أعلنت كل من باكستان والهند الأربعاء إسقاط طائرات مقاتلة للطرف الآخر في تصعيد خطير للمواجهة بين الدولتين النوويتين.
وبهدف نزع فتيل الأزمة، دعا رئيس وزراء باكستان إلى محادثات مع الهند محذراً من العواقب الكارثية المحتملة في حال عدم “تحكيم المنطق”. وقال في كلمة نقلتها قنوات التلفزيون “هل يمكننا تحمل عواقب أي خطأ في الحسابات مع طبيعة الأسلحة التي لدينا ولديكم؟”
وأعلنت باكستان انها أسقطت مقاتلتين هنديتين في مجالها الجوي وأسرت طيارين، لكنها شددت انها لا تريد “الذهاب نحو الحرب” مع جارتها. وأكدت الهند خسارة إحدى مقاتلاتها وإسقاط مقاتلة باكستانية في اشتباك جوي فوق منطقة كشمير المتنازع عليها في الهيمالايا.
وفي إشارة الى تعمّق الأزمة أغلقت باكستان مجالها الجوي “حتى إشعار آخر”، وأغلقت الهند ستة مطارات على الاقل ومدرجا كبيرا شمال نيودلهي أمام الطيران المدني.
وأشار متحدث عسكري باكستاني الى ان واحدة من المقاتلتين الهنديتين سقطت في كشمير الباكستانية بينما سقطت الاخرى في الجانب الهندي من الحدود المحصنة التي تقسم المنطقة. وقال الجنرال آصف غفور في مؤتمر صحافي “لا نريد التصعيد، لا نريد الذهاب نحو الحرب”، داعيا الى اجراء حوار مع نيودلهي.
ولفت الى أن أحد الطيارين الأسيرين قيد الاحتجاز والآخر في المستشفى. ونشرت وسائل الإعلام الباكستانية الأربعاء شريط فيديو يظهر فيه أحد الطيارين الهنديين معصوب العينين بعد أسره إثر إسقاط طائرته وأكدت مصادر أمنية أن الفيديو صحيح.
ونفى غفور تقارير أولية تحدثت عن اسقاط الهند لطائرة باكستانية، وقال ان التقارير عن اسقاط مقاتلة اف-16 غير صحيحة لأنه لم يتم استخدام هذا النوع من الطائرات في المواجهة.
و لاحقا أعلن المتحدث باسم الخارجية الهندية راجيش كومار عن اصابة طائرة باكستانية شاركت في عملية “لاستهداف منشآت عسكرية في الجانب الهندي”. وقال في مؤتمر صحافي “شاهد الجنود الطائرة الباكستانية تسقط من السماء في الجانب الباكستاني”. وأضاف “خلال الاشتباك خسرنا للأسف طائرة ميغ 21 واحدة والطيار مفقود. باكستان أدعت انها تحتجزه”.
وفي حادث منفصل تحطمت طائرة مروحية واشتعلت فيها النيران خارج مدينة سريناغار في الجزء الخاضع للسيطرة الهندية من كشمير، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، وفقا لما ذكره مسؤولون، مضيفين أن تحقيقا فتح في القضية.
وتتالت هذه السلسلة من الأحداث الخطيرة بين البلدين اللذين يشوب التوتر الشديد العلاقة بينهما منذ التفجير الانتحاري الذي وقع في 14 شباط في كشمير الهندية وأسفر عن مقتل 40 جنديا. وتعهدت نيودلهي حينها بالرد وحلقت طائراتها الثلثاء نحو الاجواء الباكستانية مستهدفة ما قالت انه معسكر لجيش محمد، المجموعة المسلحة التي تبنت تفجير كشمير.
وكانت هذه الغارة الأولى للهند على أرض باكستانية منذ الحرب التي جرت بين البلدين عام 1971 قبل امتلاكهما اسلحة نووية. وفي الوقت الذي نفت فيه اسلام اباد ان تكون الغارة الهندية قد تسببت بأي خسائر، فانها توعدت بسرعة بالرد ما أثار المخاوف من مواجهة كارثية في جنوب آسيا.
وفي وقت سابق الأربعاء سعت الخارجية الهندية الى التخفيف من حدة الوضع عبر التقليل من أهمية غارة الثلثاء، وكررت الادعاءات الهندية بأنها كانت هجوما استباقيا ضد “جيش محمد” مع تخطيط الجماعة لهجمات أخرى. وقالت سوشما سواراج خلال محادثات في الصين مع نظيريها الروسي والصيني “الهند لا تريد أن ترى مزيدا من التصعيد لهذا الوضع، وستواصل العمل بمسؤولية وضبط نفس”.
ودعت الولايات المتحدة مع الصين والاتحاد الاوروبي الى أن يسود التعقل. وقال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو بعد حديثه الى نظيريه الهندي والباكستاني “نحن نشجع الهند وباكستان على ممارسة ضبط النفس، وتجنب التصعيد باي ثمن”.
كما دعت فرنسا إلى “التهدئة” في كشمير حيث تصاعد التوتر في الساعات الأخيرة، وفق متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية. وقال المتحدث في تصريح إن “فرنسا قلقة لتدهور الوضع وتدعو باكستان والهند إلى التهدئة” مشيرا إلى “العمليات العسكرية التي جرت على الحدود الهندية الباكستانية” صباح الأربعاء. وحضت الصين الأربعاء الجانبين على “ضبط النفس” والحوار.
وتمثل هذه المواجهة أول اختبار على صعيد الأزمات الخارجية لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، الذي يعتقد انه مقرب من الجيش النافذ في البلاد والذي جاء الى السلطة العام الماضي متعهدا السعي الى اقامة حوار مع الهند.