صحيح أن اعتذار “حزب الله” باسم رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد عن السجال “غير المرغوب به”، على حدّ قوله، عن الكلام الذي صدر عن النائب نواف الموسوي في جلسة مناقشة البيان الوزاري والذي طال الرئيس الشهيد بشير الجميل ورئيس الجمهورية ميشال عون، طوى صفحة من كتاب خلاف تاريخي بين جهات سياسية حول مسألة مضى عليها الزمن، وذلك بعد مشاورات مكوكية خلف الكواليس بين قوى سياسية عدة دخلت على خط التهدئة، الا ان اتصالات من مرجعيات عليا هي التي جهّزت الارضية للململة ما حصل تحت قبّة البرلمان وسحب فتيل التوتر الذي كاد يتمدد الى الشارع.
وبحسب ما افادت مصادر واسعة الاطلاع “المركزية”، فإن عون الحريص على “تقليعة” الحكومة الاولى في عهده كما سمّاها بهدوء وزخم سياسي لحصد اكبر قدر ممكن من الانجازات، سارع بعد وقوع السجال في مجلس النواب الى الاتّصال بأمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله مستنكرا ما ادلى به الموسوي، لأنه لا يخدم اجواء التوافق المخيّمة على البلد، فوعده نصرالله بمعالجة ما حصل فكان بيان الاعتذار من “حزب الله”، تحديدا من المكان الذي انطلقت منه شرارة السجال، في خطوة تؤشر الى ضرورة معالجة الخلافات داخل المؤسسات الدستورية وليس في الشارع.
لكن ابعد من “النيّات” الصافية في الحرص على مصلحة البلد، قرأ مراقبون، عبر “المركزية”، بين سطور كلام الموسوي رسالة موجّهة الى “التيار الوطني الحر” والرئيس عون مع انه كان موجّها الى رئيس “الكتائب” النائب سامي الجميل.
وتساءل المراقبون: “هل فعلا كلام الموسوي موجّه الى “الكتائب” عبر النائبين سامي ونديم الجميل ام الى الرئيس عون عبر النائب سامي الجميل الذي كان يلقي كلمته ما شكّل المخرج لإطلاق الرسائل السياسية، لاسيما عندما قال انه (اي الرئيس عون) وصل الى سدّة رئاسة الجمهورية من طريق بندقية المقاومة”؟
اما في خلفيات هذه الرسالة المُشفّرة، يشير المراقبون الى “انزعاج “حزب الله” من الاتّفاق القائم بين رئيس الحكومة سعد الحريري والوزير جبران باسيل الذي قال عنه الحريري “بأنه مجنّن كتار” والابتعاد التدريجي بنظر حارة حريك للرئيس عون عن المقاومة “.
ومع كل استحقاق يلمس “حزب الله” مدى ابتعاد حليفه البرتقالي عنه وعدم مساندته في المواقف في محطات سياسية عدة، حتى لو انه يُعلن تمكسه بورقة تفاهم “مار مخايل”. ففي رأي المراقبين، ما حصل في جلسة السجال بين الموسوي والجميل يدل الى “حرج” “التيار” من تصرّفات حليفه بدليل مسارعة نواب من تكتل “لبنان القوي” الى التعليق على كلام الموسوي، خصوصا لجهة رفضهم القول ان عون وصل الى قصر بعبدا ببندقية المقاومة و‘نما نتيجة طبيعية كَونه اكثر قوّة وتمثيلا في الشارع المسيحي، ومغادرة بعضهم القاعة احتجاجا”.
ويختم المراقبون قراءتهم لأبعاد السجال بالقول إنه “رسالة مزدوجة من “حزب الله” اولا الى الرئيس عون لأنه برأيهم رفض العروض التي قدّمها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف خلال زيارته بيروت، وثانيا الى الوزير باسيل ومواقفه واتصالاته، لاسيما مع الحريري والقوى السياسية، وهو ما يجعل الحزب غير مرتاح مما يقوم به من يُفترض انهم حلفاء”.
وكانت معلومات اشارت الى ان “حزب الله” قرر تجميد ممارسة العمل البرلماني للموسوي لمدّة طويلة، عقابا على سلوكه وكلامه، وهو تغيّب عن اجتماع كتلة “الوفاء للمقاومة” الذي انعقد الخميس كتطبيقٍ لمفعول القرار.