الطقس السياسي في لبنان مرآة عاكسة للطقس الطبيعي خلال شهر فبراير، المتقلب بين صحو وشتاء في اليوم الواحد.
اواخر الاسبوع الماضي، كان الفساد الذي يعتقد الفرنسيون انه لا شفاء منه في لبنان سيد المنابر والشاشات، خصوصا في اعقاب رفع حزب الله راية «مقاومته» بعدما اقفلت او كادت في وجه «مقاومته» الجبهات. وبحسب وثائق النائب حسن فضل الله الذي كلفه الحزب بمتابعة هذا الملف، فإن جميع مكونات الطبقة السياسية الحاكمة متهمة حتى تثبت براءتها، وخصوصا بعض من تربعوا على عرش السلطة الفعلية، المرئية وغير المرئية، في مرحلة ما بعد الانسحاب العسكري السوري من لبنان عام 2005، مع الاكتفاء بالايحاء دون التسمية لـ «الرؤوس الكبيرة» المسؤولة عن ضياع 11 مليار دولار من اموال المساعدات والهبات، مكتفيا بتسليط الضوء على الوجوه الموسومة بإفساد الحياة السياسية والحسابات المالية للدولة دون الاقتراب ممن اطلقوا العنان للتهرب من الجمرك بالتهريب عبر بوابات البحر والجو والحدود البرية، فضلا عن افساد المجتمع بشتى انواع المخدرات المزروعة او المصنعة تحت مظلة الحماية الدائمة، وفي تقدير المعنيين ان الحزب الذي دخل متاهة مكافحة الفساد تطهُرا من تهمة الارهاب لن يصل الى اي مكان اذا ما استمر ينظر الى الفساد والفاسدين بعين واحدة، خصوصا بعد الهبّة السياسية الساخنة التي اتت بالامس من الاجواء البريطانية الباردة هذه المرة، حيث اعلن وزير الداخلية البريطاني ـ الباكستاني الاصل ساجد جاويد الاتجاه لحظر الجناح السياسي لحزب الله بعدما سبق ان ادرج الجناح العسكري، اوروبيا، على لائحة الارهاب، ما يعني ان بريطانيا ستتعامل مع حزب الله السياسي والعسكري كمنظمة ارهابية.
طبعا، هذا الاجراء لن يكتمل قبل اقراره في مجلس العموم، وقد سارع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى التمايز عن الموقف البريطاني بإعلانه، من خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس العراقي برهم صالح، ان لفرنسا علاقات مع الجناح السياسي للحزب الممثل في الحكومة اللبنانية، ولا يمكن لأي دولة ان تدرج حزبا لبنانيا ممثلا في الحكومة على قائمة الارهاب.
الاوساط السياسية المتابعة رأت لـ «الأنباء» ان القرار البريطاني هذا قد يكون مستهدفا لحزب الله، لكنه سيصيب الحكومة اللبنانية في الصميم، وعلى المسؤولين اللبنانيين ألا يكتفوا بالمكابرة او بغرس الرأس في الرمال على طريقة النعامة، لأن من اتخذ مثل هذا القرار يدرك انه جزء من كل آت على لبنان والمنطقة، وفق الحسابات الاميركية والاسرائيلية، والتي تبينها الرئيس الفرنسي باكرا، بحكم الخصوصية اللبنانية التقليدية لدى فرنسا، ومن هنا كان تمييز ماكرون بين الجناح العسكري المصنف ارهابيا والجناح السياسي الممثل في مجلسي النواب والحكومة.
رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لفت الى انه سبق للندن ان ادرجت الجناح السياسي لحزب الله على قائمة الارهاب وهذا شأنها، مشددا على حسن العلاقات مع الجميع، وداعيا بريطانيا الى التعامل مع لبنان كدولة وشعب، لكن وزير الخارجية جبران باسيل قلل من اهمية الاجراء البريطاني مستبعدا ان يكون له اثر سلبي مباشر على لبنان، وفي نبرة متحدية قال باسيل: لو قال العالم كله ان المقاومة ارهاب فهذا لا يجعل المقاومة ارهابا، بالنسبة للبنانيين، حيث تبقى الارض محتلة، تبقى المقاومة محتضنة من الحكومة ومن المجلس النيابي.