كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”:
على مدى 6 ساعات واصلت أمس المحكمة العسكرية الدائمة، برئاسة العميد حسين عبدالله وحضور ممثل النيابة العامة العسكرية القاضية مايا كنعان، استجواب المُقرصن الموقوف إيلي غبش المتهم بفبركة ملف التعامل مع إسرائيل للمسرحي زياد عيتاني، والمقدم سوزان الحاج، واستمعت إلى الشهود: المسرحي زياد عيتاني، المؤهل في أمن الدولة جورج ميسّي وزوجة غبش حنين قزيحة. جلسة طويلة كادت تدخل «غينس بوك»، غصّت بالتضارب بين روايات الشهود، والتناقض في اعترافات غبش، ما دفع برئيس المحكمة للعودة مراراً ومواجهته باعترافاته السابقة، قبل أن يرجئ الجلسة إلى 21 من الشهر المقبل.
إستهلّ العميد عبدالله الجلسة بتفنيد الاجوبة التي وردت إلى هيئة المحكمة رداً على مطالبها، أوّلها كتاب من المديرية العامة لأمن الدولة يفيد انّ زياد عيتاني لم يكن موضع ملاحقة قبل عامين من توقيفه (وفق ما سبق وأدلى به غبش)، ولكن بعد تعليقاته على مواقع التواصل الاجتماعي، في 9/10/2017، عبر «تويتر» ودفاعه عن الممثل والمخرج زياد دويري الذي قام بتصوير فيلم بمشاركة ممثلين صهاينة، ما يدلّ بطريقة ما على موافقته على التطبيع مع العدو الاسرائيلي، تمّ رصد تدويناته على مواقع التواصل الاجتماعي من دون القيام بأي إجراءات عملية على الأرض من قبل المديرية العامة لأمن الدولة لمتابعة نشاطه وما يكتبه عن التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وأشار إلى تزوّد المحكمة بداتا الاتصالات بين غبش وعنصر أمن الدولة إيلي برقاشي، في ما لم يَكن بعد قد وَردَ الرَّد من مديرية المخابرات عن التلازم الجغرافي بين المقدم الحاج وغبش، للتأكد من عدد المرات التي التقيا بها.
وانتقل عبدالله إلى مواصلة استجواب الحاج منطلقاً من ملخّص سريع عن الجلسة المنصرمة، ومن تواصل الحاج مع غبش في 16/10/2017 بهدف فتح شركة خاصة لها بالامن الإلكتروني، بعد تفكيرها بالاستقالة على خلفية إقالتها من منصبها، وانّ غبش هو من بادر واستفسر منها عن حقيقة إدعاء جماعة أشرف ريفي عليها، واكتفت بالقول آنذاك «الله يكتّر المحبّين»…
ثمّ استوضح عبدالله عن الهجوم الإلكتروني الذي نفذه غبش على عدد من المواقع الإلكترونية العائدة للوزارات والبلديات، فكررت الحاج انها من الاساس لم توافق على هجومه وطلبت منه غير مرة التوقف عن ذلك، بقولها «enough»، والمواقع التي هاجمها غبش إتصلت الحاج بأصحابها ولفتت انتباههم إلى الثغرات الموجودة لديهم، وهنا طلبت الاستماع إلى بعض المسؤولين الذين أبلغتهم بالثغرات كشهود.
ورداً على سؤال القاضي لماذا لم تبلّغ مكتب المعلوماتية ما يحصل، ردّت: «ما من دليل أو إثبات، وأيّ تبليغ سيكون كتصويب على من استلم مكاني في المعلوماتية»، مُشيرة «إلى انّ هجوم غبش كان فقط لنحو ساعات في 18/10/2017، وفي اليوم الثاني كان مجرد أقوال من غبش عن هجوم من دون أفعال».
وهنا سجّلت الحاج استغرابها قائلة: «أستغرب كيف أُسّس محضر شعبة المعلومات على أمور لم تحصل من الاساس؟! ما من دليل على انّ مواقع تقرصنت كموقع قوى الامن الداخلي».
