كتب د. أنطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”:
المراهقة من أصعب المراحل التي يمرّ بها الأهل وأطفالهم. وتمتدّ من عمر الـ 12 سنة الى الـ18، يتغير فيها مزاج المراهق ويتبدّل على مر الساعات والأيام، هبّات من الغضب على الأهل، أو إنزواء في غرفته… وغيرها من التصرّفات التي لا يعرف الوالدان التعامل معها وسرعان ما يستسلمان. وفي بعض الحالات، يلجأ الأهل إلى العقاب. فهل ينفع العقاب مع المراهقين؟ وكيف يمكن معاقبة المراهق؟ وهل يمكن استبدال العقاب بتصرّف آخر يستفيد منه وأهله على حدٍّ سواء؟
المراهقة ليست سوى مرحلة عمرية يمرّ فيها كل إنسان، حيث يبحث المراهق عن مكان له في عالم «الراشدين» رغم أنّه يكون لا يزال متصلاً بمرحلة الطفولة. لذا نجد في مرحلة المراهقة مزيجاً ما بين الطفولة والرشد.
وخلال تلك المرحلة، تتغيّر سلوكيات الطفل فيطلب الإستقلالية والإهتمام من الأهل في الوقت نفسه، طالباً أن لا يتدخّل أحد في شؤونه من جهة والحنان والحب من جهة أخرى. فأوّل نصيحة أعطيها للوالدين: حتى لو تصرّف المراهق وكأنّه ليس بحاجة إليكما، إعرفا أنّه لا يزال يريد الحنان والتقدير والإحترام.
دور الأهل في معاقبة طفلهم المراهق
للأب وللأم الدور الأساس في معاقبة طفلهما المراهق. ولكن يجب أن يكونا على يقين بأنّ العقاب غير العادل يمكن أن يؤدي إلى توتّر العلاقة بين الطرفين. ولتفادي المشكلات، اتبعا النصائح التالية عندما تقرّران معاقبة طفلكما المراهق:
أوّلاً، الإبتعاد من العدوانية الجسدية واللفظية بشكل كامل. ففترة المراهقة هي فترة حساسة جداً وسيشعر المراهق بالإهانة ويمكن أن يعاند ويحاول إثبات شخصيته من خلال سلوكيات أسوأ ويستفزّ الأهل.
وبشكل عام، لا يمكن للأهل أن يكونوا عنيفين مع أطفالهم خلال تربيتهم، لأنّ الأطفال سيظنّون أنّ العنف تصرّف مقبول ويمكن إستعماله مع الآخرين.
ثانياً، تجنّب العصبية والنبرة القاسية والصراخ مع المراهق بل التعامل معه بهدوء. ومن المعروف أنّ الأهل يجدون صعوبة في التعامل مع أطفالهم المراهقين، فالطريقة الأنسب للتقرّب من المراهق هي الحوار والصبر والتكلم عن مواضيع تهمّه.
ماذا عن العقاب؟
عقاب المراهق مختلف تماماً عن عقاب الطفل. وعندما نتكلّم عن «عقاب» هو ليس العقاب العدواني أو اللفظي، بل هو عقاب بنّاء ولا يجرّح أبداً بشخصية المراهق الذي يحاول بشتى الطرق أن يصقلها ويفرض تقديرها. لذلك، تتنوّع طرق عقاب الشاب أو الصبية ويجب أن يكون ملائماً لسوء تصرفّهما.
ودور الأهل أساسي في إختيار الأسلوب الأنسب للتوجيه. فمثلاً عندما لا يحترم المراهق أوقات العودة إلى البيت ليلاً، لا يمكن الصراخ بوجهه عند عودته، بل يجب ترك الأمر لليوم التالي لأنّ المراهق سيكون «خائفاً» لكسر قواعد البيت وخصوصاً «أوامر» الأهل.
فانتظروا لليوم التالي لطرح بعض الأسئلة عليه كـ«كيف كانت سهرتك؟»، «هل تسلّيت؟»… ثمّ البدء بتوجيه أسئلة حول تصرفاته: «أنا قلقة عليك لأنّك تأخّرت أمس، هل برأيك هذا تصرّف ملائم؟»، «في المرة المقبلة، أتمنى عليك أن لا تتأخر بعد الموعد الذي إتفقنا عليه»… فلا داعي للتسرّع بردة الفعل تجاهه بل تحلّوا بالصبر ثمّ الصبر والصبر. وإذا كرّر المراهق سلوكه غير الملائم، أقترح عليكم معاقبته من خلال الطرق التالية:
1 – حرمانه من شيءٍ ما يحبه:
منعه لفترة معيّنة من الخروج مع رفاقه أو منعه من زيارة أصدقائه المراهقين والتنزّه معهم. فهذا الحرمان يُشعره بمسؤولية تصرفه السيّئ. ومن أهم الأمور التي يجب أن يقوم بها الأهل في هذا المضمار هو التحدث مع المراهق عن تصرفاته فور إنجاز «العقاب» الذي لا يجب أن يكون عقاباً «إنتقامياً» بل عقاباً تربوياً.
2 – مقاطعته:
التوقف عن التحدث معه خصوصاً خلال «نوبات الغضب» التي يمكن أن تحدث معه نتيجة مشاجرةٍ ما مع الأهل أو مع الإخوة. يجب ترك المراهق وحده، والتواصل معه من جديد والتفكير بما يزعجه وكيفية التصرف في حال تكرّرت «نوبة الغضب».
3 – حرمانه من الألعاب الإلكترونية أو مشاهدة التلفاز:
وطبعاً ليس حرمانه من الطعام أو أيّ نشاط جيد لنموّه الجسدي أو النفسي. لذا، يساعد الحرمان من الألعاب الإلكترونية لفترة معينة المراهق في الإلتزام بقواعد البيت وعدم تخطي الحدود مع الأهل.
4 – أعمال إجتماعية:
وهي من أفضل وأنفع الطرق لمعاقبة المراهق. ويقتضي هذا العقاب بالطلب الى المراهق المشاركة في تنفيذ أعمال إجتماعية. فإذا كان المراهق يتنمّر على الأطفال مثلاً، اطلبوا منه أن يقضي ساعات معيّنة في مساعدة المعلمة مع تلاميذها الصغار… ويحبّ المراهقون عادةً أن يظهروا أقوياء لا يهتمّون للعقاب… لكنّ هذا النوع من العقاب يساعد في تعديل تصرّفاتهم.
وأخيراً، لا يجب أبداً على الأهل فرض عقوبة على المراهق ثمّ التراجع عنها. لذا يجب درس نوع العقاب وكيفية تطبيقه جيداً لكي لا يشعر الأهل بالغبن تجاه طفلهم المراهق ولكي لا تسيء العلاقة ما بين الوالدين والمراهق. كما يجب التحلّي بالصبر قبل أن يقرّر الأهل فرض أيّ عقاب عليه..