Site icon IMLebanon

الضاحية قررت استثناء “المستقبل” من الهدنة

صحيح ان الملفات التي تفوح منها رائحة “الفساد” في لبنان، لا تعدّ ولا تحصى، الا ان حزب الله الذي اعلن غداة تشكيل الحكومة ان المحاسبة والإصلاح سيكونان شعاره في المرحلة المقبلة، يبدو قرّر ولوج ميدان “مكافحة الفساد” من بوابة الـ11 مليار دولار التي “لا أحد يعرف كيف أنفقت”، وفق ما قال الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله منذ اسابيع. ففي مؤتمره الصحافي منذ يومين، الذي خصصه للمطالبة بإحالة ملف “حسابات الدولة” على القضاء والمجلس النيابي لمحاسبة السارقين والمخالفين، تحدث عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله عن حسابات ضائعة بين عامي 1993 و2013 وهبات غير مسجّلة أو مستخدمة في غير وجهتها الأصلية، مشيرا ايضا الى مستندات ضائعة أو مضيَّعة. وقد جدد القول ان “ما اطرحه هو مستندات رسمية إن سلكت مسارها القانوني الصحيح، ستتم محاسبة رؤوس كبيرة تمارس السياسة حتى اليوم”. وشدد على ان “لا يمكن إنجاز قطع الحساب الثانوي وبالتالي الموازنة، من دون تصحيح القيود. أما في مسألة الهبات التي جاءت بعد حرب تموز، فلفت فضل الله الى أنها “تكفي لإصلاح أضرار الحرب وتنفيذ جزء من البنى التحتية” قائلا: “أنا مسؤول عن كلامي”، وسائلا “أين ذهب هذا المال”؟

هذه المواقف لا تحتاج الى “منجّم” لمعرفة الطرف المستهدَف منها: تيار المستقبل والرئيس فؤاد السنيورة. الأخيران التزما الصمت لبرهة، الا انهما، وبعد ان تأكّدا من إصرار “الحزب” على وضعهما في دائرة الشبهات، خرجا عن صمتهما امس. فالرئيس السنيورة الذي يعقد مؤتمرا صحافيا الجمعة للرد على “ادعاءات” الحزب، اعتبر “ان من سخرية القدر ان المرتكب يحاول ان يتهم الاخرين بما تفنن هو في ارتكابه”. أما كتلة المستقبل فوجدت في “بعض المطالعات التي استفاقت مؤخراً على وجود هدر وفساد في الادارة اللبنانية، افتراء لن يمر للاقتصاص من النهج الذي ساهم في إعمار البلد وتطوير الاقتصاد وتوفير مقومات الاستقرار الاجتماعي في البلاد”، مضيفة “لعل الاجدر بمن يرشحون أنفسهم لمكافحة الفساد، أن يسألوا أنفسهم عن كلفة الهدر الذي كانوا شركاء فيه، وعن كلفة تعطيل الدولة والمؤسسات فضلاً عن الاكلاف الباهظة للحروب والمعارك المتنقلة في الداخل والخارج”.

وتعقيبا، ترى مصادر سياسية عبر “المركزية” ان حزب الله الذي انتهج سياسات هادئة تجاه الاطراف السياسيين كلّهم في الايام القليلة الماضية، يبدو قرر استثناء “المستقبل” من هذه “الهدنة”. لماذا؟ الجواب لا يزال ضبابيا حتى الساعة، لكن ربما يسعى الى تسجيل النقاط على التيار الازرق وتحقيق مكسب “شعبي” سريع هو في أمسّ الحاجة اليه اليوم، لتلميع وجهه في الداخل. الا ان تصويبه على “المستقبل” تحديدا واتهامه بهدر المال العام، فلا يمكن فصله عن جهود “الحزب” في الفترة الماضية، لضرب صورة “المستقبل”، سنيا ووطنيا ودوليا ايضا، وتشويهها، وقد بدأت الضاحية في مسار إضعاف “هالة” التيار الأزرق منذ وضع قانون الانتخاب، وصولا الى الاصرار على توزير سنّي من “اللقاء التشاوري” في الحكومة. وفي حين تسأل عن النتائج التي يمكن ان يصل اليها الحزب في حملة الـ11 مليارا التي سبق ان خاضها التيار الوطني الحر تحت شعار “الابراء المستحيل” ولم تفض الى اي نتيجة، تحذّر المصادر من ان يؤدي موقف الضاحية هذا، الى توتير المناخات الداخلية في لحظة مفصلية حيث يفترض ان ينكب مجلس الوزراء مجتمعا ويدا واحدة، على العمل لاطلاق ورشة النهوض الاقتصادي في البلاد. لكن الاخطر ان هذا التشنج قد لا يكون سياسيا فقط بين الحزب والمستقبل، بل قد يتّخذ بعدا مذهبيا ايضا. وتكشف المصادر ان هذه الخشية بالذات، دفعت الرئيس سعد الحريري امس الى زيارة الرئيس نبيه بري في عين التينة، للبحث في كيفية منع تسخين الاجواء المحلية مجددا…