فقاطعها العميد مُثنياً على مقدرة فرع المعلومات بكشف ملف الفبركة. فأكّدت الحاج على إنجازات المعلومات الكثيرة والاكبر من ملف عيتاني، وقالت: «أمضيتُ 17 سنة في قوى الامن الداخلي، حرصتُ فيها على إظهار دور المرأة ونجحت ليس بشهادتي العلمية فقط إنما بتقديرات قوى الامن الداخلي وتنويهاتها».
وعمّا إذا تم الحديث بينها وبين غبش عن زياد عيتاني قبل 26/10/2017، أي زيارته لها في المنزل، فردّت: «أنا ولا مرّة سألتو عن زياد عيتاني»، وأوضحت أنّ إرسالها له صوَر عيتاني ورضوان مرتضى كان بطلب منه، وليستفسر عن خلفيتهما السياسية وسبب أذيّتهما لي، فقط لا غير»، مؤكدة «انّ غبش من كان يسعى إلى «تبييض الوج» وفي كل مرة يثير موضوع عيتاني».
ورداً على سؤال عبدالله لها، لماذا لم تمنع غبش عن متابعة ملف عيتاني كما سبق وحاولت ثنَيه عن قرصنة مواقع إلكترونية؟ ردت الحاج: «أنا مين لقول لمخبر لأمن الدولة ما يتابِع ملف والجهاز مكلّفو فيه ؟».
وفي استيضاح رئيس المحكمة عن يوم توقيف عيتاني في 23/11/2017، وسؤال الحاج لغبش «أي زياد؟»، قالت الحاج: «هذا أكبر إثبات انني لا أعرف أيّاً من الزيادين، المسرحي أو ناشر موقع أيوب نيوز، لو انّ لدي النية كان من أبسط الايمان ان أعرف هوية كل منهما».
أكثر من 11 ألف رسالة «واتس آب»
وعند الثانية بعد الظهر، وبعد استراحة 10 دقائق، إنتقل عبدالله إلى استجواب غبش عن المرحلة التي تلت توقيف عيتاني، مستنداً إلى داتا الاتصالات بين غبش وبرقاشي، فقال: «أكثر من 11 ألف رسالة واتس آب بينك وبين برقاشي بين 11/3/2017 و25/2/2018.
وبعد توقيف عيتاني، أبلغك برقاشي انه بات في المركز، وانه لا يوجد شيء على هاتفه ولم يعترف بشيء. فطلبت منه الدخول إلى بريد الرسائل INBOX، ولاحقاً أصَرّيت على إرسال له Screenshot عن الرسالة التي بعثتها من حساب نيلي إلى عيتاني، علماً انك سبق وأشرت الى انّ نيّتك من فَبركة الملف ان يقتاد عيتاني إلى التحقيق و«ينضَرب كفّين» فقط، إذاً لماذا أصرّيت وواصلت على تقديم الادلة وتوجيه برقاشي للإطلاع على الرسالة؟».
عند هذا التوضيح اكتفى غبش بالقول: «أرسلتُ الصورة بطلب من برقاشي». فتابع عبدالله: «طالما ما في شي بالرسالة ليش تطلب من برقاشي يفوت على الـinbox؟ أو خفت «كيف بدك تقبض المصريات إذا ما توافر دليل!». فرد غبش: «قبضت من الاساس عند تسليم أمن الدولة الملف».
ثمّ واجه عبدالله غبش باعترافاته لدى فرع المعلومات، ومفادها انّ الحاج لم تطلب منه فبركة ملف لأحد، بل «طرحت فكرة دراسة الحسابات الإلكترونية لكل من زياد عيتاني ورضوان مرتضى، لمعرفة ما يمكن القيام به رداً على تسبّبهما بإقالتها بعد نشرهما صورة عن إعجابها بتغريدة لشربل خليل عن السماح للمرأة السعودية بالقيادة».
فارتبك غبش ما بين التأكيد على اعترافاته السابقة أو التراجع عنها. فقال: «لا مش صحيح»، فسأله عبدالله: «انت كذبت؟». فأجاب: «أمور كثيرة لم اعترف بها».
