هو التالي:
0.55256 – 0.55249 = 0.00007 أي 7 من مئة الف ما يعني ان الفارق يكاد يكون معدوما epsilon أي يكاد يكون بمثابة صفر. هذا الفارق لا يعول عليه لاعلان فوز أي من اللائحتين المتنافستين على المقعد السني الخامس في طرابلس بهذا المقعد، وبخاصة ان الانتخابات شابتها عيوب ولذلك قرر المجلس الدستوري بالأكثرية إبطال نيابة السيدة ديما الجمالي وإعلان المقعد السني الخامس في طرابلس شاغرا، على ان تجرى الانتخابات لملئه خلال شهرين من تاريخ اعلان هذا القرار عملا بالمادة 41 من الدستور ووفقً للفقرة 4 من المادة 43 من قانون الانتخاب رقم 44/2017، والتي جاء فيها ما يلي: “تجرى الانتخابات الفرعية لملء المقعد الشاغر على مستوى الدائرة الصغرى العائد لها هذا المقعد، وفقا لنظام الاقتراع الأكثري على دورة واحدة…”، أي تجرى الانتخابات في دائرة طرابلس لوحدها وليس في دائرة الشمال الثانية التي تضم طرابلس والضنية والمنية. نأمل قراءة القرارات بتمعن قبل التعليق عليها”.
وقال سليمان في مؤتمر صحافي عقده للإعلان عن قرارات المجلس الدستوري في الطعون الانتخابية العائدة لدورة 2018 ان “عملية التدقيق في محاضر لجان القيد الابتدائية والعليا، وفي محاضر عائدة لأقلام اقتراع تجاوزت المئتين، والتحقيق في المخالفات المشار اليه في الطعون إستغرق وقتا طويلا نسبيا، بسبب ما أحاطها من غموض، وبسبب ضعف الجهاز الإداري في المجلس الدستوري وهو يضم ستة موظفين فقط، في حين انه يحق للمجلس الدستوري، بموجب القانون، بخمسة عشر موظفا”.
وتابع “لقد جرى الإستماع الى كبار المسؤولين عن اجراء الانتخابات في وزارة الداخلية، وعن إعداد لوائح الناخبين، والى عدد من القضاة رؤساء لجان القيد الابتدائية والعليا، وضباط في قوى الأمن الداخلي ورؤساء أقلام، كما جرى الاستماع في جلستين للمسؤولين في شركة Arabia GIS التي تولت البرمجة وتشغيل نظام الكومبيوتر المستخدم في الانتخابات، واستحصلنا منها، حيث يلزم، على بيانات بتوقيت إدخال نتيجة كل قلم من أقلام الاقتراع في نظام الكومبيوتر، في التاريخ والساعة والدقيقة والثانية. وقد شمل التدقيق محاضر ونتائج أقلام اقتراع غير المقيمين التي أشير اليها في الطعون، وتلك التي أثيرت إشكالات بشأنها في وسائل الاعلام كما حدث لقلم Ottawa”.
وأضاف: “ان المجلس الدستوري عمل على اكتشاف المخالفات التي حدثت أثناء العمليات الانتخابية، وقدر مدى تأثيرها على النتائج المعلنة، وهذا ما تطلب جهدا كبيرا، أما المخالفات التي ترافقت والحملات الانتخابية، والتي لها أثر كبير على تكافؤ الفرص بين المرشحين، وهي تتعلق بالإعلان والاعلام الانتخابيين، والتقيد بسقف الانفاق المالي على الحملة الانتخابية، فقد أناط قانون الانتخاب مراقبتها بهيئة الإشراف على الانتخابات، وقد تسلم رئيس المجلس الدستوري تقرير هيئة الإشراف في الثامن من شهر كانون الثاني 2019، ولم تجرِ الإشارة فيه الى مخالفات في تجاوز سقف الانفاق المالي ولا الى مخالفات في الاعلام والاعلان الانتخابيين من شأنها الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين. وذلك بسبب الصعوبات التي واجهتها هيئة الإشراف وضعف الإمكانيات المتوافرة لها”.
وقال: “لقد طور المجلس الدستوري في قراراته، الاجتهادات المعتمدة في البت في الطعون الانتخابية، وجاء باجتهادات على درجة كبيرة من الأهمية، نابعة من واقع قانون الانتخاب الجديد ومن رؤيته للانتخابات كركيزة أساسية للديمقراطية البرلمانية. ولهذه الاجتهادات الجديدة قيمة قانونية وعلمية كبرى، ونأمل تدريسها في كليات الحقوق والعلوم السياسية في لبنان والخارج، لذلك سننشر هذه القرارات، بالتعاون مع مشروع دعم الانتخابات اللبنانية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في كتاب يصدر خلال شهرين، وسنعمل على نشرها باللغة الفرنسية أيضا كسائر قرارات المجلس الدستوري”.
وتابع: “من أهم الإجتهادات التي توصلنا اليها اجتهاد أدى الى إعطاء صحة الانتخابات قيمة دستورية، وذلك استنادا الى مقدمة الدستور، فغدت صحة الانتخابات جزءا لا يتجزأ من الكتلة الدستورية في الجمهورية اللبنانية. إننا في المجلس الدستوري حريصون أشد الحرص على احترام إرادة الناخب، وعلى عدم التفريط بالإجراءات التي نص عليها قانون الانتخابات من أجل الحفاظ على صحتها ونزاهتها وصدقيتها. والمخالفات التي تشوب العمليات الانتخابية تتطلب اثباتات دامغة للتثبت منها، ولا يمكن الركون للشائعات والأقاويل غير المسندة بدليل”.