IMLebanon

… «داعش» إلى أين؟

هل يختبئ أبو بكر البغدادي في الباغوز السورية؟
لن يستطيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعلان انتهاء تنظيم «داعش» في الأيام القليلة المقبلة بسبب استمرار وجود ما بين ألف إلى ألف و500 مقاتل وقيادي داخل بلدة الباغوز السورية على حدود شاطئ الفرات. ويبدو أن هؤلاء غير مستعدين للاستسلام إلا إذا حصلت صفقة ما في اللحظات الأخيرة. إلا أن دلائل كثيرة تشير إلى أن هناك قيادات كبيرة في الباغوز، ولا يستبعد وجود أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم «داعش» نفسه، داخل المدينة.
ومن خلال صفقة حصلت بين أميركا و«داعش»، سمحت القوات الكردية المحاصرة للمدينة من جوانبها الثلاث بخروج الجرحى والمدنيين والعوائل السوريين وعوائل «داعش» من جنسيات مختلفة ولمن أراد من أفراد «داعش» بالخروج. ويبدو بحسب ما صرح مسؤول أمني استخباراتي عراقي أن «دلائل كثيرة تشير الى وجود قيادات الصف الأول لـ(داعش) داخل الباغوز ومن غير المستبعد أن يكون هناك أبو بكر البغدادي في البلدة».
ويعتمد المصدر على معلومات استخباراتية ودلائل كثيرة تجمعها أجهزة الاستخبارات العسكرية العراقية عن تطورات الأحداث هناك، فيقول: «إن الغذاء والدواء قد شحّ داخل البلدة وهذا ما دفع بالقيادات التابعة لـ(داعش) الى الطلب من آلاف المدنيين وعائلات المقاتلين بالمغادرة وتسليم أنفسهم. وكذلك سمح للمصابين الراغبين بالخروج بالالتحاق بالمدنيين والعوائل، وقد خرج الآلاف من هؤلاء، إلا أن هناك أيضاً بضعة آلاف من عوائل الدواعش لا يزالون بالداخل. وكذلك يُقدّر عدد المقاتلين الباقين في الباغوز بما بين 1000 الى 1500 مستعدين للقتال حتى الموت».
ويؤكد المصدر أن «خروج المدنيين يسمح بقصف البلدة بشكل أسهل وخوفٍ أقلّ من وقوع خسائر بشرية بالخطأ، وخروج كل المدنيين سيتحقق في الأيام المقبلة بما يفتح الطريق نحو قصف مدفعي وجوي محدد من قوات التحالف على مراكز (داعش) ضمن البلدة».
وعن أبو بكر البغدادي، يقول المصدر إن «زعيم داعش لم يخرج بأي تصريح منذ أغسطس من العام الماضي ومن الطبيعي أن يخرج بتصريح يعطي دعماً معنوياً حول لماذا فضّل البقاء في الباغوز والقتال حتى الموت، هذا ما لم يكن البغدادي قُتل أو يختبئ في مكان يصعب عليه التحرّك أو انه داخل البلدة المحاصَرة وهذا الاحتمال الأخير غير بعيد عن الواقع».
وبحسب تقارير صحافية، فقد اكتشفت قوات التحالف عشرات الرؤوس العائدة لنساء خطفهن داعش من الأكراد ضمن سبيه للنساء أثناء المعارك التي خاضها. وهذا قرار يصدر عن شرعيين نافذين يُحضرون المقاتلين للدفاع عن البلدة حتى آخر مقاتل بعيداً عن أي استسلامٍ بسهولة. وبخروج عائلات «الدواعش» يصبح المقاتل أقل تردُّداً وخوفاً على عائلته وأطفاله، وبذلك يستطيع القتال والتنقل بين المواقع والمبيت في أي مكان يصل اليه.
ومن خلال المقابلات التي أجريت مع عائلات الدواعش الخارجين، يتبيّن من هؤلاء أنهم أُخبروا أن الأمم المتحدة ستهتم بهم وتضعهم في مخيمات تضمن سلامتهم. إلا أن هؤلاء وجدوا أنفسهم أمام الأكراد المقاتلين وشاحنات تحمل النساء كالخراف مع أطفالهن إلى داخل محافظة الحسكة.
لا يريد الرئيس ترامب الاحتفاظ بالدواعش ولا بعائلاتهم. فالعراق لا يمانع أخذ العراقيين ليحاسبهم على أفعالهم. وقد نشطت المحاكم العراقية ضد الدواعش، الرجال منهم والنساء، وقد حُكم على أكثر هؤلاء بالموت ولا سيما الأجانب الذين أتوا على معرفة ودراية كاملة. أما أولئك، النساء فقط، الذين وصلوا الى العراق (وعددهم بالآلاف) من دون معرفة وجهتهم، فقد حُكم عليهم بالسجن الطويل الأمد.
وقد ألقت القوات العراقية الأمنية في الآونة الأخيرة القبض على قادة كبار في «داعش» استطاعوا الهروب من سورية والوصول الى العراق. وكذلك صادرت مبلغاً يصل الى مئات الملايين من الدولارات التي يملكها (داعش) وكان يستثمرها في مشاريع تعود عليه بالربح ليستمر بالقتال.
إلا أن المعركة مع «داعش» لا تزال بعيدة عن الانتهاء. فصحيح أن القوات الأمنية العراقية استعادت عافيتها وكذلك قوات مكافحة الإرهاب والقوات الفيديرالية و«الحشد الشعبي»، وصحيح أن البيئة الحاضنة «لداعش» لم تعد موجودة مثلما كانت منذ 2010 إلى 2014 حيث أعلن عن «دولة الخلافة» بعد احتلال الموصل، إلا إنه من الجدير ذكره أن أكثر القادة الدواعش أُوقفوا ووجهتهم الموصل العراقية بينما كانوا يحاولون العودة إلى المدينة التي أعلن  أبوبكر البغدادي من على منبر مسجدها التاريخي (النوري الكبير) ومنارته الحدباء خلافته المزعومة.
وحتى ولو قُتل البغدادي فان العديد من قادة التنظيم قُتلوا من قبل بدءاً من أبو مصعب الزرقاوي. إلا أن قتْل البغدادي يؤخّر تعيين قائد آخر للتنظيم الذي يحتاج قادته للاجتماع والتشاور لانتخاب الخلف، إلا إذا كان البغدادي اختار خلفه أو أشار إليه في أيامه الأخيرة إذا كان لا يزال في الباغوز السورية.
ومن خلال المقابلات الإعلامية، يلاحظ أن غالبية نساء «داعش» لم يتخلين عن عنفوانهن وما زلن يحملن العقيدة التي من أجلها التحقن بـ«داعش»، وهذه العقيدة، مع قتْل البغدادي من عدمه، لن تموت بسهولة بل ستبقى تقلق الشرق الأوسط لسنوات طويلة.