فتح الانقسام الحاد الذي شهدته جلسة الحكومة الأولى، الباب واسعاً أمام معركة صلاحيات بين الرئاستين الأولى والثالثة، في ضوء المواقف التي اتخذها رئيس الجمهورية ميشال عون خلال الجلسة، وما أعقبها من ردود متبادلة بين قيادات في “تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحر”، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات بشأن مستقبل العلاقة بين عون والحريري، في وقت تبدو العلاقة بين “القوات اللبنانية” و”التيار العوني”، مرشحة لمزيد من التوتر، في أعقاب حملة وزراء “القوات” على أي انفتاح تجاه النظام السوري ولو من بوابة اللاجئين، وهو الأمر الذي يرفضه رئيس الجمهورية وفريقه السياسي والحلفاء في “الثامن من آذار”.
وفيما يتوقع أن تشهد الساعات المقبلة اتصالات لتطويق تداعيات ما جرى في جلسة الحكومة الأولى، أكدت مصادر الرئاسة الأولى لـ”السياسة”، أن “عون يضع مصلحة البلد قبل أي اعتبار آخر، وبالتالي فإن أي تواصل مع النظام السوري هدفه حل أزمة اللاجئين لتخفيف الضغط عن لبنان”، رافضة القول إن “هناك صراع صلاحيات، باعتبار أن رئيس الجمهورية حريص على ممارسة صلاحياته كما حددها الدستور، وفي الوقت نفسه حريص أيضاً على أفضل العلاقات مع الحريري”.
وفي هذا الخصوص، نفى عضو كتلة “المستقبل” النائب نزيه نجم وجود ما يسمى بـ”صراع صلاحيات” بين الرئاستين الأولى والثالثة.
وقال “لن يستطيع أحد الدخول بين عون والحريري”، مشدداً على “أننا نريد بناء البلد وليس تخريبه، فمن يريد أن يبني لبنان عليه أن يفعل كما يفعل الحريري الذي يعمل لمصلحة البلد، كوالده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولا يمكن أن يخطئ في الأساسيات”.
وسأل “من منا لا يريد أن يعود السوري إلى وطنه”، مشيراً إلى أن “طريق عودة اللاجئين موجود في المبادرة الروسية التي لا تزال قائمة”.
من ناحيته، اعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني أن “التطبيع مع نظام الأسد يعني أن لبنان بدأ الدخول في لعبة المحاور في المنطقة ويجعل منه طرفاً في النزاعات، وهذا ضد مبدأ سياسة النأي بالنفس التي اتفقنا عليها”، مشدداً على أن “الجميع مع عودة اللاجئين”، ولكن اعتبر أن “التطبيع يعيد اللاجئ إلى سورية مقاربة خاطئة”. وأشار إلى أن “الحكومة تتضمن تناقضات سياسية لكن الحلول العملية تحتم على الجميع العمل وإذا كان هناك اختلاف سياسي على المواضيع الجوهرية فذلك لا يمنع عمل الأفرقاء داخل الحكومة”.
وفي السياق، قال وزير الخارجية جبران باسيل إن “قدرنا أن نواجه بالفكر الكبير السياسات الصغيرة، والله ينجينا وينجي لبنان من الأفكار الصغيرة”.
وأضاف “العام 2011، قالوا إننا عنصريون وأن علينا أن نقيم مخيمات على الحدود، فلو حصل ذلك لكان لبنان حالياً مسيجاً بالمخيمات، بدلاً من أن يكون مسيجاً بجيشه”.
ورداً على مواقف باسيل، قال نائب “القوات اللبنانية” وهبه قاطيشا إن “التفكير الصغير هو لمن يبيع مصالح شعبه ويعمل شعبويات على حساب المصلحة الوطنية العليا، نحن نظرتنا شمولية أكثر من أي فريق، خصوصاً من يتهمنا بهذا الشكل، ولا مرة بعنا واشترينا من أجل مناصب سياسية وموقفنا من النظام السوري لا يزال كما هو منذ 40 عاماً، فهذا نظام يدمر شعبه ويحاول من جديد تفجير لبنان”.
من جهته، أوضح نديم منلا مستشار الحريري إن ما نقلته قناة “أو تي في” عن لسانه بخصوص موقف الحريري في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة لم يكن دقيقاً، مؤكدا أن الحريري يلتزم في مواقفه وممارسة مهامه انطلاقاً من البيان الوزاري للحكومة، سيما ما يتعلق بسياسة النأي بالنفس وقرارات الجامعة العربية.