بعد ان أعلنت بريطانيا الاثنين أنها ستحظر “حزب الله” وتُضيفه بالكامل، بما في ذلك جناحه السياسي، إلى قائمتها بالمنظمات الإرهابية المحظورة، يُنتظر أن يسري القرار ابتداءً من الجمعة المقبل، إذا صادق البرلمان الإنكليزي عليه، وهو الخيار المرجّح (رغم معارضة جيرمي كوربين، عضو البرلمان البريطاني وزعيم حزب العمال المعارض، الذي أشار من قَبل إلى أفراد الحزب على أنهم “أصدقاء”).
عمليًا، الحظر يعني أن الانتماء للجماعة، أو التشجيع على دعمها، سيكون تهمة جنائية في بريطانيا، قد تصل عقوبتها إلى السجن 10 سنوات. وبعد أن كانت المملكة المتحدة أدرجت وحدة الأمن الخارجي لـ”حزب الله” وجناحه العسكري ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في عامي 2001 و2008 على التوالي، قررت حظر جناحه السياسي أيضاً. لماذا؟ الحكومة البريطانية، في توضيح لقرارها، أشارت إلى أن الجماعة تواصل حشد الأسلحة، في انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي، في حين تسبب دعمها لبشار الأسد في إطالة أمد “الصراع والقمع الوحشي والعنيف من جانب النظام للشعب السوري”. أما وزير الداخلية ساجد جاويد فقال إن “جماعة “حزب الله” مستمرة في محاولاتها لزعزعة استقرار الوضع الهش في الشرق الأوسط، ولم نعد قادرين على التفرقة بين جناحها العسكري المحظور بالفعل، وبين الحزب السياسي، ولذلك اتخذ قرار حظر الجماعة بكاملها”.
وفي وقت رأى مؤيدو “الحزب” في الإجراء البريطاني “انصياعًا” للإملاءات الأميركية، تقول مصادر ديبلوماسية، لـ”المركزية”، إن هذه الخطوة كانت مدار بحث في الأوساط السياسية الإنكليزية منذ أشهر، إلا أن المناخات الإقليمية والدولية المستجدة، من جهة، والأوضاع الداخلية البريطانية من جهة أخرى (أَعلام “الحزب” رُفعت مرارًا في تظاهرات في قلب المملكة)، ساعدت في إخراجها الى الضوء الآن. فالقرار يأتي غداة مؤتمر وارسو، ولا يمكن إلا اعتباره من نتائجه وإرهاصاته. ففي وقت أرادت واشنطن من الدعوة إليه استنهاضَ الجهود الدولية ضد إيران ونفوذها المتنامي في المنطقة، والذي يشكّل “حزب الله” أبرز المساهمين في توسيعه، يبدو أنها بدأت تجني ثمار ما زرعته، والقرارُ البريطاني المنتظر أول الغيث.
وإذا كان الاتحاد الأوروبي سارع إلى نفض يديه من الموقف البريطاني، على لسان الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موغيريني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون- اللذين أكدا استمرار الفصل بين جناحي الحزب العسكري والسياسي الموجود في الحكومة اللبنانية والذي تتعاطى معه دول القارة العجوز بشكل طبيعي، وذلك من باب تمسّكها بخيار الحوار و”الديبلوماسية الهادئة” لمعالجة الملف الإيراني، خلافًا لواشنطن – فإن المصادر تشير إلى أن الخطوة البريطانية لن تكون لها انعكاسات مباشرة على العلاقات بين المملكة والحكومة اللبنانية، وستكون تداعياتها محصورة في نطاق علاقات “الحزب” بالمملكة ونشاطه فيها. وإذ تشير إلى أن المساعدات الإنكليزية للبنان وأجهزة الدولة ولاسيما منها العسكرية والأمنية ستستمر (وهو ما حرص السفير البريطاني في لبنان كريس رامبلينغ على تأكيده شخصيًا عبر “تويتر”)، تلفت المصادر إلى أن لندن قد تكون، في المرحلة المقبلة، أكثر حذرًا في دعم أي وزارات أو مؤسسات ترى أن لـ”حزب الله” حضورًا أو تأثيرًا عليها.
وفي تقدير المصادر، سيكون التعاطي الإنكليزي مع لبنان وحكومته شبيهًا بقوة بالتعاطي الأميركي، وقوامُه “لا قطيعة”، بل تكثيف لدعم مقوّمات الدولة وبخاصة الأمنية “الشرعية” لتصبح المدافعة “الوحيدة” عن الأراضي اللبنانية، مع تمّسك بالنأي بالنفس وببحث الاستراتيجية الدفاعية، في مقابل مواقف عالية السقف ضد “حزب الله”.