فكرر عبدالله سؤاله: «ما قلته صحيح أو لا؟ فرد غبش: «فيه جزء من الصحيح. كنتُ أدرس حساب زياد عيتاني المسرحي، وقد أوحَت لي البوستات التي ينشرها أنه يمكن ان يكون لها علاقة بإسرائيل، فكرة التعامل إستَوحيتها من البوستات».
وسأل عبدالله غبش ما إذا اطّلعت الحاج على ملف عيتاني قبل أن يُسلمه إلى أمن الدولة؟ قال: «كنت قد لَوّنت الافكار الاساسية لها، وهي «ما شافت التقرير كلو».
فرد رئيس المحكمة: «لو كانت طلبت منك بوضوح الفبركة أو لو كانت مهتمة برأيك ما كانت اطّلعت على الملف كلّو؟». وتابع مستطرداً «أنت تَستسهِل العمالة مع كل قضية سياسية او انسانية او اجتماعية تقرصن مواقع وتفبرك ملفات عمالة، منها إيزاك دغيم (عسكري متقاعد) نتيجة خلافه مع والدك».
3 شهود
بعدها، استمعت المحكمة إلى إفادة المسرحي زياد عيتاني. وقبل طرح الأسئلة، قال عبدالله: «براءته ثابتة بالنسبة للقضاء، وما حصل معه كان خطأ، كما تحصل بعض الأخطاء عند الأجهزة الأمنية أو القضاء».
ورداً على سؤال حول الأسباب التي دفعته للاعتراف بالتعامل مع إسرائيل، قال: «بدأوا بضربي وتعذيبي وإهانتي منذ اقتيادي في الرنج، وانا مكبل اليدين ومعصوب العينين، ولمّا وصلت الى غرفة التحقيق وكشفوا عن وجهي وجدتُ نفسي في غرفة مظلمة وجدرانها سوداء ومعلقة فيها جنازير، وبدأوا تهديدي بعائلتي».
وأضاف: «هنا حضر ملازم أول عرفت اسمه لاحقاً وهو فراس عويدات، الذي قال لي «الجِن الأزرق لن يعرف مكانك». وعندما سأله رئيس المحكمة لماذا لم تغيّر إفادتك عندما حضر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس واستجوبك؟
أجاب عيتاني: «لأن الملازم فراس عويدات هدّدني قبل مجيء جرمانوس، وكان عويدات وعدد من عناصر أمن الدولة يحيطون بي خلال استجوابي من قبل جرمانوس، وبعد مغادرة الأخير دَعوسوني».
وأشار عيتاني الى مسألة الـ»سكرين شوت»، التي نسخها لإشارة (like) التي وضعتها المقدم الحاج للمخرج شربل خليل. وقال بعد نسخها كتبت للمقدم الحاج «هل يُعقل ذلك سيدتي؟».
فأجابتي: «حصل ذلك بالخطأ عزيزي». عندها حذفت التدوينة، واعتبرت أن الأمر انتهى هنا بعد أن اقتنعت بجوابها، وربما يكون موقع تابع للواء أشرف ريفي نسخ الـ(like) ونشرها. عندها، اتصلت بالمحامي زياد حبيش زوج سوزان، وأبلغته أنني لا أسعى الى أذيّة زوجته، فأجابني: «مشي الحال» وأقفل الخط».
إلّا انّ الحاج نَفت مسألة حديثها معه عبر تويتر، وأظهرت بالوثائق انه «من الاساس مش عاملي مانشن».
ثم استمعت المحكمة الى إفادة المؤهل الأول في أمن الدولة جورج ميسي، الذي نفى أن يكون قد مارس ضغوطاً على عيتاني أثناء توقيفه.
وفي الختام استمعت المحكمة الى إفادة حنين قزيحة، التي قالت انّ «زوجها غبش أخبرها أنه بصَدد البحث عن معلومات تدين زياد عيتاني بجرم التعامل مع إسرائيل، وأنه عثر بالفعل على هذه المعلومات وأطلع الحاج عليها».