Site icon IMLebanon

“فرعية” طرابلس “أكثرية” ولو استقال كبارة!

متسرعة كانت التحليلات ذات الطابع الانتخابي التي قرأت بين سطور قرار المجلس الدستوري القاضي بالدعوة إلى انتخابات فرعية لملء المقعد الذي شغر بإبطال نيابة ديما جمالي، على وقع الطعن الذي قدمه المرشح الخاسر طه ناجي، باعتباره هدية ثمينة قدمتها السلطة الدستورية الأعلى في البلاد إلى تيار “المستقبل”، نظرا إلى أن الاستحقاق الفرعي يجري على اساس القانون الأكثري.

لا يختلف اثنان على أن أي معركة انتخابية طرابلسية تعد مناسبة لرصد النتائج التي سيسجلها “المستقبل” أولا في صناديق الاقتراع، ذلك أن عاصمة الشمال تعد من أكبر المعاقل ذات الأكثرية السنية في لبنان. صورة تفسر التريث الذي تركن إليه مختلف القوى السياسية الحاضرة في المشهد الطرابلسي. ففي وقت تفرد رئيس الحكومة سعد الحريري في حسم ترشيح جمالي مجددا للمقعد الذي أقصيت عنه بضربة دستورية مباغتة، من باب إعادة الاعتبار لجمالي، كما لمن اقترعوا لها في الاستحقاق النيابي في أيار الفائت، فإن الضبابية لا تزال تغلف موقف رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، علما أن مشاركته في الحكومة الحريرية الحديثة الولادة تدفع إلى الاعتقاد المشروع بأن بلوك ميقاتي من المفترض أن يصب في مصلحة الحريري، تماما كما الوزير السابق محمد الصفدي الذي فاجأ الجميع بتموضعه باكرا خلف الحريري، منذ ما قبل الانتخابات النيابية.

وفي انتظار حسم الموقف نهائيا من جانب ميقاتي، الذي يعد بيضة القبان الفعلية في المنازلات، علما أن التيار الأزرق خالف كل التوقعات ورفع لواء مواجهة ميقاتي أولا في الانتخابات النيابية، في وقت كان الجميع يرصد فصول الكباش الحريري مع المعارض الشرس اللواء أشرف ريفي، حرك الوزير السابق المحسوب على “المستقبل” محمد كبارة مياه الترقب الراكدة في المستنقع الطرابلسي، مسرّبا رغبة في الخروج من الندوة البرلمانية لإفساح المجال أمام ابنه كريم لحمل لقب “سعادة النائب” على مدى السنوات الأربع المقبلة. على أن كبارة يتبع أيضا استراتيجية انتخابية قائمة أولا على رصد تحركات الحلفاء والخصوم لحسم خطواته المقبلة، لاسيما في ما بتعلق بالقانون الذي تجري على اساسه انتخابات فرعية مخصصة لملء مقعدين شاغرين. ففيما أعلن المجلس الدستوري أن مقعد جمالي سيملأ على أساس القانون الأكثري، أوضح النائب السابق صلاح حنين، لـ”المركزية”، أن قانون الانتخاب (44/2017) ينص على أن “إذا تخطى الشغور مقعدين في الدائرة الانتخابية الكبرى (وهي في هذه الحال دائرة الشمال الثانية التي تضم أقضية طرابلس – المنية – الضنية)، اعتمدت النسبية” في الانتخابات الفرعية. وهذا يعني عمليا أن المعركة الطرابلسية ستجري على القانون الأكثري حتى لو استقال كبارة.

وفي هذا الإطار، أوضحت مصادر مراقبة، عبر “المركزية”، أن هذا المشهد، على تعقيده، لا يعني أن مشاركة كبارة في المنازلات ستؤثر على فرص جمالي في العودة إلى مجلس النواب، من باب المخاوف من انقسام أصوات “القاعدة الزرقاء” بين المرشحين. لكن ذلك لا ينفي أن صعوبة التكهن – وإن كان لا يزال مبكرا – في النتائج النهائية لا تزال فرضية قائمة. وفي معرض تشريح هذا الاستنتاج، تلفت المصادر إلى أن قرار “الدستوري” يعد فرصة ثمينة لتعويم “اللقاء التشاوري” السني الذي نجح في فرض نفسه مكونا حكوميا على رغم المعارضة الشرسة التي واجهها هذا الخيار على مدى أزمة التأليف الحكومي. وتنبه المصادر إلى أن مخاوف كبيرة ومشروعة أثيرت في الفترة الماضية حول قدرة اللقاء على الصمود في مرحلة ما بعد التشكيل، خصوصا أن أعضاءه حاضرون في كتل أخرى. شكوك يبدو النائب فيصل كرامي، الداعم الأول للمرشح الخاسر ناجي، على أهبة الاستعداد للرد عليها في ميدان الاقتراع الطرابلسي.