Site icon IMLebanon

بخصوص “التعدي على الأملاك العامة”! (بقلم طوني أبي نجم)

تجري في الآونة الأخيرة أكثر من حملة بمؤازرة القوى الأمنية تحت عنوان قمع التعدي على الأملاك العامة، وفي أكثر من منطقة. وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن، مشكورة أطلقت حملة لإزالة الأكشاك والبسطات التي تعتدي على الأملاك العامة في طرابلس وغيرها. ولأنه يجب تطبيق القوانين المرعية الإجراء، أعطت الوزيرة الحسن تعليماتها لإزالة “الكيوسكات” المخالفة على طول الأوتوستراد الساحلي والتي تعتدي على الأوتوستراد والأملاك العامة. أزالت أيضاً بلوكات الباطون من شوارع بيروت التي كانت تشكل اعتداءً على الطرقات والأملاك العامة. حصلت حملة لإزالة التعديات على الأملاك العامة في المنطقة المشتركة بين بلديتي بيروت والغبيري بإشراف محافظي بيروت وجبل لبنان.

كل ما سبق حسن ويستحق التهنئة والتقدير، ولكنه ويا للأسف لا يطال غير التعديات البسيطة وفي معظمها لفقراء لا سند لهم يحميهم من قانون دولة لا تقدر على تطبيقه بالتساوي على النافدين. وعندما أقول دولة، لا أعني حتماً وزيرة الداخلية المشكورة على كل مبادراتها، ولا القوى الأمنية ولا الجيش ولا غيرها من الأجهزة، بل أعني النظام الحاكم بـ”أمه وأبيه”!

فهذا النظام هو على سبيل المثال راعي كل التعديات على الأملاك البحرية على طول الشاطئ اللبناني، هذه التعديات التي تعود ملكياتها إما الى سياسيين بشكل مباشر، وإما الى متمولين يتلطون خلف جهات سياسية تحميها. وهذه المخالفات يقف القضاء والأجهزة الأمنية وجميع المعنيين “عاجزين” عن اتخاذ أي تدبير بإزالتها، لا بل يكتفون بالحديث عن إلزامها بدفع غرامات لا يتم دفعها، في حين أن الدستور والقانون يفرضان إزالتها لأن الشاطئ هو ملك لجميع اللبنانيين ولا يجوز تحويله إلى أملاك خاصة.

وهذا النظام يهاب السلاح غير الشرعي، وهذا ما يجعله عاجزاً أمام التعديات الهائلة على مشاعات الدولة في الجنوب التي تتم مصادرتها، لا بل وتسجيلها بأسماء أشخاص خلافاً للقانون وبفعل هيمنة الأمر الواقع. إنها أملاك عامة أيضاً يا سادة يتم التعدي عليها ومصادرتها وتحويلها أملاكاً خاصة!

وكي لا ننسى، فإن أموال الدولة ومداخيلها هي أملاك وأموال عامة أيضاً وهي ملك الشعب اللبناني وخزينته المنهوبة، وثمة مجموعات منظمة تنهبها، مجموعات سياسية وميليشيوية وغيرها تقوم بنهب الأموال العامة من دون أي حسيب أو رقيب، من التهريب على المرفأ والمطار والحدود البرية عبر التهرّب الجمركي، إضافة الى التهرّب الضريبي، وصولا الى العملات على معظم الصفقات والالتزامات التي تتم من دون احترام أبسط الأصول والمعايير في التلزيم والتنفيذ!

يقول أرنستو تشي غيفارا: “القانون الذي لا يُطبّق على الجميع ويُستثنى منه أحد يجب ألا يُحترم”. عسى أن يتعظ المعنيون فيسارعوا الى تطبيق القوانين على الجميع مهما كانوا “كباراً” أو “نافذين”، فيمنعوا كل التعديات على الأملاك والأموال العامة من دون استثناء إذا كان ثمة نية بقيام دولة القانون على الجميع!